الكتاب
الرسائل الفلسفية
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Lettres Philosophiques - By: Voltaire
المترجم/المحقق
عادل زعيتر
دار النشر
الأهلية للنشر والتوزيع
الطبعة
(3) 2020
عدد الصفحات
207
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
03/11/2023
التصنيف
الموضوع
حكمة فيلسوف تنويري .. على ما يبدو

الرسائل الفلسفية

كتاب جاء بخمس وعشرين رسالة خطّها فيلسوف عصر التنوير الفرنسي (فولتير 1694 : 1778) أثناء إقامته في منفاه الإنجليزي، والذي كان جوهرها سبباً في نفيه بعد حبسه في سجن الباستيل، وقد تعرضت للحرق عن طريق سطوة طبقة الارستقراطيين آنذاك! وبينما ظهر فولتير محارباً ضد الدين والسياسة والأعراف الاجتماعية لدى أولئك النبلاء، فقد ضمت رسائله أوجه للمقارنة بين الثقافتين الفرنسية والإنجليزية، والتي جاءت لصالح الأخيرة من حيث الحياة الدينية والكنيسة والكهنوت، والجهاز الحكومي ونظام البرلمان ومجلس اللوردات، وأعلام الأدب والعلوم والفلسفة، أمثال الأديب (وليم شكسبير) والفيلسوف الفيزيائي (إسحق نيوتن) مقابل نظيريه الفيلسوف (رينيه ديكارت) واللاهوتي (بليز باسكال).

رغم ما سبق من تقديم عام جيد للكتاب (Lettres Philosophiques – By: Voltaire)، فقد كان بمثابة خيبة من جانب مترجمه (عادل زعيتر)، وهو الذي كان له دور -كما هو معروف- في نقل العديد من الأعمال العالمية إلى المكتبة العربية! فعلى الرغم من مجاهدتي الكتاب حتى الرسالة العشرين، فقد نفدت حيلتي ولم أتم الخمسة الباقين .. ولا أعلم إن كنت حينها أتحايل على النص أم على فولتير أم على زعيتر أم على نفسي أم على عقلي، لأجل فكّ شفرات المفردات والعبارات والجمل والفقرات، والتراكيب اللغوية الأقرب إلى السفسطة، فضلاً عن زخم الأخطاء الإملائية والنحوية.

لذا، ولأنني لم أتمكن من منح الكتاب أية نجمة من رصيد أنجمي الخماسي، فسأكتفي بما يلي من مقتطفات استحسنتها أثناء القراءة، وباقتباس في نص أدهم (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • يحاور فولتير أحد تابعي الكويكر في (الرسالة الأولى: حول الكويكر)، وهي طائفة مسيحية أخذت اسمها من معاني الرجفة أو الرعشة التي تتملّك معتنقها حين يمسّه شيء من الإلهام الروحي. غير أن فولتير يدخل في جدال معه حول التعميد الذي لا يؤمن به، والمفاضلة بين يسوع الناصري ويوحنا المعمدان، والأخذ بالشعائر اليهودية. فيعلّق في ترفّع العقلاء عن سفاسف الفارغين: “وقد احترزت من مجادلته في شيء لعدم وجود مطمع في متعصّب، فليس من الرأي تحديث رجل عن عيوب خليلته، وتحديث مدّعي عن ضعف قضيته، ومخاطبة مجذوب بالبراهين”.
  • أما في ختام (الرسالة السادسة: حول البرسبيتاريين) التي تطرّق فيها فولتير إلى الديانة البرسبيتارية المنتشرة في اسكتلندا، خلاف الفرقة الأنجليكانية القائمة في إنكلترا، واللتان تعدّان السائدتان في بريطانيا العظمى في تلك الحقبة، يقول قولاً عن روح التسامح وحُسن التعايش بين الفرق المختلفة ونبذ تباغض القلوب، وهو يدعو إلى المشاهدة الحية والاستبصار: وادخلوا بورصة لندن .. ادخلوا هذا المكان الذي له من الحرمة ما ليس لكثير من البلاطات، تُبصروا رسلاً من جميع الأمم مجتمعين فيها نفعاً للناس. تُبصرون اليهودي والمسلم والنصراني يتعاملون كما لو كانوا أبناء دين واحد، فلا يُطلقون اسم الكافرين على غير من يُفلسون. وفي البورصة يثق البرسبيتاي بالتعميدي ويرضى الأنجليكاني بوعد الكويكري، ويذهب ليمزج الخمر بالماء في دن باسم الأب من قِبل الابن ذي الروح القدس، ويأمر ذاك بقطع قُلْفَة ابنه، وأن يُدندن فوق ابنه بكلمات عبرية لا يدركها مطلقاً، ويذهب هؤلاء الآخرون إلى كنيستهم كي ما يرتقبون وحي الله، لابسين قبعاتهم على رؤوسهم مع رضاهم أجمعين. ولو وجدت في إنكلترا ديانة واحدة فقط لاعترى النفوس خوف من الاستبداد، ولو وجدت فيها ديانتان فقط لتذابحتا، ولكن يوجد فيها ثلاثون ديانة، وهي تعيش سعيدة متسالمة“.

ختاماً .. وكما يبدو من ظاهر الكتاب، بأن قدر الأضداد أن تجتمع لا محالة في الكيان الواحد! فالاتزان لا يخلو من هزل، والعبقرية تختلط بالشطحات، والقسوة تسمح بمتنفس من حرية، والبؤس يشوبه الإبداع .. وكما أراد فولتير أن يرسّخ قيم ما بين تلك المتناقضات، فقد أكدّ على أن القمع لا بد وأن يشعل فتيل الثورة، وأن رقيّ الإنسان هو مطلب كل القيّم. وهذا مطلب تعلّم الفلسفة التي تستهويني .. وما قاله فولتير في هذا الشأن صادف ما أؤمن به من قيم: “وتجد بين من يقرأون، عشرين يطالعون روايات في مقابل واحد يدرس الفلسفة، فعدد من يفكرون قليل إلى الغاية، ولا يعنّ لهؤلاء أن يكدروا صفو العالم”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (4) في قائمة طويلة من كتب فكرية خصصتها لعام 2023 والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله .. وهو أول كتاب اقرؤه في شهر مارس، وقد أهدانيه عزيز على قلبي في أكتوبر .. شهر ميلادي من عام 2022، والذي ابتاعه لي خصيصاً من مكتبة جرير.

على الهامش: وعن الترجمة مجدداً إذ لم يأتِ نفوري من فراغ، فقد كانت لي خبرة سابقة مع المترجم من خلال كتاب (ابن رشد والرشدية) للمؤرخ (إرنست رينان)، وكتاب (أصل التفاوت بين الناس) للفيلسوف (جان جاك روسو) .. اللذان لم يختلفا في رداءة الترجمة. ولا زال القلق يساورني! فعلى مكتبتي مجموعة أخرى للمترجم لم اقرأها بعد، تضم: كتابي (حضارة العرب) و (اليهود في تاريخ الحضارات الأولى) للمؤرخ (غوستاف لوبون)، ومجلدين (روح الشرائع) للفيلسوف (مونسكيو)، وكتاب (العقد الاجتماعي) للفيلسوف (جان جاك روسو)، وكتاب آخر لـ (فولتير) هو (كنديد أو التفاؤل).

من فعاليات الشهر: لا شيء مميز سوى مصارعة الوقت لاستكمال أعمال فائتة عن العام الماضي .. وقد أجلّت عمل الأمس إلى اليوم وإلى الغد وإلى ما بعد الغد .. وقد صادف العشر الأواخر منه استهلال رمضان المبارك لعام 1444 هجري، وهو الشهر الذي أتوقف فيه عن القراءة، لاغتنام الخير المشمول به!

تسلسل الكتاب على المدونة: 404

 

تاريخ النشر: مارس 14, 2023

عدد القراءات:272 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *