الكتاب
كانت لنا أوطان
المؤلف
دار النشر
مكتبة غريب للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(2) 1997
عدد الصفحات
142
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
11/18/2022
التصنيف
الموضوع
عن النفس والشرف والأرض والوطن
درجة التقييم

كانت لنا أوطان

هنا ديوان شعري قصير ..

يبحث شاعره عن النفس المفارقة .. النفس التي لم تعد تشبه نفسها .. عن الحب العابر والأحلام الثكلى .. عن الحزن المتأصل في نخاع الروح .. عن الإباء الذي لا ينحني للطغيان حين اعتمر تاجاً مهلهلاً واعتلى غدراً صولجان .. عن زمن العسكر والمخفر والزنزانة والكرباج .. عن الضائع من الأوطان في بلاد العرب الضائعة .. عن النيل والقدس وبغداد وعرب تجتمع في غدر وغربة وفقد وخذلان وآيات انعكست .. وعن ليل ليس له نهار!

هنا حزن
هنا حب
هنا شوق
… ورصيد موفور من القهر على الأوطان!

دبّج كل تلك الاختلاجات القاسية بخيوط شاعرية الشاعر المصري (فاروق جويدة 1946) .. والذي يُعد أحد روّاد الحركة الشعرية الحديثة في العالم العربي، وقد أضاف لواحة الشعر العربي ثلاثة عشر مجموعة شعرية وثلاثة مسرحيات شعرية حققت نجاحاً باهراً حين تقديمها في عدد من المهرجانات، وهي (الوزير العاشق / دماء على ستار الكعبة / الخديوي)، إضافة إلى عشرين كتاباً أدبياً .. وقد تُرجم بعض تلك الإصدارات إلى لغات عالمية كالإنجليزية والفرنسية والصينية واليوغوسلافية. وعن علم الشاعر وعمله كما تنقل شبكة المعلومات، فقد تخرّج في كلية الآداب قسم الصحافة، وعمل ابتداءً كمحرر في القسم الاقتصادي بجريدة الأهرام المصرية، ثم سكرتيراً لها، ثم رئيساً للقسم الثقافي.

يجمع الديوان اثنا عشرة قصيدة تظهر في هذه العناوين .. يسبقها إهداء في أبيات شعرية ثلاث يعد فيها إحداهن بغد أكثر أمناً وعذوبة معه، قائلاً:“وغداً أحبك .. مثلما يوماً حلمت .. بدون خوف أو سجون أو مطر”

  • ‎أبحث عن شيء يؤنسني
  • ‎أحزان ليلة ممطرة
  • ‎العيون الحزينة
  • ‎سيف الغدر كذاب
  • ‎عودوا إلى مصر
  • ‎مرثية ما قبل الغروب
  • ‎كانت لنا .. أوطان
  • ‎بين أحضان الخطيئة
  • ‎كنت يوماً
  • ‎لصوص العصر
  • ‎ليالي الخريف
  • ‎من أغاني مانديلا

ومن قصائد الديوان الذي أصاب نجمتين من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس قصيدة (مرثية ما قبل الغروب) التي تنعي الأقداس وقد لوّثها عار الخذلان (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

