مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب يستغرق أقل من ساعتين في قراءة قصصه المتنوعة، والتي تتحدث عن أزمات ومواقف وظروف أحاطت بأصحابها في فترات من حياتهم، وما كان قد اكتنفتها آنذاك من شدة وبؤس وألم وصبر، حتى منّ الله عليهم بفرج من عنده ونصر مبين. يقول الكاتب في مقدمة كتابه وكأنه يتحدث على لسان كل مبتلى: “(وأخيراً جاء الفرج) .. تنطلق هذه العبارة من الأعماق، مع زفرة ونفس عميق واسترخاء، وعيون تشع بالرضا، ولسان يلهج بالشكر والحمد والثناء على الله، وذلك بعد أن ينزاح هم أو تستجاب دعوة أو عودة غائب أو شفاء مريض أو قضاء دين أو تحقق حلم طال انتظاره”.
يعرض فهرس الكتاب -الذي استحق ثلاث نجمات من رصيد أنجمي الخماسي- اثنان وعشرون عنواناً للقصص في مجملها، وقد تشعّبت بين تلك التي وردت في سير الصحابة والتابعين مثل سعد بن أبي وقاص ودعاء الشهادة في سبيل الله، وتلك الأخرى لأناس معاصرين مثل الراعي أبو مشهور الذي وافاه الفرج في لمح البصر.
أتت العناوين تفاؤلية كما يلي:
من خلال الوقت القصير المخصص لقراءة تلك القصص، لا بد وللقارئ أن يسترجع شيئاً من الصعوبات التي يكون قد عايشها في حياته، كثيرة كانت أم قليلة .. قديمة أم آنية .. شديدة أم هينة، ويستحضر معها عظمة الله عز وجل في فرجه وتيسيره ورحمته بعد العسر والشدة والعذاب، جاعلاً نصب عينيه الآية الكريمة: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ”.
وقد تأتي الدروس المستخلصة بشكل آخر، عند التفكر في خوارق اللامعقول .. إذ بذلك الظالم الكاسر ذو الجاه والسلطان، قبالة المظلوم الأعزل إلا من سلاح واحد! وأيما سلاح؟ .. (الدعاء) .. فيصرعه! وصدق الإمام الشافعي حين أبدع فقال:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن لها أمد وللأمد انقضاء
جاءت لغة الكاتب سلسة في أسلوب سهل مبّسط، ينسابان بروية مع القصص المروية في إطار مختصر وحكيم.
(ومع كامل الاحترام لحقوق النشر)، وكمشاركة بنزر من فوائد الكتاب، أقتبس مرة أخرى في نص سماوي ما ورد في قصة (الحلم الجميل):
“لقد كنت أصلي في مسجد المستشفى، فإذا برجل يناديني يا أبا محمد. أتدرون من المنادي؟ إنه صاحبنا، نعم والله إنه الزميل الحبيب الذي كان مشلولاً معاقاً تماماً يناديني وهو يمشي وبصحة جيدة وعافية .. نعم إنها قدرة الله .. ثم إنه الإيمان يصنع المعجزات، قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) .. إنها التقوى، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) .. إنها النجاة والعافية من الله للمؤمنين، قال تعالى (وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ). نعم .. لقد جاءني يمشي”.
ختاماً .. لقد قرأت هذا الكتاب في بواكير العشرينات، وها أنا اليوم أعود لقراءته مجدداً، ليتردد في مسامعي قول الله تعالى عن (أحسن القصص) في كتابه العزيز: “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ”
إنها حقاً قصص تُروى .. لكل مظلوم فيستبشر، ولكل ظالم فيعتبر، ولكل من عوفي فيستبصر!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (23) في قائمة ضمت (52) كتاب قرأتهم عام 2018 تتضمن كتابين لم أتم قراءتهما، وهو أول كتاب اقرأه في شهر يوليو ضمن ستة كتب. أما عن اقتنائه، فقد كان ضمن مكتبة العائلة العريقة التي استحوذت عليها كاملة، والتي تضم كتب قديمة قد لا تتوفر حالياً في المكتبات.
كم هو تفاؤلي أن يكون هذا الكتاب أول كتاب أنشره على مدونتي، عندما افتتحتها في 1 / 1 / 2021 .. وفعلاً: إن أول الغيث قطرة.
تسلسل الكتاب على المدونة: 1
تاريخ النشر: ديسمبر 31, 2020
عدد القراءات:3115 قراءة
إنها حقاً قصص تُروى .. لكل مظلوم فيستبشر، ولكل ظالم فيعتبر، ولكل من عوفي فيستبصر!.
هي حقاً كذلك!.. شكراً هالة.