الكتاب
كتاب اللاطمأنينة
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
O Livro do Desassossego - By: Fernando Pessoa
المترجم/المحقق
المهدي أخريف
دار النشر
المركز الثقافي العربي
الطبعة
(1) 2016
عدد الصفحات
559
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
02/19/2020
التصنيف
الموضوع
نصوص تصف الشجن على ما يبدو
درجة التقييم

كتاب اللاطمأنينة

ومع المقام الأدبي الرفيع لفرناندو بيسوا، جاءت ترجمة كتابه الشهير بأسوأ ما يمكن في نسخته العربية!. قد يعزو أحدهم ذلك لقلم الكاتب الشاعري الذي يُبطن أكثر مما يفصح واللغة الفلسفية المركّبة، واللتان يستخدمهما عادة في التعبير عن أفكاره التي تتعمق في الحياة عمق النفس الإنسانية التي تحيا عليها، إلا أن ذلك لا يبرر الترجمة التي جاءت ركيكة بشكل سام، في تراكيب لغوية لا يعرف لها بداية من نهاية تتلوى الأفكار التي تحملها في بعضها البعض ولا يجدي معها تكرار القراءة مرات ومرات .. فمن أراد العوم فليتعلم أولاً مبادئ الغطس!.

جاء قراري صعباً في قطع قراءة الكتاب الضخم الذي يمتد على خمسمائة وستين صفحة عند نهاية الصفحة المائة والخمسين، لكن مع شيء من العزاء لتعويض قراءته في النسخة الإنجليزية .. علّ وعسى، وقد جاء هذا الكتاب عن ترجمة من لغته الأصلية (O Livro do Desassossego – By: Fernando Pessoa) .. فضلاً عن أن للأديب على مكتبتي الجوداء بالإضافة إلى هذا الكتاب مجموعة أخرى، هي: الباب وقصص أخرى، دكان التبغ: وقصائد أخرى، حوارات حول الطغيان: ونصوص أخرى .. والتي أرجو أن تعوّض شيء مما فات.

ومن أجل عين متفرقات جاءت في الكتاب بين هذا وذاك وحملت مسحة من جمال، فقد أرفقت له نجمة واحدة من رصيد أنجمي الخماسي! تلك المتفرقات تعكس كم هو بيسوا شاعر مرهف الحس إلى حد العبقرية التي لا تجعل من أي كبيرة في الحياة ولا صغيرة تمر أمام ناظريه مرور الكرام، في الوقت الذي يعيد رسمها في صيغة أفكار أو تأملات أو علامات استفهام، قد تبدو مختلفة عما هو مألوف بل وأكثر حساً وحكمة وإنسانية مما يراه الآخرون، وهو لا يبرح فيما بينها من تأنيب نفسه وتوجيهها خلسة وعلانية! إنها نصوص تغني في شجن، لحن الوحدة التي قاسى منها الشاعر وهو يفتقد الصديق ويشتاق للحبيبة ويستشعر الغربة في النفس والحياة!.

ومن تلك المتفرقات، أقتبس في نص هادئ ما قاله عن غموضه، وفي نعيه للأخريات (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:

  • قد يكون الذكاء نقمة، والسلامة في محاكاة الغباء .. كما ينتهج بيسوا في (لست إياي) ويقول: لقد رفضتُ دائماً أن يفهمني الآخرون. أن أكون مفهوماً معناه أن أتعهر. أفضل أن أعامل جدياً كمن لستُ إياي، متجاهلاً إنسانياً بلباقة وعفوية! لا شيء بإمكانه أن يغيظني أكثر من أن أصبح موضع استغراب من طرف العاملين في المكتب، أرغب في أن أستمتع لحسابي الخاص، بالسخرية الناجمة عن عدم استغرابهم إياي، أريد أن أرتدي المسح الذي يوهمهم بمماثلتي لهم. أريد الصلب الذي يحول دون تعرفهم علي. ثمة شهداء أشد خفاء من أولئك المذكورين في زمرة القديسين والنساك. هناك أنواع من التعذيب للذكاء مثلما للجسد وللرغبة، من بينها التنعم”.
  • تلك اللاتي قد يكنّ فعلاً غافلات عن المجهول الذي يتربّص بهن، لطيبتهن أو لسذاجتهن، رغم حبورهن وهن يتنفسن الحياة ولها يغنين .. يعزيهن بيسوا في (مرارة) ويقول: “تجاوزتُ منعطف الطريق. كن فتيات كثيرات، مغنيات أتين عبر مسيرهن، سعيدات كن من خلال نبرة أصواتهن. لا أدري ماذا سيصرن. أصغيت للحظة إليهن من بعيد، بدون إحساس خاص. أحسستُ بمرارة في القلب لأجلهن. أللمستقبل الذي ينتظرهن؟ ألأجل لا وعيهن؟ لا ليس لأجلهن مباشرة، من يدري؟ ربما لأجلي أنا فحسب”.

فرناندو بيسوا .. وإن لم نُدرك فلسفتك في اللاطمأنينة، نرجو أن تكون قد وجدت الطمأنينة أخيراً!.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (8) في قائمة احتوت على (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو رابع كتاب اقرأه في شهر فبراير من بين ستة كتب .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2019 ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.

وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (فبراير)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:

يبدأ الفايروس بالتوحش ويبدأ الحجر الصحي مع نهاية الشهر“.

تسلسل الكتاب على المدونة: 194

 

تاريخ النشر: مايو 17, 2022

عدد القراءات:691 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *