الكتاب
كينونة الإنسان
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
On Being Human - By: Erich Fromm
المترجم/المحقق
محمد حبيب
دار النشر
دار الحوار للنشر والتوزيع
الطبعة
(2) 2022
عدد الصفحات
189
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
03/05/2025
التصنيف
الموضوع
الحداثة ومستقبل الذات الإنسانية
درجة التقييم

كينونة الإنسان

هل نهضة الحضارة الإنسانية نعمة كلها، أم أنها تخفي أفق مستقبل قاتم سيخلف وبالاً على الإنسانية نفسها؟

فحينما يمتلك الإنسان الكثير ويستخدم الكثير يكون قد أضاع كينونته التي تناسى في خضم الماديات كونها مركز نشاطه الإنساني الرئيس .. أو بمعنى آخر، أصبح ذو “كينونة ضئيلة”.

هكذا يعتقد المؤلف، الفيلسوف وعالم النفس الألماني-الأمريكي (إيريك فروم 1900 : 1980)، فالإنسان في نظره، وإذ هو يصنع المنتجات العصرية، يتحول بمرور الوقت إلى مجرد شيء خاضع لسيطرتها، ومع أنه (مجرد شيء)، فقد بات متضخم الأنا جرّاء توحّده مع تلك الأدوات وتلك المؤسسات وتماهيه مع طوفان منتوجاتها الاستهلاكية!

إنها بالقطع علاقة عكسية التي اقتبس في شأنها هذا الفيلسوف من فكر الفيلسوف الاشتراكي الألماني (كارل ماركس) و عالم الاجتماع الألماني الماركسي (فريدريك إنجلز) ما معناه: “بقدر ما تكون قليل الشأن، بقدر ما يقل تعبيرك عن حياتك .. وبقدر ما تكبر ملكيتك بقدر ما يزداد تغرّب حياتك، وكلما تعاظم رصيدك من كينونتك المتغربة”. غير أنه يؤكد بأن “كينونتنا مهمة أكثر من ملكيتنا أو أكثر مما نستخدم”. إن تلك الحالة -على حد وصفه- تجسّد (الصنمية العالمية الجديدة) وقد بدأت مع القرن التاسع عشر واستمرت حتى القرن العشرين بكثافة وسرعة متزايدة، والتي لا تدعو لعبادة إله جديد، بل تسفر عن موقف إنساني يضفي الطابع المادي على كل ما هو حي، يتقدمها الإنسان كذات أو ككينونة أو ككائن حي!

يتشعب الكتاب -الذي حصد رصيد أنجمي الخماسي كاملاً- في العديد من المواضيع مثل: مستقبل الإنسان المعاصر، الاغتراب كعرض مرضي له، اللامبالاة كتمظهر جديد له، تفكك الأنظمة الاجتماعية، النضال ضد الصنمية، المليكة مقابل الكينونة، الدين والتصوف ومفهوم الإله .. والتي تمتد بدورها على ثلاثة أجزاء رئيسية، هي:

  1. البديل الإنساني
  2. مبادرات واعترافات إنسانية
  3. إيكهارت وماركس حول الكينونة والتملك

ومن الكتاب الذي جاء في ترجمة احترافية من النص الأصلي (On Being Human – By: Erich Fromm)، أقتبس (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما أورده الفيلسوف في موضوع (ما لا أحبه في المجتمع المعاصر) وهو يفضح ذلك الإنسان الساعي نحو الإثارة بدلاً من السعادة، المتطلّع دوماً إلى التملّك أكثر من الرغبة في النمو والازدهار، والمتحرّق للإشباع الفوري وتلبية الحاجات بسعار يفوق الصبر على التعلم، فيقول: “أولاً، أود أن أعبر عن كرهي لحقيقة أن كل شيء وكل شخص تقريباً للبيع. ليس فقط السلع والخدمات بل الأفكار، الفن، الكتب، الأشخاص، القناعات، الشعور، الابتسامة.. كلها تحولت إلى سلع. وكذلك الإنسان كله، بكل جوارحه وإمكانياته. يترتب على ذلك أن قلة قليلة من الناس يمكن الوثوق بها. لا يقتضي هذا بالضرورة أني أقصد عدم النزاهة في العمل أو الاستخفاف بالعلاقات الشخصية، بل أقصد شيئاً أعمق. عندما يكون الإنسان للبيع، كيف تثق أنه سيكون غداً هو نفسه الذي تعرفه اليوم؟ كيف أعرف من هو، أو لمن سأمنح ثقتي؟ كيف أثق أنه لن يقتلني أو يسلبني؟ هذا، في حقيقة الأمر، تجديد للطمأنة، لكنه ليس موضع ثقة كبيرة“.

