في إسبانيا، ومع طليعة القرن العشرين، يتولّد جنس أدبي جديد بقلم أدباءها من حيث لا يدروا، وهم في خضم ممارستهم غير الواعية لأدب القصة القصيرة .. أو بالأحرى القصيرة جداً، التي تزخر في الوقت ذاته بغنى التجربة، وتنوّع الفكرة، والثراء الرمزي والسردي، والتفاعل الواضح مع النصوص الأدبية الأخرى.

والمترجم إذ قدّم لانطولوجيا القصة الإسبانية القصيرة، فهو يتكفّل بترجمة الكثير منها لأكثر من مائة كاتب وكاتبة إسبان ينتمون لأجيال مختلفة في تاريخ الأدب الإسباني .. في محاولة منه لإثراء المكتبة العربية وتلبية شغف القارئ العربي.

رغم ما سبق، فقد جاءت القصص مبهمة في مجملها، إن لم تكن سطحية .. ولو أردف المترجم كل قصة بالمغزى منها في نهايتها، لكان جهده أكثر نفعاً. وعني، من ناحية أخرى .. فقد حاولت أن استرجع أي قصة وردت عن (نملة) أو (ظلها) بعد انتهائي من قراءة المجموعة .. ولم أتمكن! فهل وردت قصة تشير إليهما بالفعل أم لا؟

لذا، تستقطع المجموعة نجمة واحدة من رصيد أنجمي الخماسي، والتي أقتبس منها (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، قصة (ابن الغسّالة) للأديبة (آنا ماريا ماتوتي 1926 : 2014) .. وهي ذات مغزى إنساني عميق:

“أبناء الناظر يرمون ابن الغسالة بالحجارة لأنه يمر دائماً محملاً بدلو مليء بالملابس، وراء تلك السمينة أمه، في اتجاه المغاسل. حين يمر يطلق أبناء الناظر صفيراً، ويضحكون كثيراً لرؤية ساقيه اللتين تبدوان كأنهما عودان يابسان من ذلك النوع الذي يتكسر بفعل الحرارة محدثا طقطقة. رأسه الصلعاء كبطيخة تغري بالشق رمياً بالحجارة. رأس طويلة ورمادية بها آثار جروح. رأس بليدة تثير كثيراً من الغضب. ذات يوم، غمست الغسالة ابنها في الجفنة ومررت الصابون على رأسه الصلعاء، رأسه البطيخة، رأسه الحجرة، رأسه الغليظة المنتفخة، التي يجب أن تُشقّ نهائياً. وطبعت السمينة قبلة على رأسه الصافية، وفي موضع القبلة، وبضربة حجرة خالصة، أسال أبناء الناظر دمه، إذ ظلوا ينتظرونه مختبئين وراء أشجار العليق المزهرة“.

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل المجموعة القصصية (28) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهي في الترتيب (8) ضمن قراءات شهر مارس .. وقد حصلت عليها من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2023 ضمن (400) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض .. وتحديداً بترشيح من صاحبة دار النشر، والتي رشحت لي كذلك مجموعة قصصية أخرى لنفس المترجم وبعنوان (الفراشة والمرآة) وهي تتناول نفس الانطولوجيا لكن في الجارة البرتغال!

وعلى رف (مجموعة قصصية) في مكتبتي، عدد قليل .. أذكر منها: (بعد منتصف الليل) – تأليف: عبدالوهاب السيد الرفاعي / (تسع عشرة امرأة: سوريّات يروين) – تأليف: سمر يزبك / (العواصف) – تأليف: جبران خليل جبران / (تدابير القدر) – تأليف: محمود شيت خطاب / (اعترافات رجل وقح) – تأليف: وفاء مليح / (يعني إيه راجل؟) – تأليف: د. رشا سمير / (الآن نفتح الصندوق) – تأليف: د. أحمد خالد توفيق / (غزة بلوز) – تأليف: إتغار كيريت / (بيت تسكنه الأشباح وقصص أخرى) – تأليف: فيرجينيا وولف / (رجال بلا نساء) – تأليف: إرنست همنغواي / (حكايات أندلسية) – تأليف: خوان إجناثيوبيريث / (الباب وقصص أخرى) – تأليف: فرناندو بيسوا / (أقاصيص من الأساطير اليونانية) – تأليف: جيمس بالدوين / (A Matter of Life and Death – By: Kelly Critcher)

من فعاليات الشهر: يقابله في العام الهجري 1445 شهر رمضان المبارك، والذي انقطع فيه عادة عن القراءة، غير أنني تمكّنت من استقطاع وقتاً يسيراً للقراءة في هذا العام، وكان مثمراً.

تسلسل المجموعة القصصية على المدونة: 478