منذ ما يقارب القرن من الزمان، يتولّد في البرتغال جنس أدبي جديد بقلم أدباءها من حيث لا يدروا، وهم في خضم ممارستهم غير الواعية لأدب القصة القصيرة .. أو بالأحرى القصة القصيرة جداً، التي تتميز رغم إيجازها بقدرتها على تضمين معنى أدبي غزير بين ثناياها. ومع ما يحتويه هذا الجنس الأدبي من إبداعات أدباء البرتغال الكلاسيكيين، أمثال (فرناند بيسوا) و (ماريو إنريكي ليريا)، فإن التوجه المعاصر نحوه يشهد إقبال الكتّاب الجدد بما يبثونه من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وبما يثري هذا الجنس من الأدب مع مواضيع تحاكي الواقع.

والمترجم إذ قدّم لانطولوجيا القصة البرتغالية القصيرة، فهو يتكفّل بترجمة الكثير منها لأكثر من ثلاثين كاتب وكاتبة برتغاليين ينتمون لأجيال مختلفة من تاريخ الأدب البرتغالي .. في محاولة منه لإثراء المكتبة العربية وتلبية شغف القارئ العربي.

رغم ما سبق، فقد جاءت القصص مبهمة في مجملها، إن لم تكن سطحية، وبعضها بعناوين غير مترجمة .. ولو أردف المترجم كل قصة بالمغزى منها في نهايتها، لكان جهده أكثر نفعاً! من ناحية أخرى، وفي حين اختتمت المجموعة القصصية بقصة (مرآة امرأة)، فلم أتمكن من إيجاد أي قصة تتناول (الفراشة) كما جاء في عنوان الكتاب! فهل فقدتها سهواً أم إنها لم ترد أصلاً ضمن المجموعة؟

لذا، تستقطع المجموعة نجمة واحدة من رصيد أنجمي الخماسي، والتي أقتبس منها (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، قصة للأديب (ماريو دي كارفايو 1923 : 1980):

“في مكان خال كان عربي يحرس حبيبته، قرب موقد نار، وجمل يخلد للنوم. كانت منطقة سباع. جاء سبع وزأر. كان في حوزة العربي رمح، وقوس وسهام. فكر: «ها قد أتى السبع، وهو بالقرب مني. إذا أخذت القوس، قد أخطئ السهم ولن يسعفني الوقت لأسدد سهماً آخر. إذا أخذت الرمح، قد يكسره السبع بأرجله. ما العمل؟». أمسك القوس، أمسك الكنانة، أمسك الرمح، وتظاهر بالنوم، مطمئناً إلى موقد النار. وبقفزة واحدة وضربتين، جاء السبع وقضى عليه. فكر السبع: «كان» الرجل قوياً، حتى أنه لم يعرف كيف يستغل قوته! لكن المرأة استيقظت أخرجت الخنجر من صدرها وغرسته في السبع، مخطئة قلبه بقليل. سحق السبع رأس المرأة وفكر: «لم أنتبه تماماً للمرأة». أثناء ذلك، استيقظ الجمل، نهض ببطء ووجه ركلتين لرأس السبع فأرداه قتيلا. «أوف!» .. فكر الجمل: «حسناً فعلت عندما لم أثق في الرجل، ولا في المرأة، ولا في موقد النار“.

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل المجموعة القصصية (29) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهي في الترتيب (9) ضمن قراءات شهر مارس .. وقد حصلت عليها من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2023 ضمن (400) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض .. وتحديداً بترشيح من صاحبة دار النشر، والتي رشحت لي كذلك مجموعة قصصية أخرى لنفس المترجم وبعنوان (ظل النملة) وهي تتناول نفس الانطولوجيا لكن في الجارة إسبانيا!

وعلى رف (مجموعة قصصية) في مكتبتي، عدد قليل .. أذكر منها: (بعد منتصف الليل) – تأليف: عبدالوهاب السيد الرفاعي / (تسع عشرة امرأة: سوريّات يروين) – تأليف: سمر يزبك / (العواصف) – تأليف: جبران خليل جبران / (تدابير القدر) – تأليف: محمود شيت خطاب / (اعترافات رجل وقح) – تأليف: وفاء مليح / (يعني إيه راجل؟) – تأليف: د. رشا سمير / (الآن نفتح الصندوق) – تأليف: د. أحمد خالد توفيق / (غزة بلوز) – تأليف: إتغار كيريت / (بيت تسكنه الأشباح وقصص أخرى) – تأليف: فيرجينيا وولف / (رجال بلا نساء) – تأليف: إرنست همنغواي / (حكايات أندلسية) – تأليف: خوان إجناثيوبيريث / (الباب وقصص أخرى) – تأليف: فرناندو بيسوا / (أقاصيص من الأساطير اليونانية) – تأليف: جيمس بالدوين / A Matter of Life and Death – By: Kelly Critcher

من فعاليات الشهر: يقابله في العام الهجري 1445 شهر رمضان المبارك، والذي انقطع فيه عادة عن القراءة، غير أنني تمكّنت من استقطاع وقتاً يسيراً للقراءة في هذا العام، وكان مثمراً.

تسلسل المجموعة القصصية على المدونة: 479