الكتاب
طيب أم شرير؟
المؤلف
دار النشر
منشورات ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(2) 2020
عدد الصفحات
211
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
11/29/2019
التصنيف
الموضوع
طعامنا على ميزان الحكيم
درجة التقييم

طيب أم شرير؟

كتاب يضع طعامنا على ميزان الحكيم، فيقلب موازين ما تم التعارف عليه .. فما هش للنفس ظاهراً وبش، يداهن في باطنه الشرور، وذاك الممقوت مُستبرئ كما الذئب من دم ابن يعقوب.

كماركة مسجلة، يتصدّر د. أحمد عبدالملك (عرض المادة العلمية في لغة مبسطة) ضمن سلسلة مقروءة ومسموعة في مجال الصحة العامة، وما يتعلق بها من معلومة واعتقاد وسلوك يتأرجح بين غث وسمين، فيستوجب بالضرورة التوعية والتنقيح! إنه كما علمنا تخرّج في الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا وحصل على زمالة طب العائلة من الكلية الملكية لأطباء العائلة في لندن، وهو يحمل رسالة توعوية يبثّها من خلال حساباته النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عمله في تخصص طب العائلة بمستشفيات الكويت الحكومية .. وقد أصدر عدد من المؤلفات في مجالي الصحة والغذاء.

عليه، يأتي الكتاب بين أيدينا كعدسة مكبرة مسلّطة على ملصق (المحتويات) المدموغ فوق كافة المنتجات الغذائية والذي لا يؤبه له في كثير من الأحيان، رغم أن الأصناف منها تعمّر موائدنا ليل نهار، فيصنفها د. عبدالملك فوق رفين لا ثالث لهما: (طيب) و (شرير)، في (حكم) قاطع تدعمه قرائن القيمة الغذائية، ونتائج ما توصلت إليه الدراسات الحديثة.

يعرض فهرس الكتاب خمسين صنفاً غذائياً ممتد فوق أكثر من مائتي صفحة، أذكر مقتطفات مما علق في ذهني منها، كما يلي:

  • الآيس كريم والفروزن يوغورت .. كلاهما شرير، فإن كان أحدنا آكلاً لا محالة، فليختر أهون الشرين، وليعلم أنه حينما ترتفع نسبة الدهون في الآيس كريم نسبياً، فإنه يتكفل بهضم السكر ببطء. وكنتيجة: شعور أطول بالشبع.
  • يعدد الكتاب لجهاز القلي الهوائي الطيب شروره، كثقل الوزن وكبر الحجم وغلاء الثمن والحاجة إلى التنظيف المستمر. عليه، ليس شره غذائياً، بل اقتصادياً واستهلاكياً .. تهون!.
  • كم هو مدهش أمر هذه البكتيريا، إذ يُحسب لها (وزنها) رغم اعتبارها عضواً منسياً .. ليس لصداقتها الحيوية مع الجهاز الهضمي فحسب، بل لثقلها فوق الميزان باثنين كيلو غرام من جسم الإنسان.
  • ما أشبه الليلة بالبارحة .. كان وصفة للغثيان المصاحب للكحول، وغدا وصفة للغثيان المصاحب للتخمة! إنه المشروب اللذيذ الرايق أبداً .. إنه سفن أب. أما علاقته بعلاج حالات الجنون فهو عبث .. ولم يُثبت علمياً!
  • الجبن المطبوخ القابل للدهن في حقيقته، هو دهن مطبوخ قابل للدهن! عليه، تأتي النصيحة باستبداله بحقيقي، كأمثال الكوتج والفيتا والموتزريلا والتشيدر.

ومن الكتاب الذي يغنم أربع نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس في نص بلون الشوكولاتة ما ورد في الحكم على (النوتيلا) الغنية بالسكر والزيت والفقيرة جداً في الكاكاو والبندق (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

“النوتيلا طبيعية أكثر وتحتوي على محتويات أقل مقارنة بمثيلاتها (مثل زبدة اللوتس)، وهذا قد يجذب المستهلك ظناً منه أنه خيار طيب، لكن الحقيقة أن كمية السكر العالية جداً والدهون المشبعة تلغي أي فوائد موجودة به (كاحتوائه على بندق طبيعي). لذلك استبدالها بزبدة الفول السوداني .. هو الخيار الأفضل لصحتك وصحة أطفالك”.

على الهامش: ومع السكر والسعرات والدهون والنكهات، والوصم بالشرور، وهجاء يتلوه هجاء، استمح جميل بثينة عذراً في الاقتباس، لأقول حميّة: (زعم الناس أن دائي طبّي .. أنت والله يا نوتيللا طبّي).

مع الخمسين صنف الذي يستهل الكاتب فيه برأيه كأخصائي للتغذية وينتهي بحكمه كطبيب، في أبسط ما تكون الكلمة، وفي أصدق ما يُعزز من حجج، وفي أزهى صورة معبرة .. يعكس الكتاب ألوان أخرى من الضوء، أذكر منها ما يلي:

  • يتعرض الكتاب للخلفية التاريخية وشيء من المعلومات العامة لبعض الأصناف، مضافة إلى المعلومة الغذائية والصحية التي هي لبّ الموضوع، مما يثري المنفعة المرجوة من الكتاب. منها على سبيل المثال:
    • الجانب الأخلاقي لهنري هاينز صانع أشهر ماركة كاتشاب.
    • الفضل لشح الشكولاتة أثناء الحرب العالمية الثانية في تطوير الطعم المميز للنوتيللا.
    • زيت الكانولا .. أصل تسميته وخلفية تطوره منذ عصر الصناعة في أوروبا، حتى احتلاله اليوم المرتبة الثالثة ضمن الزيوت الأكثر استهلاكاً حول العالم.

شخصياً، أجد هذه المعلومات الجانبية أكثر متعة وإثارة للفضول نحو الاستزادة في البحث حولها!.

  • يسرد الكتاب الأنواع الأكثر شهرة لعدد من الأصناف، كالتمور، الخل، المكسرات، البهارات، الشاي المثلج …، وكذلك أفضل العلاجات الشعبية.
  • يحتوي الكتاب على وصفات تحضيرية لعدد من الأطعمة، قد تجدها ربات البيوت الأصح غذائياً مقارنة مع ما يُنشر على شبكة الانترنت. منها: الشكشوكة، المخلل، المايونيز، الصلصة، بابا غنوج، الشاي المثلج، السلمون المشوي، الحليب المركز، الفول السوداني.
  • ولأن الشيء بالشيء يُذكر، يستدرج الحديث عن أحد الأصناف الحديث عن صنف مشابه له، ما يزيد من حصيلة القارئ المعلوماتية. كالحديث عن المكسرات المحمصة ضمن موضوع (المكسرات اليابانية)، وعرض الفروق بين سلمون المزارع والسلمون البري من خلال موضوع (جهاز القلي الهوائي)، والبطاطس هل هي طيبة أم شريرة في ختام موضوع (خبز البطاطس).
  • كعادة المؤلف، يخاطب القارئ في ألفة كأنه يراه، بل ويجعله شريكاً في المعلومة التي يطرحها، كأن يحفّزه على التخمين حول كل صنف، وقد خصص الصفحات الأولى من الكتاب لذلك.

وعلى الرغم من أن الكتاب (طيب) إجمالاً، إلا أنه لا يخلو من مآخذ، منها ما يلي:

  • يتقاطع الكتاب في بعض جوانبه مع إصدارات المؤلف السابقة، مما يضفي شيء من التكرار. لا بأس في هذا على كل حال “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ”.
  • صغر حجم الخط المستخدم في طباعة الكتاب، فضلاً عن استخدام لون باهت في بعض الفقرات، ما يعيق عملية القراءة بسلاسة.
  • فقرة الحكم النهائي عن كل صنف جاءت خاوية فنياً على الرغم من أنها لبّه، لا سيما كلمة (طيب) أو (شرير)! يا حبذا لو تم إضافة بعض اللمسات الفنية للفت الانتباه والتأكيد على أهميتها.
  • على الرغم من جاذبية عنوان الكتاب، والذي من شأنه أن يشحذ المخيلة لتصوّر أكثر المناظر تعبيراً، جاء غلافه متواضعاً! تحضرني صورة دونت وردي الوجنتين بقرني شيطان! .. ماذا عن صورة لقاعة محكمة؟ أو قفص اتهام؟ أو مطرقة الحكم؟ أو ميزان؟
  • الفهرس في مقدمة الكتاب خاطئ في تعيين رقم الصفحات بالمواضيع المرقمة من 1 إلى 50.
  • لا يخلو الكتاب من الأخطاء الإملائية واللغوية والمطبعية، بالإضافة إلى الصيغة في كتابة بعض الفقرات، والتي هي بحاجة إلى شيء من التنقيح والتعديل! إن الكتاب متعدد المنفعة ويستحق المزيد من الاهتمام، فلا تشوبه مثل تلك الصغائر.

وكمتفرقات من مآخذ أخرى، أذكر ما يلي:

  • (1) الفروزن يوغرت: صفحة 15/الحكم/فقرة 2: “لكنه أسوأ بكثير من الروب (الزبادي) الطبيعي”. وأقترح: (لكنه بالمقارنة بديل سيء عن الروب “الزبادي” الطبيعي). وللتوضيح: كلمة (أسوأ) توحي بأن الزبادي (سيء) والفروزن يوغورت (أكثر سوءاً) منه، وهذا غير صحيح، فالزبادي كما علمنا (طيب).
  • (10) التمر: صفحة 51/الفقرة على يمين الصفحة/ وصفحة 52 الفقرة الأولى: تذكر المعلومة في الصفحة الأولى “أن هناك أكثر من 2000 نوع تمر حول العالم”. وتذكر الصفحة الثانية أنه “يوجد في شبه الجزيرة العربية والعالم العربي أكثر من 3000 نوع من التمور”. كما هو ملاحظ، يوجد تضارب بين المعلومتين!
  • (11) زيت جوز الهند: صفحة 55/ الفقرة على يمين الصفحة: عبارة (pure poison) جاءت ترجمتها بكلمة (سم). والترجمة الكاملة هي: (سم نقي).
  • (12) الشطة الحمراء (التوباسكو): صفحة 60/ فقرة 4: “… فلا تشرب ماء لأنه عديم الفائدة، الكحول (وخاصة النبيذ) هو أفضل خيار لكن إذا كنت لا تستطيع شربه لأسباب دينية …”. وإن كانت المعلومة الواردة علمية صرفة، فقد يعترض عليها المتشددين دينياً، وقد تؤخذ كنوع من التحريض لتعاطي المحرمات بحجج العلاج وما شابه.
  • (12) الشطة الحمراء (التوباسكو): صفحة 61: “الفلفل الأسود البودرة”. (بودرة) كلمة أعجمية. يُحبذ تعريبها إلى كلمة (مسحوق).
  • (15) السفن أب: صفحة 73/ المقارنة الغذائية/ نقطة 4: ” هذا ما يفسر اللاذعة”. يُفضل تعديل الصيغة إلى: (هذا ما يفسر الطعم اللاذع).
  • (16) المكسرات اليابانية: صفحة 75/ الفقرة الأخيرة: “من بعض السناكات الأكثر شراً الأخرى”. (سناك) كلمة أعجمية. يُحبذ تعريبها إلى: (من بعض الوجبات الخفيفة الأخرى الأكثر شراً).
  • (19) خبز البطاطس: صفحة 87/ الفقرة على يمين الصفحة: وردت كلمة: “الصمون”. وهي كلمة عامية، يُحبذ استبدالها بكلمة (رغيف/ خبز/ شطيرة).
  • (20) الحمص: صفحة 91/ الفقرة الأخيرة: “من الأغذية السوبر”. (السوبر) كلمة أعجمية، يُحبذ تعريبها إلى كلمة (ممتازة/ رائعة).
  • (47) خل التفاح: صفحة 198/ طيب/ نقطة 1: “عرف الطبيب أبقراط ذلك من 25 سنة”. أبو الطب أبو قراط ولد في حقبة ما قبل الميلاد.

مع كل ما سبق، يبقى هذا الكتاب ككتب المؤلف السابقة .. الأكثر نفعاً، والأبسط شرحاً، والأسهل لغة، والألطف تعبيراً.

ملاحظات شريرة على الهامش:

  • 100 خرافة طبية، 50 قاعدة من قواعد الصحة، 50 مقارنة في كتاب ماذا تختار، 50 صنف بين طيب وشرير!!. ما السر في العدد 5 ومضاعفاته مع المؤلف؟

يدّعي علم الطاقة أن أصحاب هذا الرقم يتمتعون بالديناميكية، وصدق الاهتمام، والتأثير بالآخرين، وتحدي الصعاب بذكاء غير اعتيادي!.

  • يُختتم الكتاب بصورة جدارية ذات خلفية عشبية للمؤلف ذو الابتسامة العريضة، عاقد الذراعين لا الحاجبين .. هي هي في كل مكان! أهي الأجمل في الألبوم؟ أم هي ذكرى ما بعد التخرج؟

القمندة: الشعـــــب يـــريـــد صـــــورة حـــديثـــة.

  • رغم تواضع معلوماتي، إلا أن ذاكرتي الفوتوغرافية تؤكد بأن ترويج بسكويت أوريو في منطقتنا جاء متأخراً، وبعد عام 2010 تقريباً .. حتى يأتي المؤلف ليتغنى بـ (فكها دوقها غرقها) مسترجعاً (طفولته) الأسعد ببسكويته المفضل أوريو .. ملمّحاً (بذكاء) إلى عنفوانه!.

هل هو من جيل (الأوريو) حقاً؟ ظننته (وبكل براءة) من جيل الطيبين!.
.
.
.
….. تعلو وجهي ابتسامة شريرة الآن!

بطبيعة الحال، ومع كل تلك التحذيرات .. كم منّا سيصمد أمام ما لذ وطاب؟ فرغم كل المباحات، لم يُخرج أبوانا من الجنة سوى قضمه من فاكهة محرمة!. يبقى التحدي قائماً .. و (كل ممنوع مرغوب)، ليست لذة المحرم فقط، بل لذة الفضول!.

(طيب أم شرير؟) .. تعبير بات مألوفاً فيما نأكل من طعام، وليس فقط فيما نعرف من بشر!.

على هذا .. ألا يستحق مؤلف الكتاب (براءة اختراع)؟

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (73) ضمن قائمة من (85) كتاب قرأتهم في عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط .. وهو آخر كتاب اقرؤه في شهر نوفمبر من بين ثمانية كتب.

أما عن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية من نفس العام ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض، وكم كانت الأجواء طيبة عندما التقيت بالمؤلف شخصياً وحظيت بكتابه وبإهداء خاص منه .. مع خالص الامتنان.

تسلسل الكتاب على المدونة: 184

 

تاريخ النشر: مايو 8, 2022

عدد القراءات:509 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *