الكتاب
الحياة بعد الحياة
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Life After Life - By: Raymond Moody
المترجم/المحقق
سعيد العمر
دار النشر
منشورات دار علاء الدين
الطبعة
(6) 2010
عدد الصفحات
102
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
08/22/2022
التصنيف
الموضوع
تجارب الاقتراب من الموت ومشاهدات ما بعده
درجة التقييم

الحياة بعد الحياة

كتاب يتحدث عن تجربة الاقتراب من الموت، ضمّنه المؤلف -وهو طبيب أمريكي اختص في علم النفس بعد أن حصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة ودرّسها في الجامعات- مائة وخمسين حالة لأناس خاضوا التجربة وأخبروا بها بعد أن تم إحيائهم من الموت السريري، إما عن طريق التواصل المباشر مع بعض هذه النماذج، أو جمع المعلومات عن النماذج الأخرى .. وكل ذلك من خلال بحث مطوّل أضاف لما أضافه الآخرون من قبله في هذا المجال الميتافيزيقي المبهم.

يتحدث العائدون من الموت عن النفق المظلم الذي كانوا يقفون على طرفه، والضوء الساطع المنبعث عند طرفه الآخر حيث الأحبة السابقون في الانتظار، ومن ثم الانجراف خلاله، ومشاهدات الماضي في لمحات واضحة وسريعة، والشعور العارم بالسعادة والسلام وخفة الروح الخارجة عن الجسد المادي، والبصر النافذ والسمع التام ولغة التخاطر، ومرافقة الكائن النوراني وما يمنحه من أمان وعناية وطمأنينة، لا سيما عند الإخبار بقرار العودة إلى الحياة مرة ثانية، من أجل الهدف الذي عليهم إتمامه هناك!.

ينشر د. ريموند مودي (1944) كتابه عام 1975، والذي يحقق نسبة مبيعات عالية تتعدى ثلاثة عشر مليون نسخة، ويُترجم إلى عشرين لغة عالمية، ويُلهم الأحياء بطُرق للتفكير جديدة، روحية، وأكثر انفتاحية، حول مفهوم الحياة والموت. وعلى الرغم من اعتبار المؤلف بمثابة عرّاب الحركة الحديثة لتجربة الاقتراب من الموت، فقد قوبل كتابه من ناحية موضوعية بالنقد، من حيث افتقاره للأدلة المنطقية والتجريبية، إذ لم يتعرّض للحقائق العلمية الخاصة بحالات الهلوسة التي تتقاطع إلى حد كبير مع حالات الاقتراب من الموت، فضلاً عن الطابع الشخصي للمقابلات مع أصحاب التجارب، وقلة التحليلات الطبية والبيانات الإحصائية الداعمة.

رغم أن الكتاب (Life After Life – By: Raymond Moody) يخلو من فهرس لمحتوياته، فقد رصدت الموضوعات التي تعرّض إليها المؤلف كما جاءت بالترتيب، والتي تبدأ بمدخل قصير وكلمة كمقدمة، وتنتهي بعرض مجموعة من الأسئلة والإجابات الواردة عنها، وصفحة أخيرة عن الانطباعات، أعرضها فيما يلي:

  • خبرة (تجربة) الموت
  • ظاهرة الموت
  • التقارن
  • الإنجيل
  • أفلاطون
  • كتاب التيبت عند الأموات
  • إمانويل سفيد بنورغ

ومن خلال تجربة الاقتراب من الموت (Near Death Experience) يحصر المؤلف في موضوع (ظاهرة الموت) تحديداً، خمسة عشر عنصراً تشترك فيها كل الحالات، بغض النظر عن الاختلاف العرقي والديني والجغرافي بينها جميعاً. وهي متسلسلة كما يلي:

  1. تجربة الموت
  2. صعوبة التعبير
  3. الشعور بالسكينة والسلام
  4. الضجيج
  5. الدهليز المظلم
  6. في غير الجسد
  7. لقاء الآخرين
  8. المخلوق النوراني
  9. صور من الماضي
  10. الحد أو العتبة
  11. العودة
  12. كيف التحدث عن تلك المشاعر للآخرين
  13. التأثير على مجرى الحياة
  14. نظرة جديدة إلى الموت
  15. التأكيد

ومن تلك التجارب، أعرض ما علق في روحي منها بعد القراءة، وقد حظي الكتاب بنجمتين من رصيد أنجمي الخماسي، كما يلي:

  • السمع والبصر .. تبقى الحاستان قويتين كما كانت عليه في الجسد الفيزيائي، بل تؤكد بعض الحالات حدّة البصر ونفاذه. حيث تصف إحدى السيدات تجربتها كاملة وقد كان بصرها الروحي بلا حدود، كما ذكرت، بحيث مكّنها من رؤية كل شيء في كل مكان وفي نفس اللحظة! فالهرج في الخارج، وعربة الإسعاف واقفة، والأشخاص الذين كانوا يقتربون من جسدها، قد رأتهم جميعاً، لكن من خلال الوعي الذي بقي في مكانه بعد نقل جسدها بعيداً عنه، وقدرتها على الانتقال إلى أي بقعة فوق الأرض بمجرد رغبتها في ذلك. أما السمع، فلم يكن حقيقياً كما في العالم الفيزيائي، حيث كانت الأصوات تنتقل عبر الرسائل والأفكار المتبادلة كما في حالة التخاطر، فقد تمكنت من فهم ما يجري لا من خلال الاستماع إلى حديث الناس بالجوار، بل من خلال الوعي القارئ للأفكار.
  • أما المخلوق النوراني، فقد اختلف وصف ماهيته باختلاف الاعتقاد الديني لكل حالة! فلدى المسيحي هو السيد المسيح، ولدى اليهودي فهو ملاك، ولدى آخرين رسول أو دليل، ولدى الملاحدة فمخلوق نوراني وحسب، غير أن الوصف العام لا يحمل صورة كائن ذو أجنحة كبيرة، أو عازف للقيثار، أو هيئة إنسان، بل هو نور تام. وهو يدخل في اتصال مباشر مع المتوفى، لا بصوت مسموع، بل بالتخاطر أيضاً، وهو تبادل حوار أو أفكار لا يتمكن المتوفى من ترجمتها إلى لغته الأم أو إلى أي لغة أخرى بعد عودته إلى الحياة. رغم ذلك، فقد استطاع غالبية العائدين من الموت من صياغة ذلك التخاطب الصامت في أسئلة محددة وجهّها المخلوق للمتوفى، مثل: مدى استعداده للموت، وما قدّم في حياته، والأحداث الكبيرة التي خبرها فيها، وما إذا كانت ذات نفع أو عبث! وهي أسئلة واجه المخلوق النوراني إجاباتها بكل حب وتفهّم ودعم، مهما كانت لصالح المتوفى أو ضده، وقد كان الهدف من طرح تلك الأسئلة على المتوفى هو إعادة النظر في حياته الماضية، والتفكّر بواقعية، ومن ثم توجيهه نحو طريق المعرفة الحقيقية.
  • وعلى الرغم من رغبة معظم أصحاب تلك التجارب البقاء حيثما انتقلوا بعد الموت، رغبة حقيقية، لا سيما بعد متابعة التجربة وملاحظة التغيرات الهامة التي طرأت .. إلى حد المعارضة، والإصرار على البقاء مع الكائن النوراني، فإن بعض التجارب سجّلت قراراً نهائياً بالعودة، وذلك عن تقدير جاد للمسئوليات الواقعة على عاتقهم في الحياة التي تركوها، لا سيما في حالات النساء اللاتي آثرن العودة من أجل أطفالهن وأزواجهن وعوائلهن، ولاستكمال مهامهن الأرضية الأخرى.

