مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب غزير علماً وفكراً وإيماناً .. يسلّط الضوء على حقائق علمية تكشف عظمة الخالق في إبداع خلق الزوجين الذكر والأنثى، ويُنهي ذلك الجدل البيزنطي السمج حول امتياز أحدهما على الآخر! رغم هذا، وعلى نفس الوتيرة العلمية والموضوعية، يبشّر الكتاب بمستقبل أنثوي واعد وقد استفاض في إنصاف الأنثى على طول صفحاته، من خلال التأكيد على ما تتميز به من استعدادات فطرية، وملكات أخلاقية، ومنظومة سلوكية، تنمو جميعاً بنموها في مختلف مراحلها العمرية. إنه بالتالي يعمل على تبرئة الأنثى من كل الدعاوي المغرضة في الانتقاص من قدراتها العقلية لصالح عقل الذكر الذي أكدّ الكتاب تفوقه على الأنثى بشكل أكبر في جوانب، مقابل تفوقها عليه بشكل أكبر في جوانب أخرى!.
يأتي كل ذلك من خلال معلومات وأبحاث ودراسات علمية، لا من خلال حملات مشحونة بالتطرف الجندري، لا سيما وقد جاء الكتاب رجولياً بالثلاثة، من حيث مؤلفَي الكتاب والمقدم له، فضلاً عن كونهم جميعاً من أهل الاختصاص! فلا شبهة لشعارات نسوية، ولا للعاطفة سبيل، ولا للتحيز مكان. يقول المقدم للكتاب: “لا جدوى من الهروب! المرأة تغيرت، جسدياً ونفسياً والأخطر عقلياً، بعد أن أكدت الأبحاث الأخيرة أن عقل المرأة مختلف عن عقل الرجل. إن التحدي الحقيقي الذي يواجهه إنسان هذا العصر ليس اكتشاف كواكب مجهولة، ولا أقماراً غامضة تجوب الفضاء الفسيح، ولكن اكتشاف قدرات الإنسان الخفية وأخطرها العقل، وخاصة عقل المرأة”. لا يفت المقدم مع هذا الإقرار من الإشارة إلى عظيم صنع الله، فيقرّ مجدداً “إن كتاب «المخ ذكر أم أنثى» رحلة في أشد العوالم غموضاً، ألا وهو المخ .. وفي أثناء إبحارنا مع المخ تتجلى عظمة الخالق“.
وعن المؤلفَين، فهما: د. عمرو شريف، أستاذ ورئيس سابق لقسم الجراحة بكلية الطب في جامعة عين شمس، وله عدد من المؤلفات العلمية والفكرية والدينية، ود. نبيل كامل، خبير في برامج التنمية البشرية. أما المقدم للكتاب، فهو أ. د. أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة عين شمس، ورئيس مركز بحوث الصحة النفسية لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب، وله العديد من المؤلفات في الطب النفسي والأبحاث العلمية المنشورة محلياً وعالمياً.
يفتح الكتاب مصراعيه على بابين رئيسيين، يفتحان بدورهما ثلاثة عشرة نافذة في فصول تلو الأخرى، بالإضافة إلى صفحات الإهداء والمقدمة والتقديم له في البداية، وحصاد الرحلة في الختام، مع الملاحق الثلاث في المراجع .. أعرضهم جميعاً أدناه .. وكم كان جميلاً أن يستهل إهداء الكتاب بعبارة إلى “بناتنا وأزواجهن” قبل الجميع!.
الباب الأول: الذكورة والأنوثة
الباب الثاني: تطبيقات على الجنوسة
الملاحق: أعجوبة المخ
يصاب قلمي عادة باضطراب أمام أي كتاب استحق رصيد أنجمي الخماسي بجدارة! فماذا يكتب؟ وماذا لا يكتب؟ حتى يكاد أن يكتب كتاباً عن الكتاب .. فيفضي في النهاية إلى التروي والاكتفاء بتقنية رؤوس الأقلام!. يُسهب هنا قليلاً عن متفرقات من الكتاب، فيقول:
في عجالة، فإن هذا الكتاب يتميز بـ:
ومما ورد من عظيم القول في الكتاب، اقتبس في نص ناصع (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما يلي:
ملاحظة هامشية: قد يبدو الكتاب للبعض -لا سيما الرجال- وكأنه يقسو عليهم، من خلال إظهار الرجل في قالب مادي جنسي صرف، أناني يؤثر عمله على مسؤولياته العائلية، ضعيف لا طاقة له في تجاوز صدمات الحياة، فضلاً عن شعور الأبوة المكتسب!. من ناحية أخرى، قد بدى الكتاب وكأنه ساحة عراك قد سلّ كل من دعاة النسوية ودعاة الذكورية سيوفهم من أغمادها، في محاولة إثبات كل فريق انتصار الكتاب لصالحه ضد الآخر، أو العكس في تحيزه .. (تحديث مغامرات «توم أند جيري» لا تزال جارية). وللحق .. نعم! قد يثير الكتاب حفيظة الرجل لا سيما وأنه جاء علمياً بقلم رجال من ذوي الخبرة، لا عاطفياً ولا متطرّفاً ولا حماسياً فارغاً، فيمكن دحضه بسهولة .. كما أشرت سابقاً!. وللحق مرة أخرى، إنه كتاب يستحق القراءة وإعادة القراءة، ولا بد من أن يتوفر في كل مكتبة عائلية.
أخيراً وليس آخراً: يختلف الجنسان .. نعم! لكنه اختلاف يدعو إلى التجاذب لا التنافر .. كقطبي مغناطيس في المجال الفيزيائي، أو كما يقول الشاعر الشاب مريد البرغوثي في قول أكثر عذوبة: (جديلة طرفاها العاشقان فما تراهما افترقا إلا ليلتحما .. في ضمّة تُرجع الدنيا لسنّتها كالبحر من بعد موسى عاد والتأما).
تم نشر المراجعة في:
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (5) في قائمة ضمت (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو أول كتاب اقرأه في شهر فبراير من بين ستة كتب. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2019 ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (فبراير)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
يبدأ الفايروس بالتوحش ويبدأ الحجر الصحي مع نهاية الشهر.
تسلسل الكتاب على المدونة: 24
تاريخ النشر: فبراير 19, 2021
عدد القراءات:1739 قراءة
راقت لي:
1. إن الأمومة أنتصار أزلي.
2. عن تفاوت درجة العاطفة والمنطق بين الجنسين، يذكر الكتاب: “أن الرجل عندما يحب يحب بلا منطق، وعندما يمنطق الأمور فإنه يمنطقها بلا عاطفة. في حين أن المرأة تمنطق الأحداث بعاطفية، وفي قمة عواطفها لا تتخلى عن المنطق”.
سبحان الخالق المبدع!!! خلقنا للتكامل وليس للتنافر…فتبارك الله أحسن الخالقين.
“والسكن والمودة والرحمة” … هي من آياته! فهل من مدكر؟