يقوده هذا للاعتقاد بأن قلة قليلة من الناس تمتلك قناعات.. القناعات التي تمثّل آراء متجذرة في طبيعة كل شخص تشكّل إجمالاً شخصيته المتكاملة، والتي بدورها تحفّز على العمل! ومن هنا، لا يجد الجيل الجديد -رغم نزاهته في نظره- سوى مفتقراً لجوهر حقيقي، قد نزع إلى امتلاك طباع تشكّلت بفعل الأنماط التقليدية السائدة من أجل التكيّف والاستمرار! يوضّح رأيه هذا وهو يؤكد على أن “أحد الأشياء الممتعة في العالم المعاصر هي نزاهة جزء كبير من الجيل الشاب”، قائلاً: “أنهم يعيشون عاطفياً ويتكلمون فكرياً من الفم إلى اليد. يشبعون حاجاتهم فوراً، وهم قليلو الصبر على التعلم، ولا يستطيعون احتمال الإحباط ببساطة، وليس لديهم أية نقطة مركزية في ذاتهم، ولا إحساس بالهوية. إنهم يعانون من هذا ويرتابون في أنفسهم، في هويتهم، وفي معنى الحياة. لقد صنع بعض علماء النفس فضيلة من هذا الافتقاد للهوية. يقولون إن هؤلاء الشباب لديهم (طبعاً متقلباً)، يسعون إلى كل شيء، ولا يرتبطون بأي شيء. لكن هذه مجرد طريقة شعرية في الحديث عن افتقاد الذات التي تحدث عنها سكينر، وأقصد (الهندسة البشرية) التي وفقاً لها يكون الإنسان ما هو مخطط أن يكونه”.

علاوة على هذا، يعبّر الفيلسوف عن كرهه لحالة الضجر العام السائدة وانعدام شعور السعادة! فبينما يبدو الناس في نظره غير مهتمين بما يعملون، يظهر النظام الاقتصادي بدوره غير مهتم بعدم اهتمامهم ذاك، فيعقد الأمل على إيجاد طرق للاستمتاع والترفيه وقطع الرتابة بشكل أكبر مما كان متاحاً للجيل القديم، كحافز وحيد وضروري للإقبال على العمل، وكتعويض عن أي ضجر ملازم. غير أنه من جديد، يعقد علاقة نفسية متضاربة بين هذين المتغيرين، فيقول: “لكن وقت فراغهم ووقت تسليتهم من جهة أخرى، يبعث على الضجر. وبقدر ما يدار وقت فراغهم من قبل صناعة التسلية تدير المنشآت الصناعية وقت عملهم. فالبشر يبحثون عن المتعة والإثارة أكثر مما يبحثون عن البهجة، يبحثون عن السلطة والملكية بدلاً من البحث عن النمو، يريدون أن يملكوا الكثير ويستخدموا الكثير.. بدلاً من أن يكونوا هم الكثير”.

 

تم عرض الكتاب في جريدة الشرق

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (14) في قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025 .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية العام الماضي ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض .. وهو أول ما قرأت في شهر مارس!

من فعاليات الشهر: يتوافق أوله مع دخول شهر رمضان المبارك الذي أتوقف فيه عادة عن القراءة، لكنني تمكنت في هذه المرة من التقاط بعض الكتب الخفيفة في محتواها!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: احرق بعد الكتابة / العالم كما أراه / المختصر

تسلسل الكتاب على المدونة: 614

تاريخ النشر: مارس 22, 2025

عدد القراءات:491 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *