مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كقارئة أحسبني نهمة، تشدّني عادة الكتب التي تتحدث عن الكتب، كما أن الكتب التي ستلتحق بقائمة (أمنيتي) هو ما أرتجيه من أي كتاب أقرؤه! لقد بدى لي هذا الكتاب في الوهلة الأولى وكأنه الذي أبحث عنه، غير أنه أستحق مركز الصدارة في خيبة الأمل.
لقد كان للكاتب قدرة غير عادية في مزج الهراء بالتفاهة بالسطحية بعقدة النقص بالدم المتخثّر بثرثرة شاي العصر باللاشيء، ليستخرج في المحصلة كتاباً ضخماً في العبث، وقد جاء التطبيل الإعلامي في مقدمته الأسخف على الإطلاق، بعد تبيّن كنهه!. أما الترجمة، فقد اشتركت في مكر مع الكاتب بإعطاء جرعات إضافية من كل ما ذُكر .. وكل ما ذُكر جاء كالعادة على حساب الضحية الوحيد في هكذا صدمات .. القارئ!. وكعادتي كذلك مع كل كتاب أُصدم به، أتساءل: هل بالإمكان استرجاع نقودي والانتفاع بها في كتاب آخر؟
لم يكن الكتاب الذي جاء عن ترجمة من نصّه الأصلي (The Year of Reading Dangerously: How Fifty Great Books Saved My Life – By: Andy Miller) سوى لـ (سين) من الناس .. قرر أن يتبنى القراءة كـ (مشروع) بعد طول هجران ومضي الشباب، وقد خطط لقراءة خمسين كتاباً خلال عام -هكذا دفعة واحدة- رصّها في قائمة أسماها بـ “قائمة الإصلاح”، ثم قام بنشره بعد انقضاء الحول ليتحدث -كما ادّعى- عمّا قرأ!! لقد بدت الصورة تتضح لي مع الانتهاء من أول روايتين قرأهما الكاتب وكتب عنهما، وهما: (المعلم ومارغريتا) و (مدل مارش). فعلى الرغم من قراءتي المسبقة للأولى، إلا أنني لم أتمكن من تكوين صورة عن انطباعه حول الروايتين فضلاً عن محتواهما. لذا، فقد جاء قراري الحاسم بالتوقف عن المضي في كتاب أعرج بعد إنهاء ما يقارب 40% منه .. وكم كنت في ذلك صبورة!.
وعلى قدر ما أثار الكاتب الشفقة في فضح دواخل نفسه المتهالكة، على قدر ما جاء عنوان كتابه معبّراً عنها! فأين مكمن الخطورة (يا سوبرمان أوانه) في سنة خُصصت للمراءاة من خلال كتب أصابتك بالملل وأنت تدافع طبع البلادة؟ أم أن تلك الكتب حملت سلاحاً في طيّاتها؟ وما الإصلاح الذي خرجت به؟ وإن كان لي أن اقترح عليك عنواناً، فسيكون: (سنة الترقيع النفسي)!.
فيما يلي، أسرد بشيء من التفصيل ما دفعني لقول ما قلت عن الكتاب الذي لم يستحق ولا نجمة عقيمة من رصيد أنجمي الخماسي، كما يلي:
…. أضع نقطة هنا، ثم (من أول السطر)!.
ولولا أنني تركت الكتاب منكفئاً فوق الأريكة قبل إنهائه، لأصدرت فيه ديوان هجاء .. ويكفي ما كتبت في حقه أعلاه!
لقد استسغت ما قاله ابتداءً وهو يقارن بين عمله المهني وشغفه الدفين .. الخاطرة التي تُفاجئ الفرد بين ما هو عليه وبين ما يصبو إليه، أقتبسه في نص كسير (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
“في مكان ما قرب غيلنغهام في إحدى مساءات نوفمبر الرطبة، بينما كنت عالقاً بين المحطات، أدخل الأرقام في صندوق، وبعد يوم طويل في العمل قمت فيه بإدخال أرقام مشابهة على برنامج إكسل، شعرت فجأة بسؤال يهجم علي: لماذا أضيع حياتي بهذه الطريقة؟ كانت الكلمات هي شغفي وليست الأرقام”.
خاتمته: لمن يعزّ عليه فكره ووقته وماله .. لا تشتري هذا الكتاب!.
رغم ما سبق، تبقى دار النشر إحدى دور النشر العربية الرائدة، والتي تحظى مكتبتي بعدد جيد من إصداراتها .. فلا يقاس هذا الكتاب بجودة إصداراتها في العموم.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (7) في قائمة ضمت (57) كتاب قرأتهم عام 2021 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها من بينها هذا، وثلاثة كتب أعدت قراءتهم من جديد، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان أكثر بكثير، لكن لم تسمح ظروف الحياة لمجابهته! وهو ثالث كتاب اقرؤه في شهر يونيو من بين ستة كتب .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
تسلسل الكتاب على المدونة: 289
تاريخ النشر: يوليو 8, 2022
عدد القراءات:502 قراءة
التعليقات