الكتاب
أخاديد
المؤلف
دار النشر
منشورات جدل
الطبعة
(1) 2022
عدد الصفحات
106
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
05/31/2024
التصنيف
الموضوع
كلمات من حرير القلب .. رغم أخاديده
درجة التقييم

أخاديد

ديوان أخاذ في زرقة غلافه المحتضن كاليمّ جرح زهرة تطفو فوق هدير موجه .. ورهيف في كل كلماته وهي تبطن المعنيين في الرقة والحدة!

لقد جاء أجمله في الإهداء الذي قد تشعر معه كل أنثى بأنها المعنية في “أنتِ” .. إذ قال ملهمها: “إليك أنتِ: شكراً لحبكِ .. كان أجمل ما حصل”.

إنه -ولا يخفى القمر- الشاعر السوري (حذيفة العرجي)، الذي درس الأدب العربي ورسم به خارطة شعرية متفرّدة تتعرّج خطوطها سياسياً وفلسفياً ووجدانياً وإنسانياً فتلامس قلب كل من يمر بها .. وهو الذي تُرجمت بعض قصائده للتركية، وتغنت بها ذات الصوت الأصيل، وأصدر العديد من الدواوين، وشارك في مهرجانات شعرية، وأطل ببهاء في عدد من المقابلات التلفزيونية، وأصبح ملهماً لمتابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع ترنيمة الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد ” هَلْ غَادَرَ الشّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ .. أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ”، يترنم العرجي في شجن أطلال الأولين الذي لم يدع للآخرين موضع إبداع! فهذا شاعر القرن التاسع عشر الفرنسي شارل بودلير قد أدرك “أن شعراء مشهورين تقاسموا منذ أمد بعيد أكثر الأقاليم ازدهاراً في المجال الشعري” .. فكيف بشعراء الألفية الثالثة كما تساءل العرجي، ومن قبله مواطنه ابن قباني حين شكى لصديقته تعب عروبته قائلاً: “من أين أدخل في القصيدة يا ترى .. وحدائق الشعر الجميل خراب؟”. غير أن العرجي يستدرك الحال، فيستشهد بالجاحظ وهو يعيب الكسالى من قبل ألف عام، في قوله: “إذا سمعت الرجل يقول: (ما ترك الأول للآخر شيئاً) فاعلم أنه ما يريد أن يفلح” .. فيقول بدوره في يقين أن “الفن مادة تتكون في أصلها من جملة من المتاهات التي يعيشها المبدع، فإذا مات يوماً .. فهذا يعني أنه وصل”.

ولأن الشاعر امتنع أن يبدو لقارئه كمن يشرّق ويغرّب، فأوجز في مقصده من قصائده قائلاً: “ما هذه القصائد إلا محاولة لابتكار زاوية مزدهرة على سطح كوكب الشعر” .. وهو يعده بأنه “سيجد في هذا الديوان كثيراً من الأبيات التي داويت بها جرحي ونكأت جراح الآخرين” … كما زهرة الغلاف!

وبدوري، أقتطف من زهرات الديوان ما راق لي، وأبثها هنا في نص من زهر اللوتس (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) وقد استنفد رصيد أنجمي الخماسي كاملاً:

  • يأخذ الموت في كنفه من مات شهيداً لوطن لم يكن عزيزاً قط وقد جار عليه .. فيصبح له دونه وطن! يقول العرجي في (ما لم يقله المتنبي):

يا أيها الموت ما أحلاك من وطن .. لمن أتاك شهيداً جرحه الوطن

  • وكما يقول المتنبي في تقريع أولئك الذين آثروا العيش في مذله “وإذا لم يكن من الموت بد .. فمن العجز أن تموت جباناً”، يقول العرجي قولاً شبيهاً في المتملقين ويطري الأحرار، في (قليل من كثير في القلب):

أنا ما ثرتُ في بلدي لأحيا .. حياة منافق في أرضٍ أخرى

وإن لم ألقَ في رأيي نصيراً .. سوى ربي لكان الصبر أحرى

يُعزّيني جنوح المجد دوماً .. إلى من كان في دُنياه حرّا

  • وهو لا يزال متشبث بالحق ويختار المضي في ركب أهله وإن غرّ الأخرين كثرة الخبيث! فيقول العرجي مستلهماً من (وصيتها):

ويمكرون وعند الله مكرهم .. وإن هوى قِطَعاً من مكرهم زحل

مع الرسولِ وأتباع الرسول أنا .. ففي النهاية قطْعاً تظهر الرسل

  • وإن جهنم الدنيا وجهنم الآخرة قد تشابهتا على الشاعر، وكأن الأخيرة تلبّست بالأولى في هولها وامتهان أهلها! فيقول بدوره عن (جهنم الفانية):

ما هكذا كنّا نريد حياتنا .. لكنها كُتبت علينا دامية

لولا فلسطين التي أحببتُها .. لحلفتُ أن الحب محض كراهية

  • وأنتهي بما اقتبس الشاعر (من دفتر المذكرات الخاصة لإحدى العاشقات) وكأنه مسّ نبض في خاطري:

لا تستهِن بي فإني مفردي: فتن .. ومن يؤمن للنيران يحترق

قل ما أردت ولكن لا تقل كذباً .. لأنني امرأة بالصدق تُعتنَقُ

ختاماً، وعود على ذي بدء، أقول للشاعر كما قال من قبل الشاعر العباسي (أبو العلاء المعري): “وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ .. لآتٍ بما لم تَسْتَطِعْهُ الأوائل”.

لقد كنت الأول بيننا .. هكذا نشهد لك نحن المتأخرين!

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الديوان (55) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو آخر ما قرأت في شهر مايو الذي قرأت فيه (12) كتاب، منها واحداً لم أتمّه! وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه وقد حصلت عليه من متجر نيل وفرات الإلكتروني للكتب العربية في فبراير من هذا العام، ضمن (50) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.

ومن فعاليات الشهر: كان الوقت حافلاً بإعداد قائمة الكتب التي حرصت على شرائها من المعرض، وبزيارة المعرض خلال معظم أيامه! وليت العام بطوله معرضاً للكتاب .. لكن هكذا هي الأيام السعيدة، سريعاً ما تنقضي، والأمل يتجدد مع المعارض القادمة.

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: العقلية الصهيونية ولاهوت الإبادة / موطن الروح / الغباء البشري / نحو تجديد الفكر القومي العربي / مقالات في السياسة / أخاديد / رسائل من القرآن / في جو من الندم الفكري

وعلى رف (الشعر العربي) في مكتبتي عدد يقارب (80) ديوان، منها ما هو قديم انتقل إلى مكتبتي من مكتبة العائلة العريقة، إضافة إلى رف (الشعر والنصوص الأدبية) ككل .. أذكر منها: (بدر شاكر السياب: شاعر الوجع) – تأليف: د. انطونيوس بطرس / (دمشق نزار قباني) – تأليف: نزار قباني / (الأعمال الشعرية الكاملة – مظفر النواب) – تأليف: مظفر النواب / (عمر أبو ريشة: قيثارة الخلود) – تأليف: عمر أبو ريشة / (القصيدة أنثى والأنثى قصيدة) – تأليف: د. سعاد الصباح / (قضايا الشعر المعاصر) – تأليف: نازك الملائكة / (الحب حسب التقويم السومري) – تأليف: عبد العظيم فنجان / (كانت لنا أوطان) – تأليف: فاروق جويدة / (ديوان الحلاج ويليه كتاب الطواسين) – تأليف: الحلاج / (همس الجفون) – تأليف: ميخائيل نعيمة / (لافتات 7) – تأليف: أحمد مطر / (رجل واحد لا يكفي) – تأليف: هناء داوود / (الحياة مهنة تافهة) – تأليف: سامي أحمد / (البلبال: أبواب في الوجد والكرى) – تأليف: زليخة أبو ريشة / (ديوان الغلمان: أنطولوجيا الغزل المذكّر في العصر العباسي) – تأليف: الجاحظ / (الكوميديا الإلهية: الجحيم) – تأليف: دانتي أليجييرى / (رباعيات الخيام) – تأليف: غياث الدين عمر الخيام النيسابوري / (المهابهاراتا: ملحمة الهند الكبرى) – تأليف: المهابهاراتا / (الحب كلب من الجحيم) – تأليف: تشارلز بوكوفسكي / (لا العسل تشتهيه نفسي ولا النحل) – تأليف: سافو / (دكان التبغ: وقصائد أخرى) – تأليف: فرناندو بيسوا / (أجمع الذكريات كي أموت) – تأليف: شعراء برتغاليون / (الإلياذة و الأوديسة) – تأليف: هوميروس / (الشاهنامة: ملحمة الفرس الكبرى) – تأليف: / ابو القاسم الفردوسي

تسلسل الديوان على المدونة: 505

تاريخ النشر: يونيو 1, 2024

عدد القراءات:196 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *