مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
بينما يوجز الحديث الصحيح المعنى الوارد في قول النبي الأكرم ﷺ: “وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ”، يتكفّل هذا الكتاب بالشهادة على صدقه فيما يعرض من جبلة اليهود وما هي عليها من صفاقة وتضليل وتدليس، كحقيقة لا لبس فيها!
كطبيعة بشرية جُبلت على تقديس قوة عظمى تعلوها، يصبح من الصعوبة بمكان المس بالذات التي تم تنصيبها كرمز سامٍ أو كمثل أعلى، بل وقد كانت تُشن الحروب عندما تسبق دابة قبيلة بهيمة الأخرى، حتى تأتي التوراة بأشنع ما يمكن تصوره في حق صفوة خلق الله، بل في ذاته تبارك وتعالى “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا”.
فعن التوراة ككتاب سماوي أوحي به إلى موسى عليه السلام -وهو أحد أولي العزم من الرسل- فإن الجدل حول مدى مصداقيتها قد تلقفّته الأديان السماوية الأخرى بالأخذ والرد، إضافة إلى فرق اليهود أنفسهم. حيث لا يعترف السامريون سوى بالأسفار الخمس الأولى من التوراة والتي تأتي على الحقبة من آدم إلى موسى عليهما السلام، بحيث يصبح ما تبقى من الأسفار مجرد ذكريات تاريخية تصف أحداثاً وقعت لأصحاب موسى بعد وفاته بمئات السنين ولا يد له فيها، فما هي إلا كتابات أصحابها ولا يصح تضمينها الكتاب المقدّس. وبحجة أنها غير محسوبة على التوراة كأسفار مقدسة، تحذف الكنيسة البروتستانتية أسفار باروخ وطوبيا ويهوديت والمقابين الأول والثاني، وبعض من سفر أستير وسفر دانيال، في حين تعترف الكنيسة الكاثوليكية بها جميعاً. أما المسلمين، ومع إيمانهم بموسى عليه السلام كنبي مرسل إلى قوم يهود بكتاب التوراة المنزّل من الله، فإنهم لا يؤمنون بصدق التوراة المتداولة، وذلك لما طالها من التحريف والتبديل على أيدي اليهود أنفسهم، وكما جاء في النص القرآني عن ديدنهم: “يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ”.
يضع كتاب (التوراة) المفكّر الراحل د. مصطفى محمود في تسعينيات القرن الماضي، وهو إذ يؤكد من ناحية على تأصل الحمض النووي في خلقة اليهود الأولين والآخرين وفي أفعالهم -وما أشبه الليلة بالبارحة- يؤكد من ناحية أخرى على أصالة الفكر الحر، وحضور المفكر -وإن كان غائباً- بجزالة فكرة، وصدق منهجه، وإخلاصه لما يعتنق. ويُعتبر الكتاب القصير نسبياً بمثابة مقدمة تعريفية لما جال وصال في التوراة، وكدافع تحفيزي للاستزادة والاطلاع على مراجع أكثر تفصيلاً، بل وعلى التوراة نفسها.
ومن الكتاب الذي حصد أربع نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس من هول الأباطيل في نص حارق (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
تم نشر المراجعة في جريدة الشرق
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (34) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو سابع كتاب اقرؤه في شهر يونيو ضمن أحد عشر كتاب .. وقد قرأته ضمن مجموعة من إصدارات المفكّر خلال أسبوع خصصته لإعادة قراءة بعض من إصداراته. أما عن هذا الكتاب تحديداً، فقد اقتنيته مع بدايات إصداره ضمن مجموعة كبيرة من إصدارات المفكر حيث قرأتهم حينها جميعاً، والتي جاءت في طبعة منسوخة بالآلة الكاتبة على أوراق ازدادت صفرة حتى اللحظة.
من فعاليات الشهر: حضرت دورة مهنية مكثفة في مدينة لندن لمدة أسبوعين، لكنها لم تمنعني من متابعة القراءة هناك.
تسلسل الكتاب على المدونة: 150
تاريخ النشر: أبريل 26, 2022
عدد القراءات:723 قراءة
التعليقات