مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
لا يبدو سبب اختيار عنوان الكتاب واضحاً بشكل كافٍ، لكن قد تكون ما ورائيات كل لحظة يقضيها الإنسان من معنى ومغزى وعلم وعبرة، هي أعمق من أن تكون مجرد وقت عابر وفارغ .. كما يحدث أن يقضي المرء ساعات أمام شاشة سينما ليخرج منها خالي الوفاض، إلا من دمعة تأثر لحظية لمشهد إنساني أو فرقعة ضحك عن مشهد هزلي .. فالحياة ليست هكذا، بل هي أقوم وأعمق!.
يضع الكتاب الفيلسوف (جدو كريشنا مورتي 1895 : 1986)، والذي يعود نسبه إلى أبوين براهمانيين كانا يعيشان في جنوب الهند حيث نشأ، وما طرأ عليه فيها من علامات نحو التأمل والتفكر وإطالة الصمت منذ صغره، ما دعاه للالتحاق بمنظمة صوفية حين كبر، والتي ترأّسها فيما بعد كزعيم وكمعلم روحي بارز .. وقد ترك سلسلة من المحاضرات تعرضها شبكة المعلومات العالمية، يتابعه فيها الكثير من المريدين حول العالم. وبما أنني قرأت للحكيم الهندي سابقاً في كتاب (لا تصدق الكذبة: فلسفة الحب في زمن الكراهية)، فقد جاء انطباعي كما هو من خلال الكتابين، حيث تأتي فلسفته ملتبسة بعض الشيء وليست واقعية دائماً، باستثناء ما سواها من رؤية وحكمة ونُصح يضمّنها بصدق في النفس وفي الحياة الواسعة.
يعرض الكتاب في فهرسه الممتد على ثلاث صفحات مواضيع غنية في حياة الإنسان، كالحب والحميمية والعقل وفهم الذات والحروب والصراعات وسلبية الشعور والرؤية الإيجابية .. كلها تسعى للإجابة عما يعتمل في نفس الإنسان من تساؤلات، لتخلص إلى خيره في نهاية المطاف و “ليعيش الحرية محلقاً في فضاءات الجمال” كما جاء في مقدمة المترجم، تأكيداً لهدف الحكيم في تحرير الإنسان “ليحلق كالطير في السماء الصافية” كما قال هو في كتابه.
ومن جميل ما جاء في الكتاب وعلق في روحي منه، ما أعبّر عنه فيما يلي:
رغم ما سبق، جاءت الحكمة بما لا يستوعبه العقل أو لا يستسيغه، منها ما يلي:
ملاحظة: ما يرد في نص أزرق يعبّر عن رأيي الشخصي ولا يمتّ لمحتوى الكتاب بصلة.
في عجالة -وعلى سبيل النقد الأدبي- فإن هذا الكتاب القصير:
وكسبيل للإيجابية التي أحاول فرضها دوماً، أختم هذه المراجعة باقتباس من كلمات الحكيم لا تستغرق الثواني في قراءتها، إلا أنها تستغرق عمراً بأكمله في مكابدة العمل بها وجني ثمارها .. في نص بلون السماء (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) .. حيث يقول جدو كريشنامورتي: “يقبع العالم في دواخلك، فإذا كنت تعرف كيف ترى وتتعلم سيكون الباب أمامك والمفتاح في يدك، ولن يمنحك أحد على الأرض هذا المفتاح أو الباب لتفتحه سوى نفسك” .. كم تتفق هذه الحكمة مع درة الإمام علي بن أبي طالب في مأثور حكمته حين قال: “وتحسب أنك جِرمٌ صغير .. وفيك انطوى العالم الأكبر”.
في كلمة أخيرة .. هو كتاب لا يخلو من فائدة.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (29) في قائمة احتوت على (105) كتاب قرأتهم عام 2020، تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو رابع كتاب اقرأه في شهر مايو من بين سبعة كتب. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (مايو)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
“يُختم شهر رمضان المبارك .. مع استمرار الحجر الصحي“.
تسلسل الكتاب على المدونة: 211
تاريخ النشر: مايو 29, 2022
عدد القراءات:493 قراءة
التعليقات