في أي شيءٍ

أمام الله قد عدلوا

تاريخنا القتل .. والإرهاب .. والدَّجل

من ألفِ عامٍ

أرى الجلاد يتبعُنا

في موكب القهر

ضاع الحُلمُ .. والأجلُ

نبكي على أمةٍ

ماتت عزائِمها

وفوق أشلائها

تَساقَطُ العِللُ

هَل يَنفَعُ الدَّمعُ بعد اليومِ في وطنٍ

مِن حُرقةِ الدمعِ

ما عادت له مقلُ

في جُرحِنا الملحُ

هل يَشفي لنا بدنٌ

وكيف بالملح

جرح المرء يندملُ

أرضٌ توارت

وأمجاد لنا اندثرت

وأنجمٌ عن سماء العمرِ ترتحلُ

***

ما زالَ في القلبِ يَدمي

جُرحُ قُرطبةٍ

ومسجدٌ في كهوفِ الصمتِ يبتهلُ

فكم بكينا

على أطلال قُرطبةٍ

وَقُدسُنا لم تزل

في العار تغتسلُ

في القُدسِ تبكي

أمامَ الله مِئذَنةٌ

ونهر دمعٍ

على المحرابِ ينهمِلُ

وكعبةٌ تشتكي

لله غربتها

وتنزف الدمع

في أعتاب من رحلوا

كانوا رِجالاً

وكانوا للورى قبساً

وجذوةٍ من ضمير الحقِّ .. تشتعِلُ

لم يبقَ شيءٌ لنا

من بعدِ ما غربت

شمس الرجال

تساوى اللصُّ والبطلُ

لم يبقَ شيءٌ لنا

من بعدِ ما سقطت

كل القلاع

تساوى السَّفحُ والجبلُ

في ساحةَ الملك

أصنامٌ مزركشةٌ

عِصابةٌ

مِن رمادِ الصُّبحِ تكتحلُ

وأُمةٌ

في ضَلالِ القَهرِ قد ركعت

مَحنيةَ الرأسِ

للسَّيافِ تمتثِلُ

***

في كلَّ يومٍ لنا

جُرحٌ يُطاردنا

وقصةٌ من مآسي الدَّهرِ تكتمِلُ

من ذا يصدق

أن الصُّبحَ موعدنا

وكيف يأتي

وقد ضاقت بنا السبل

قد كان أولى بِنا

صُبحٌ يعانِقُنا

ويحتوي أرضَنا

لو أنهم .. عدلوا

عُمري هُمومٌ

وأحلامٌ لنا سقطت

أصابها اليأسُ

والإعياءُ .. والمللُ

يا أيها العمر رِفقاً

كَان لي أملٌ

أن يبرأ الجرح لكن

خانني الأملُ

ففي خيالي شُموخٌ

عِشتُ أنشده

صَرحٌ تَغَنَّت بِهِ

أمجادُنا الأُولُ

لكنَّه العار

يأبى أن يفارِقنا

ويمتطي ظهرَنا

أيان نرتحلُ

يا أيُّها الجُرحُ

نارٌ أنت في جسدي

وجُرحُنا العارُ

كيف العارَ نحتمِلُ

***

قالوا لنا أرضُنا مباركةٌ

فيها الهُدى .. والتُقى

والوَحيُ والرُّسلُ

ما لي أراها

وبحر الدَّم يغرقُها

وطالعُ الحَظَّ

في أرجائَها .. زُحَلُ

لم يبرَحِ الدَّمُّ

في يومٍ مشانِقَها

حتى المشانقُ قد ضاقت

بِمَن قُتِلوا

يا لَعنَةَ الدَّم

من يوما يُطَهِّرها

فالغدرُ في أهلها

دِينٌ لَهُ مِللُ

***

في أي شيءٍ

أمام الله قد عدلوا

وكُلهم كاذِبٌ

قالوا وما فعَلوا

هذا جبانٌ

وهذا باعَ أُمتهُ

وكلهم في حِمى الشيطان يبتهلُ

مِن يومِ أن مزَّقوا

أعراض أُمَتهم

وثوبُها الخِزي

والبُهتان .. والزلَلُ

عَارٌ على الأرضِ

كيف الرِّجسُ ضاجعها

كيف استوى عندها

العِنِّينُ .. والرَّجُلُ

يا وصمةَ العارِ

هُزِّي جِذعَ نخلتِنا

يَسَّاقطُ القَهرُ

والإرهاب

والدَجَلُ

ضاعت شُعُوبٌ

وزالت قبلَنا دُوَلٌ

وعُصبةُ الظُلمِ

لن تعلُو بِها دُوَلُ

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الديوان (40) في قائمة احتوت (70) كتاب قرأتهم في عام 2022، وهو يحتل رقم (16) ضمن (23) كتاب قرأتهم في شهر نوفمبر .. وقد كان ضمن مكتبة العائلة العريقة التي استحوذتُ عليها كاملة بما تضم من إصدارات قديمة قد لا تتوفر حالياً في المكتبات، إضافة إلى دواوين: (لن أبيع العمر / آخر ليالي الحلم / وللأشواق عودة) للشاعر. وللحق، فطالما شاهدت هذه الدواوين وهي تتخذ صفوفها فوق رف الشعر العربي في مكتبتي، ولم تُثر يوماً فضولي نحو قراءتها، وذلك عائد -حسب انطباعي- للون الغزلي الذي يرسم به الشاعر قصائده .. فلا أنا من يستهويها الغزل ولا تصطادها أخبار الغرام، بل أنني عادة ما أهزأ بالعشق وأهله، وأغضب غضباً عارماً من الغزل عندما يتجاوز حدّه إلى الإباحية! غير أنني اتخذت قراري بقراءتهم في هذا الشهر تحديداً وذلك عندما خصصته لقراءة ما خفّ من الكتب، إضافة إلى إعادة قراءة بعض الكتب التي سبق أن قرأتها.

من فعاليات الشهر: لا شيء سوى مصارعة الوقت لقراءة المزيد من الكتب وتعويض ما فات خلال العام .. وقد أجّلت عمل الأمس إلى اليوم كثيراً والذي أصبح فائتاً كذلك!

تسلسل الديوان على المدونة: 371

 

تاريخ النشر: نوفمبر 18, 2022

عدد القراءات:725 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *