مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
رواية تختصر ألم المدمن أياً كان إدمانه .. في صفحات معدودة! وعلى عهدة الراوي، فقد اقتبس المؤلف هذه الرواية من أحداث حياته الشخصية، إذ عانى في فترة ما -وبعد إصابته بالحساسية جرّاء معالجة أحد الأطفال- من الإدمان على المورفين، والذي كان يتعاطاه بداية كمسكّن لألمه، إلا أن الأمر تطور فيما بعد إلى حد الإدمان القاتل. تقول الرواية عن هذا الحد: “فترة حرجة ومؤلمة أمضاها بولغاكوف، لا لأنه هدد بالانتحار فحسب، وإنما لكونه أطلق النار على زوجته التي رفضت أن تحقنه بالمخدرات بعد أن رمي عليها النفط الذي كان داخل أحد المصابيح”.
تعرض شبكة المعلومات متفرقات عن سيرته الذاتية! إنه الروسي د. ميخائيل بولغاكوف (1891 : 1940)، الطبيب الناجح والأديب المبدع والسيء الحظ رغم ذلك، إذ تشاء أقداره أن يترعرع في حقبة سياسية تناهض الحريات في كل أشكالها!. يولد في مدينة (كييف) لأبويين أكاديميين، ويلتحق بكلية الطب ليتخرّج بدرجة امتياز يتم تعيينه على إثره مدير عام لمستشفى في قرية نائية، يعرض فيها يومياته من خلال كتابه الأول (مذكرات طبيب شاب). ثم يخدم كطبيب على جبهة الحرب الأهلية الروسية ويعاين الموت في كل لحظة دون أن ينحاز إلى طرفي المتقاتلين، بينما يلتحق أخويه بالجيش الأبيض الذي يهزمه الجيش الأحمر في النهاية. وعلى إثر الهزيمة، تهاجر عائلته إلى فرنسا ويكون هذا آخر عهده بها! يُصاب د. بولغاكوف بالتيفوس (الذي يسببه نوع من البكتيريا)، ويهجر مهنته بعد شفائه متجهاً نحو الأدب، فيؤلف المسرحيات والقصص الرمزية التي تأخذ الطابع السياسي، أشهرها مسرحية (آل توربين) التي يقال أن ستالين حرص على حضورها أكثر من خمس عشرة مرة، رغم أنها كانت تتطرق إلى الجيش الأبيض المناوئ! يضيّق الاتحاد السوفيتي الوليد الخناق على الكتّاب ويصادر حرياتهم، فيضيق الطبيب-الأديب ذرعاً بهذا الحال الذي يمنع عرض ونشر مؤلفاته، يحدّه على توجيه رسالة إلى ستالين شخصياً يطلب منه السماح له بالهجرة، الأمر الذي يرفضه الأخير ويصرّح له بالعمل كمخرج مسرحي وذلك من خلال اتصال مباشر به. عليه، يعيش الطبيب-الأديب في موسكو حتى وفاته متأثراً بقصور كلوي.
لا تستغرق قراءة الرواية -التي حظيت بثلاث نجمات من رصيد أنجمي الخماسي- أكثر من ساعتين، وقد جاءت عن ترجمة مباشرة من نصها الأصلي (Морфий – By: Михаил Афанасьевич Булгаков)، والتي عني بها المترجم والصحفي والشاعر اللبناني (إسكندر حبش). وفي الأسطر القليلة أعرض نبذة عن الرواية، وباقتباس في نص قاتم (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
يؤخذ على الرواية عدم سرد يوميات المعاناة بشيء من التفصيل، والتي كان لها أن تستميل عاطفة القارئ بشكل أكبر لطبيب معالج حاول كتم حقيقة مرضه وتحول إلى سارق للعقاقير، وقد اضطرب نفسياً وبات شبه مفضوح بين زملائه في المستشفى! كذلك، لم يكن الترابط بين أحداث الرواية على مستوى جيد، بحيث قد يخيل للقارئ أن ما ورد هو عبارة عن مقتطفات لأجزاء الرواية الأصلية، والتي لا بد وأن تكون درامية بشكل أعنف لو كان هذا الافتراض صحيحاً.
ومع هذه الرواية، استرجع قراءتي لأولى مؤلفات د. ميخائيل بولغاكوف، وهي: (مذكرات طبيب شاب)، والتي رسمت سيرته الذاتية بما أوتيت من إرهاق عملي وإخلاص إنساني.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الرواية (19) في قائمة ضمت (52) كتاب قرأتهم عام 2018 تتضمن كتابين لم أتم قراءتهما! وهي آخر ما قرأت في شهر ابريل من بين ثلاثة كتب. وقد حصلت عليها من متجر نيل وفرات الإلكتروني للكتب العربية في نفس العام، ضمن (20) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.
وبالإضافة إلى هذه الرواية، تحمل أرفف مكتبتي مؤلفات أخرى للمؤلف، منها ما قرأت ومنها ما لم أقرأ بعد! هي: قلب كلب / بيوض القدر / الحرس الأبيض / المعلم ومارغريتا
من فعاليات الشهر: مضيت في رحلة إلى البرتغال لمدة أسبوعين. كانت ممتعة للغاية، طفت فيها أرجاء البلد وشاهدت ما تبقى من آثار العرب الأندلسيين، من خلال برنامج سياحي مكثّف ضم الكثير من سيّاح أوروبيين وأمريكيين. وبينما كان معظمهم يستمتع بمرحلة ما بعد التقاعد، كنت (الصغيرة) بينهم التي حَظيتْ بدلال الجميع. أسترجع كذلك أنني حضرت في الشهر السابق برنامج لتعلّم مبادئ اللغة البرتغالية، وقد كان لطيفاً أن أتبادل مع البرتغاليين كلمات مما تعلّمت.
تسلسل الرواية على المدونة: 84
تاريخ النشر: نوفمبر 30, 2021
عدد القراءات:804 قراءة
التعليقات