مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب يضم أوراق نقدية لخطاب اللغة العربية يستهلها الكاتب بالموضوع الذي احتل عنوانه، وكيف أن الوحي قد عمل على تهميش لغة العرب الأولى، وهي الشعر! فبعد أن كان الشعر خلاقاً، اقتصر دوره في الرجوع إلى الماضي والحنين لأطلاله والبكاء عليه .. وهو بهذا يرى أن الشعر العربي أصبح في واقع أمره مرتداً إلى الماضي من غير رؤية استشرافية نحو المستقبل!. لا يقف الكاتب عند هذا الحد من النقد، بل يستمر ليقرّ في جرأة عدم وجود ما يسمى بـ (الحداثة) عند العرب بالمعنى الحقيقي، فما هو سائد إما أن يكون محاكاة للغرب أو تزييف للذات بإظهارها عكس ما تبطن، حيث يعزو كل تلك المظاهر في المقام الأول لأسباب دينية وسياسية على وجه الخصوص! وهو في ربطه بين الشعر والحداثة يعتقد أن الشعر الحداثي إنما هو ابتداء وخلق وإبداع، فيعرض لنماذج عن حوارات مع بعض الشعراء العرب، كالجواهري من العراق وأبو ريشة من سوريا.
إنه (علي أحمد سعيد إسبر – 1930) أو (أدونيس) كما اختار أن يُلقّب .. اقتباساً من الآلهة الفينيقية التي يجسّدها شاب يعبّر عن الجمال والربيع والخصب. وهو سوري-لبناني الأصل، فرنسي الإقامة، حصل ابتداءً على درجة البكالوريوس في الفلسفة، ولاحقاً على درجة الدكتوراة في الأدب العربي، وعمل كأستاذ جامعي في الجامعة اللبنانية وجامعة دمشق وجامعة السوربون في فرنسا وجامعة جورج تاون في أميركا. حصل كذلك على العديد من جوائز التكريم العالمية بالإضافة إلى ترشيحه لنيل جائزة نوبل للأدب، وتُرجمت أعماله الشعرية والفكرية إلى نحو ثلاثة عشر لغة، وقد قاد نوع من الثورة الحداثية على الشعر العربي من خلال بلورة منهج إبداعي جديد يوظّف فيه اللغة توظيفاً يخالف التقليد لكن لا يخرج عن فصاحة اللغة العربية وقواعدها النحوية.
تعرض صفحة الفهرس قائمة من المواضيع ذات الصلة تتفرع عن أربعة مباحث رئيسية، يحصد معها الكتاب ثلاث نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، وهي:
ومنها، أدون في عجالة ما علق في ذهني بعد القراءة، وباقتباس في نص فكري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، كما يلي:
وقبل الختام، يقضّ الكاتب بطرحه صفو تساؤلاتي التي أعمد إلى إطفاء ثورتها بالتغاضي والتغافل والمواراة ما أن تمسّ مقدّساً! وعلى الرغم من إيماني بأن الأديان خُلقت للإنسان وما خُلق هو لها، أتساءل ما إذا كانت الذات المؤمنة في خضم تنشئتها هي “مستلبة سلفاً! بل لا وجود فيها ولا مكان للأنا المتسائلة” كما قصد الكاتب؟ فإن كان الإسلام -حسب ما هو سائد في الفهم الجمعي- رسالة السماء الأخيرة لأبناء الأرض و “خاتم الكلام الإلهي”، فما باستطاعة الإنسان أن يقول جديداً، بحيث يُصبح كل اجتهاد بشري في طرح دعوى مغايرة لما جاءت به الرسالة “إنما تُضمر بالنسبة إلى ذلك الفهم، القول بأن هذه الرسالة لم تقل كل شيء، وبأن فيها نقصاً، وبأن هناك مجهولات لم يكشف عنها الوحي الإلهي” .. وهو القول الذي لا يُحمد عقباه! على هذا، وإن كان الإنسان سيقول قولاً لا محالة، فمدح للرسالة وتمجيد لا سواهما، بحيث لا يتجاوز -إن قُدّر له- إعمال فكره فيها .. فتفسير، على أقصى حد.
ختاماً أقول: إنها مجموعة مقالات فكرية لا بأس بها .. في شئون وشجون اللغة العربية، وما أحاط بها!
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (17) في قائمة ضمت (57) كتاب قرأتهم عام 2021 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها وثلاثة كتب أعدت قراءتهم من جديد، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان أكثر بكثير، غير أن ظروف الحياة لم تسمح لي بمجابهته! وهو ثاني كتاب اقرؤه في شهر سبتمبر من بين اثنين فقط .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2020 ضمن (90) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
تسلسل الكتاب على المدونة: 297
تاريخ النشر: يوليو 10, 2022
عدد القراءات:496 قراءة
التعليقات