ومن الظاهرة، أقتبس في نص روحي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، ما جاء في وصف المؤلف للحظة التي تغادر فيها الروح الجسد، وما يتلوها من أعراض ومشاعر ومشاهدات ولقاءات، حتى لحظة إعلان قرار العودة إلى الجسد في هذه الحياة من جديد .. مؤكداً على أن هذا الوصف لا يعتمد على رواية حالة واحدة، إنما هو بمثابة نموذج عام استخلصه من روايات عديدة تتضمن تلك العناصر التي جاءت مشتركة بشكل لا يدع مجالاً للصدف أن تحدث، فيقول: يموت الإنسان ويسمع في اللحظة التي تصل فيها معاناته وآلامه الفيزيائية إلى الحد النهائي، كلام الطبيب، الذي يعلن وفاته، ويسمع ضجيجاً مزعجاً وصفيراً حاداً ، أو طنيناً قوياً ، ويشعر بنفس الوقت أنه يتحرك بسرعة كبيرة عبر دهليز أسود طويل، ويكتشف نفسه بعد ذلك بغير جسمه، لكنه الفيزيائي مع ذلك ما يزال في وسط فيزيائي ، ويرى جسده عن بعد كمشاهد غريب، ويراقب محاولات الآخرين في إعادته للحياة، وبامتلاكه لهذه المقدرة الغريبة يتواجد في حالة الصدمة الانفعالية”. غير أنه ما يلبث حتى يبدأ باستيعاب ما يجري حوله من تحول مفاجئ لا مألوف، واستعادة الأفكار، والاستعداد للتأقلم، وتلقي ما هو في انتظاره. فيستمر المؤلف ويقول: “وبعد قليل من الوقت تتجمع له الأفكار ويعتاد بالتدريج على وضعه الجديد، ويشعر أنه يملك جسماً ما، ولكن من طبيعة أخرى وبمواصفات مختلفة تماماً. ثم تحصل معه أحداث أخرى سريعة، فتأتي أرواح أناس آخرين لاستقباله ومساعدته، ويرى أرواح أقاربه وأصدقائه المتوفين، ويظهر أمامه كائن مضيء يشع بالحب والحرارة الروحانية لم يصادف في حياته مثله. ومن دون أية كلمة يطرح هذا الكائن عليه سؤالاً يمكنه من تقييم حياته الماضية، وينظر إليه من خلال صور لحظية لأهم أحداث حياته تتراءى أمام نظره الفكري في الترتيب العكسي”. وتستمر التجربة الجديدة بالطوَفان حتى يحين ختامها، حيث “يكتشف في إحدى اللحظات أنه اقترب من عارض ما أو حد يفصل بين الحياة الأرضية وحياة الآخـرة، ويشعر أن عليه العودة إلى الأرض، فلحظة حياته لم تأت بعد. غير أنه يرفض العودة، ويبدأ المقاومة، فهو الآن يعرف ماهية الحياة الأخرى ولا يريد العودة، لأنه يفعم بالسعادة والحب والهدوء، ولكن رغم رغباته في عدم العودة يعود بطريقة ما فيتصل مرة أخرى بجسمه الفيزيائي، ويعود إلى الحياة الآخرة”. وماذا يحدث بعد خوض هذه المغامرة الروحية التي ودّ من خاضها ألا تنتهي؟ إنه لا يملك سوى أن يتحدّث عنها ويتحدّث، رغم اللغة التي لا تُسعف معنى ما خاضت روحه! يقول المؤلف: “يحاول بعد ذلك وصف ما حصل معه للآخرين، ولكن يجد صعوبة كبيرة في التعبير، فهو أولاً لا يجد الكلمات المناسبة، والتي تستطيع حمل هذه المعاني والأوصاف في اللغات البشرية، كما أنه يصطدم بالهمز واللمز من قبل الآخرين فيتوقف عن التحدث، غير أن هذه الأحداث تؤثر وبعمق على مجرى حياته، وتغير من تصوراته حول الموت، كما تغير علاقة الحياة بالموت وبالعكس”.

عني شخصياً، فقد اطلعت على المقابلة التي أجريت مع د. إبين ألكسندر، وهو طبيب أمريكي مختص في جراحة المخ والأعصاب، خاض تجربة الاقتراب من الموت، فوصفها بشكل أغرب من الخيال، وأصدر كتاباً بعنوان (Proof of Heaven) أو (الدليل على وجود الجنة)، تحدّث فيه بلغة علمية-طبية، وقد تمت ترجمته إلى اللغة العربية، بعنوان: (برهان الملكوت: رحلة طبيب إلى الحياة الأخرى)، وله موقع يهتم بالأمور الروحانية على شبكة المعلومات. كذلك، شاهدت فيلم بعنوان (Miracles From Heaven) يحكي قصة حقيقية لطفلة أمريكية عانت من مرض لا علاج له، وخاضت التجربة من خلال حادث مأساوي، ثم عادت لتقص على عائلتها عن جمال العالم الخارجي الأخاذ، وعن الكائن الذي قابلها وشفاها تماماً ثم أعادها إلى الحياة من جديد.

ولفضولي نحو هذا المجال الغامض بين العلم والروح، جاءت الصفحة الأخيرة بما يرضيه! حيث عرضت قائمة غنية من الإصدارات الأخرى لدار النشر في نفس المجال، والتي أسعى لاقتنائها كاملة قدر الإمكان. أذكر منها على سبيل المثال: رحلة في أسرار العقل / البنية الثنوية للكون وقوانينه / الحياة بين الحيوات: التخصيص الروحي / تشخيص الكارما: الارتقاء الروحي

ختاماً، إنه كتاب يفتح نافذة على فضاء الإيمان بالغيب اللامتناهي، المستودع على اتساعه في قلب كل امرئ مؤمن .. فما الحياة سوى رحلة قصيرة لتجربة روحية لا تنتهي، وما الموت سوى محطة نحو حياة تتلوها حياة تتلوها أخرى .. “بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً من المفكّرة: جاء تسلسل الكتاب (14) في قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لهذا العام .. 2022، وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية خلال العام، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض. لدي كتاب إلكتروني لمترجم آخر، وبعنوان: الحياة ما بعد الموات.

أنشطة شهر أغسطس: استأنفت القراءة بعد انقطاع عدة أشهر لمهمة ما .. وكأني تنفست الصعداء من جديد.

تسلسل الكتاب على المدونة: 345

تاريخ النشر: أغسطس 23, 2022

عدد القراءات:548 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *