الكتاب
دم لفطير صهيون
المؤلف
دار النشر
دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(8) 2002
عدد الصفحات
117
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/08/2022
التصنيف
الموضوع
اليهود بين العقيدة المحرّفة والحقد المتأصل
درجة التقييم

دم لفطير صهيون

وما أبناء صهيون سوى ذرية إبليس في الأرض؟

على الرغم من قصرها، تسلّط هذه الرواية الضوء على حادثة قتل نكراء جرت أحداثها في القرن التاسع عشر وطوى التاريخ صفحتها كحقيقة منسية أخرى من التاريخ الدموي لليهود على أرض المسلمين!

بعد نكسة حزيران 1967 مباشرة ومن وزارة العدل في دمشق، تصل إلى يد الروائي والطبيب المصري د. نجيب الكيلاني (1931 : 1995) صور من محاضر تحقيق ترجع لعام 1256هـ – 1840م، عن اختفاء رجل دين مسيحي على حين غرّة في حارة اليهود، أسفرت عن مقتله غدراً على يد عدد من وجهائهم بعد أن تم استدراجه بخبث إلى حيّهم بتحريض من حاخاماتهم، وذلك من أجل خلط دمه بعجين لصنع فطير مقدس في عيد الفصح له أثر السحر في صنع المعجزات، حسب ما تورده نصوص التلمود لديهم، وقد أتبعوه بخادمه عندما قدم عليهم يتقصّى أثره!

توثّق هذه الرواية المعززة بالقرائن والمراسلات والمخطوطات جريمة قتل (القسيس البادري توما Padre Tomaso Da Calangiano)، وهو الذي -رغم أصله الإيطالي وهويته الفرنسية- عاش في دمشق أكثر من ثلاثين عاماً شهدت أرضها ومن سكن عليها على ما قدّم من خير، وقد تكفّل بقتله عن سبق إصرار وترصّد وتقطيع جثته إرباً اليهودي (سليمان الحلاق) والذي كان يدفن في صدره ضغينة له خلاف ما كان يظهر له من بشاشة، فقد كان الأب توما يعالج الناس طواعية وعن علم وممارسة، ما أفقده الكثير من الزبائن الذين لم يكونوا يلجؤون إليه إلا لفصد الدم، أو متى ما تعذّر وجود الأب نفسه، وهو الذي لم يتورّع كذلك عن قتل خادمه (إبراهيم عمّار) من بعده بنفس الوحشية.

تعكس الرواية التاريخية عدد من الدلالات التي تفضح جبلّة اليهود الدموية المتأصلة والتي يشهد بها عليهم واقع اليوم، فهم إذ يصنّفون غير اليهودي ضمن مرتبة (الأممين) أو (الأغيار) أو كما يُعرف لديهم بـ (الجوييم)، وهي مرتبة أدنى في الإنسانية من اليهودي الخالص قد تتدنى إلى مرتبة الحيوان، يصبح أي تصرّف مع هذا الكائن الأممي وفق ذلك مباح! وقد أظهرت الرواية قدر من هذا التطرّف العنصري والانحلال الأخلاقي والتعطّش للدماء في شخص التاجر اليهودي (داود هراري) وقد بارك صلب القسيس قبل سفك دمه والتلذذ بمشربه من أجل إعادة الفاعلية لذكورته الخائرة، يؤازره في هذا أخوته (يوسف وإسحق وهارون)، ومعهم الحاخامان (موسى سلانيكي) و (العنتابي). لا تقف دلالات الرواية عند هذا الحد، بل تعكس دأب اليهود منذ الطليعة على النفاذ في مفاصل الدولة من خلال تأسيسهم (حارة اليهود)، أو كما يُعرف اليوم بـ (الدولة العميقة)، وهو ما يكشف عن نشاط مبكّر لتأسيس حركة صهيونية عالمية فيما بعد. وقد جاء موقف ولاة المسلمين آنذاك خاضعاً ومتوافقاً .. أو بلغة اليوم (مطبّعاً).

أمّا وقد فُضح أمر المجرمين على الملأ وتم اعتقالهم رهن التحقيق، فقد أعلن أحد الحاخامات إسلامه عندما تفرّغ للاطلاع على الديانتين المسيحية والإسلامية أثناء سجنه، بينما تساقط الباقون تباعاً في اعترافات دامية تقشعرّ لها الأبدان، في قضية كانت أشبه بقضايا الرأي العام آنذاك! حينها، تدّخل عدد من قناصل بعض الدول الأوروبية الموالين لليهود في سير التحقيق، حيث تم بيع الدماء الطاهرة بالمال اليهودي في نهاية القضية، والذي اتسعت له ذمة والي مصر والشام آنذاك (محمد علي باشا) وخزائنه التي سائلتهم: هل من مزيد؟ … فيتم الإفراج عن أولئك القتلة وتُقتل العدالة بدم بارد في المقابل.

ينقل المؤلف صورة عن خاتمة جريمة بشعة تم تطهيرها بجريمة أكثر بشاعة، إذ يقول في نبرة جنون: عندما قرأ شريف باشا والي دمشق ذلك «الفرمان» الغريب لهثت أنفاسه، ودارت به الأرض، اشتد به الضيق وأقعده الخطب الجسيم عن النهوض، ورنت في رأسه كلمة «العدالة» .. لم يذبح البادري وخادمه وحدهما، وإنما قُطّع جسد العدالة إربا إرباً .. سبعة شهور من التحري والتدقيق والتحقيق .. اعترافات كاملة .. شهادات ثابتة .. حتى البلاطة المنفسخة التي حطمت عليها جمجمة البادري، وقطع طربوشه، وعظامه، والسكين، ويد الهاون .. تعاليم التلمود الصريحة .. أقوال الحاخامات .. التفاصيل الدقيقة الصغيرة لكل شيء .. يا ضيعة العدالة .. قناصل الدول الذين شهدوا كل شيء وتحققوا من كل شيء .. قضية الرشوة الأخيرة .. العدالة .. العدالة .. هاهاها!! وأخذ شريف باشا يضحك في هستيرية ثم صاح فحضر العسكر، فقال لهم بصوت عال أجش: (أفرجوا عن جميع اليهود المسجونين .. تلك إرادة الوالي باشا الأعظم .. وليحيى للعدل) .. كان ذلك في يوم 5 سبتمبر (أيلول) عام 1840 ميلادية“.

ومن الرواية التي حصدت كامل رصيد أنجمي الخماسي، والتي قسّمها الروائي إلى اثنين وعشرين قسماً مع تذييلها بالوثائق والمراجع، أقتبس إضافة إلى ما سبق (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) في نص يقطر دماً مسفوحاً، ما تردد في نفس (سليمان الحلاق) الدنيئة وصارح به زوجه في إحدى الليالي قائلاً: «إنني أعتقد أن صلحاء هذا العالم هم البلهاء! لو لم يكن لكل شيء ثمن في هذه الحياة لما وجد الملايين الرغيف. انظري .. إنني أزِنُ عملي بمقدار ما أسعى من خطوات، وبقدر ما أقضي من ساعات، وعلى أساس ما أحققه من نجاح هذا هو الصواب في رأيي، لكن هناك نقطة هامة يا زوجتي، إنني لم أصل بعد إلى الهدف المنشود، ما معنى ذلك؟ ليس له سوى معنى واحد هو أن العمل الشريف وحده لا يستطيع أن يصعد بالإنسان إلى قمة المجد، لا بدّ إذن من الوثب .. القفز العالي .. لا بد من التفكير لكي أصل إلى الهدف الأعظم. أراني مضطراً لأن أكذب وأمالئ وأنافق وأسرق بل وأقتل في بعض الأحيان! ألا ترين كيف حكمت أوروبا العالم وسيطرت عليه؟ وكيف استطاع الإنجليز أن يثبتوا أقدامهم في الهند؟ لا بدّ من الخوض في دماء البشر وجثث الضحايا .. الأقوياء ينتصرون، وليست القوة سيفاً ومدفعاً لكنها عقل يفكر، ولكنها قوة إرادة تسحق هواجس النفس وضعفها، وتسخر من كل القيم النبيلة. الجسور وحده ينتصر ويثري ويبلغ قمة المجد». واحتقن وجه سليمان الحلاق وزمجر قائلاً: «هأنذا ما زلت حلاقاً حقيراً في حارة اليهود .. مهنة تافهة حقيرة يستطيع أن يتعلمها أغبى خلق الله» .. ثم لمعت في عينيه بارقة انتصار وقال: «لكن الأمل لم يزل حيّاً في قلبي .. بيني وبين النصر خطوة واحدة .. قال لي داود هراري سوف نضرب يا سليمان ثلاثة عصافير بحجر واحد: أولاً سنحقق أمراً دينياً هاماً، ثانياً نقضي على منافس خطير، ثالثاً ستربح يا سليمان أنت بالذات مالاً وفيراً»“.

وبما أن التاريخ لا يزال يعيد نفسه ولم يعتبر بعد من يجب عليه أن يعتبر، فلا أبلغ من تصوير حسرة البائع البسيط المنادي في أنحاء دمشق بجانب الجامع الأموي كما أوردها الروائي: “وبالقرب من المسجد الأموي، وقف بائع الكتب والمخطوطات القديمة يتحدث مع بعض الشباب: أنظروا. هذه كتب قديمة عن ذبائح اليهود، وهذه مخطوطات ألفها علماؤنا الأقدمون عن فظائعهم وتاريخهم، ولكن للأسف أنتم لا تقرؤون”.

 

تم نشر المراجعة على جريدة الشرق

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الرواية (53) في قائمة خططت لها أن تضم (70) كتاب لهذا العام 2022، وهي سادس ما اقرأ في شهر ديسمبر حيث بات تحدي القراءة على قدم وساق .. وقد حصلت عليها من متجر جملون الإلكتروني للكتب العربية في ديسمبر من عام 2019، ضمن (35) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.

ولليهود في مكتبتي وفي مكتبة العائلة التي حزتها .. نصيباً موفورا. أذكر مما يتراصّ فوق رفوفهما: بروتوكولات حكماء صهيون / (التوراة / إسرائيل: البداية والنهاية / إسرائيل النازية ولغة المحرقة) لمؤلفها: د. مصطفى محمود / تهويد المعرفة – لمؤلفه: ممدوح عدوان / بنات إسرائيل – لمؤلفه: محمد رجب / النكتة الصهيونية – لمؤلفه: محمد أبو خضور / اليهود فتنة التاريخ – لمؤلفه: ماهر آغا / الصهيونية وخيوط العنكبوت – لمؤلفه: د. عبدالوهاب المسيري / الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية – لمؤلفه: د. روجيه جارودي / الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير – لمؤلفه: محمد أبو شهبة / الموساد: أفعى الإرهاب الإسرائيلية في العالم – لمؤلفه: دنس غيزنبرغ / اليهودية والغيرية: غير اليهود في منظار اليهودية – لمؤلفه: ألبيرتو دانزول / القوى الخفية لليهودية العالمية الماسونية – لمؤلفه: داود سنقرط / تاريخ اليهود في بلاد العرب: في الجاهلية وصدر الاسلام – لمؤلفه: اسرائيل ولفنسون / اليهود في الكويت: وقائع وأحداث – لمؤلفه: حمزة عليان / تاريخ يهود الخليج: البحرين، عمان، الاحساء، الكويت – لمؤلفه: نبيل الربيعي / الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل – لمؤلفه: يوري بار جوزيف / المرأة اليهودية بين فضائح التوراة وقبضة الحاخامات – لمؤلفه: ديب حسن / من أجل صهيون: التراث اليهودي المسيحي في الثقافة الأمريكية – لمؤلفه: د. فؤاد شعبان / بطرس بيتر غالي: من الجد بطرس إلى بيت صهيون والعودة – لمؤلفه: أبو إسلام عبدالله / الجنس عند اليهود: أخبار النساء الصالحات والفاسدات من بني إسرائيل – لمؤلفه: أحمد حجازي / الأكذوبة الكبرى: حرق 6 مليون يهودي في أفران الغاز – لمؤلفه: أحمد التهامي / تلمود العم سام: الأساطير العبرية التي تأسست عليها أميركا – لمؤلفه: منير العكش / سري للغاية: أسرار اتصالات القادة العرب مع إسرائيل – لمؤلفه: جمال الدين حسين / الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية: المخابرات الإسرائيلية – لمؤلفه: مجدي نصيف / نهاية اليهود: قضية حتمية وثوابت قرآنية ونصوص توراتية – لمؤلفه: محمد عارف / من يجرؤ على الكلام: الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي – لمؤلفه: بول فندلي / النشاط اليهودي في الدولة العثمانية: من بدايات القرن الرابع عشر الهجري حتى سقوط الخلافة العثمانية – لمؤلفه: أحمد حلمي / أنا هناك: تجربة طبيب مصري بمستشفى يهودي في أمريكا أثناء حرب العبور 1973 – لمؤلفه: د. محمد عبدالرسول / مجانين السلام: القصة السرية لمفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل – لمؤلفه: ماريك هالتر

من فعاليات الشهر: لا شيء سوى مصارعة الوقت في قراءة المزيد من الكتب وتعويض ما فات خلال العام .. وقد أجّلت عمل الأمس إلى اليوم كثيراً والذي أصبح فائتاً كذلك!

تسلسل السيرة على المدونة: 384

تاريخ النشر: ديسمبر 8, 2022

عدد القراءات:732 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *