مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب جاء بخمس وعشرين رسالة خطّها فيلسوف عصر التنوير الفرنسي (فولتير 1694 : 1778) أثناء إقامته في منفاه الإنجليزي، والذي كان جوهرها سبباً في نفيه بعد حبسه في سجن الباستيل، وقد تعرضت للحرق عن طريق سطوة طبقة الارستقراطيين آنذاك! وبينما ظهر فولتير محارباً ضد الدين والسياسة والأعراف الاجتماعية لدى أولئك النبلاء، فقد ضمت رسائله أوجه للمقارنة بين الثقافتين الفرنسية والإنجليزية، والتي جاءت لصالح الأخيرة من حيث الحياة الدينية والكنيسة والكهنوت، والجهاز الحكومي ونظام البرلمان ومجلس اللوردات، وأعلام الأدب والعلوم والفلسفة، أمثال الأديب (وليم شكسبير) والفيلسوف الفيزيائي (إسحق نيوتن) مقابل نظيريه الفيلسوف (رينيه ديكارت) واللاهوتي (بليز باسكال).
رغم ما سبق من تقديم عام جيد للكتاب (Lettres Philosophiques – By: Voltaire)، فقد كان بمثابة خيبة من جانب مترجمه (عادل زعيتر)، وهو الذي كان له دور -كما هو معروف- في نقل العديد من الأعمال العالمية إلى المكتبة العربية! فعلى الرغم من مجاهدتي الكتاب حتى الرسالة العشرين، فقد نفدت حيلتي ولم أتم الخمسة الباقين .. ولا أعلم إن كنت حينها أتحايل على النص أم على فولتير أم على زعيتر أم على نفسي أم على عقلي، لأجل فكّ شفرات المفردات والعبارات والجمل والفقرات، والتراكيب اللغوية الأقرب إلى السفسطة، فضلاً عن زخم الأخطاء الإملائية والنحوية.
لذا، ولأنني لم أتمكن من منح الكتاب أية نجمة من رصيد أنجمي الخماسي، فسأكتفي بما يلي من مقتطفات استحسنتها أثناء القراءة، وباقتباس في نص أدهم (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
ختاماً .. وكما يبدو من ظاهر الكتاب، بأن قدر الأضداد أن تجتمع لا محالة في الكيان الواحد! فالاتزان لا يخلو من هزل، والعبقرية تختلط بالشطحات، والقسوة تسمح بمتنفس من حرية، والبؤس يشوبه الإبداع .. وكما أراد فولتير أن يرسّخ قيم ما بين تلك المتناقضات، فقد أكدّ على أن القمع لا بد وأن يشعل فتيل الثورة، وأن رقيّ الإنسان هو مطلب كل القيّم. وهذا مطلب تعلّم الفلسفة التي تستهويني .. وما قاله فولتير في هذا الشأن صادف ما أؤمن به من قيم: “وتجد بين من يقرأون، عشرين يطالعون روايات في مقابل واحد يدرس الفلسفة، فعدد من يفكرون قليل إلى الغاية، ولا يعنّ لهؤلاء أن يكدروا صفو العالم”.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (4) في قائمة طويلة من كتب فكرية خصصتها لعام 2023 والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله .. وهو أول كتاب اقرؤه في شهر مارس، وقد أهدانيه عزيز على قلبي في أكتوبر .. شهر ميلادي من عام 2022، والذي ابتاعه لي خصيصاً من مكتبة جرير.
على الهامش: وعن الترجمة مجدداً إذ لم يأتِ نفوري من فراغ، فقد كانت لي خبرة سابقة مع المترجم من خلال كتاب (ابن رشد والرشدية) للمؤرخ (إرنست رينان)، وكتاب (أصل التفاوت بين الناس) للفيلسوف (جان جاك روسو) .. اللذان لم يختلفا في رداءة الترجمة. ولا زال القلق يساورني! فعلى مكتبتي مجموعة أخرى للمترجم لم اقرأها بعد، تضم: كتابي (حضارة العرب) و (اليهود في تاريخ الحضارات الأولى) للمؤرخ (غوستاف لوبون)، ومجلدين (روح الشرائع) للفيلسوف (مونسكيو)، وكتاب (العقد الاجتماعي) للفيلسوف (جان جاك روسو)، وكتاب آخر لـ (فولتير) هو (كنديد أو التفاؤل).
من فعاليات الشهر: لا شيء مميز سوى مصارعة الوقت لاستكمال أعمال فائتة عن العام الماضي .. وقد أجلّت عمل الأمس إلى اليوم وإلى الغد وإلى ما بعد الغد .. وقد صادف العشر الأواخر منه استهلال رمضان المبارك لعام 1444 هجري، وهو الشهر الذي أتوقف فيه عن القراءة، لاغتنام الخير المشمول به!
تسلسل الكتاب على المدونة: 404
تاريخ النشر: مارس 14, 2023
عدد القراءات:272 قراءة
التعليقات