مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
خواطر على رقتها تغوص في أعماق النفس البشرية، لتلتقط شذرات من أسرارها ومكنوناتها قد تخفى حتى على صاحبها، حتى تأتي المواقف على اختلافها فتكشف عن جوهرها وعن أصل معدنها.
يعرض فهرس الكتاب ثلاثة عشرة موضوعاً، يحمل الأول تساؤلاً عن (ما هو الحب) فيعتقد الكاتب أنه السكينة وليس الممارسة الحميمية، وهو بالكلية توفيق من الله .. أما في الثاني فتمتزج (أناشيد الإثم والبراءة) بالتضرع لله وحبه .. ويأتي الثالث (بدون خيانة من أحد) ليكشف عن صراع الحب المفقود بالحلال والمستعّر بالحرام .. وفي (انقلاب) الموضوع الرابع، يحتاج الخواء النفسي أن يملأ ذاته بالسمو النفسي وألا ينتظر أن يقلبه أحد .. ويؤكد الخامس بأن (العذاب ليس له طبقة) وأن ما من نفس إلا ولها نصيبها من الشقاء .. وفي السادس و (عن الانتحار) يرى الكاتب أن لحظتها هي في الأغلب لحظة كبْر على الله أكثر من أن تكون يأس بقضائه .. ويتحدث السابع منها عن العقلية المستمتعة في الحياة حين تنفد (والمحصول صفر) يصبح بعدها، على عكس العقلية العارفة بالله .. ويعرض الثامن قضاء الله عندما يرمي بها نفساً (أراد أن يرحمها) من نعمة لم تُقدّرها حقاً .. وتستجمع الفصول المتبقية (أهل النار)، (الشجرة)، (مسرح العرائس)، (لا شيء يساوي الحرية)، (دعاء العبد الخطاء) من لآلئ الهدى والنور والحكمة، ليس للقارئ حق اضاعتها!.
ومن الكتاب الذي يحصد نجمات أربع من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس من عبق الروحانيات كلمات مشرقة في نص أثيري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر): “إن الجهاد يطول فلا تتعجل الثمر، فكلما عظمت الأهداف طال الطريق، فلا تبرح الباب، وأطل السجود، وأدم البكاء، فإنك لا تطلب نيشاناً أو جائزة، إنما تطلب وجه صاحب العرش العظيم”.
كلمات كُتبت في ثمانينات القرن الماضي، لا يزال صداها يتردد إلى اليوم مدوياً مؤكداً أن الفكر الحر كأصالة الذهب .. ولا يزال د. مصطفى محمود، المفكر (الغائب الحاضر) .. بأصالة فكره، وصدق منهجه، وإخلاصه لما يعتنق.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (37) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو عاشر كتاب اقرؤه في شهر يونيو ضمن أحد عشر كتاب .. وقد قرأته ضمن مجموعة من إصدارات المفكّر خلال أسبوع خصصته لإعادة قراءة بعض من إصداراته. أما عن هذا الكتاب تحديداً، فقد اقتنيته مع بدايات إصداره ضمن مجموعة كبيرة من إصدارات المفكر حيث قرأتهم حينها جميعاً، والتي جاءت في طبعة منسوخة بالآلة الكاتبة على أوراق ازدادت صفرة حتى اللحظة.
من فعاليات الشهر: حضرت دورة مهنية مكثفة في مدينة لندن لمدة أسبوعين، لكنها لم تمنعني من متابعة القراءة هناك.
تسلسل الكتاب على المدونة: 152
تاريخ النشر: أبريل 27, 2022
عدد القراءات:587 قراءة
التعليقات