♥
وفي يونيو من عام 2024
أي بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على افتتاح مدونتي
أصبحت مدونتي تضم مراجعات كتابية
عن 500 كتاب
♥
مع خالص الشكر لأصدقاء الكتب على الدعم والمتابعة
♥
اقرأ
لا
لأنني
زاهدة
في
الحياة
لكن
لأن
حياة
واحدة
لا
تكفيني
♥
كتاب متعمق في فلسفة التاو رغم قصره، وهي فلسفة لا يمكن التعبير عنها بالكلمات كما أقرّ المؤلف المتمرّس، إنما التاو هو الطريق .. وهو منهج حياة!.
يعبّر المؤلف في شاعرية عن التاو بكلماته التي تشبّهه بالماء حين ينسل من خلال الأصابع عند محاولة الإمساك به، فما الحل سوى ترك الحياة تتدفق كما الماء عندما ينساب .. وما الحياة سوى العفوية، سوى سلسلة من التغيرات الطبيعية، وإن مقاومتها لا تخلق إلا الحزن! التاو يعني الانفتاح على الحياة وتقبّلها وخوضها كاملة كتجربة، بل والاستمتاع بها كذلك، وأن يدع الإنسان للأشياء أن تمر كما هي بشكل طبيعي، فهذا يعني التاو ببساطة. ومع ضرب المثل بالماء، يلخّص المؤلف كتابه بكلمات فيلسوف الطاوية لاو تزو عن التاو، فالماء دفق سلس ومثمر، ويستطيع تطويع الصخور الصلبة التي تبدو عصية على الإخضاع! وكقاعدة عامة، فإن كل ما هو سائل وناعم ومرن يتغلب على كل ما هو جامد وصلب .. وهذه مفارقة أخرى: ما هو ناعم .. قوي!
هل يستطيع أحد أن يتحكم بنبضات قلبه؟ كلا .. وكذلك كل شيء في الطبيعة! لذا فأي محاولة للتحكم فيها هو محض غباء وأي اعتقاد بالنجاح في فرض السيطرة هو وهم تام. إن الصينيون يعتمدون على (آي تشينغ) أو (كتاب التغييرات) في تحديد مصيرهم عن كل أمر يعني بهم، فكما يجد الكثيرون أن استمرارية رمي العملات المعدنية للمفاضلة بين الخيارات والبدائل المتاحة، أمر سخيف، فإنهم يجدونها أكثر منطقية .. فليس الإنسان بقادر على كل شيء، وأن القرار العقلاني -أو الذي يبدو كذلك- يحمل في طياته كلا الاحتمالين، الخير والشر كما الين واليانغ .. فلم لا يعطِ الإنسان الفرصة للصدفة؟ وإنه لأمر طبيعي!
قد يكون أحد أسباب تعمّق الكتاب في فلسفة التاو والإيجاز في إيضاحاته -ما يزيد من حدة الغموض عند القارئ العادي وحدة الفضول عند القارئ المتمرس- هو المؤلف نفسه! فقد كان يتحدث عن جوهر فلسفة التاو، وقد جاء محتوى هذا الكتاب كتدوين لمحادثات شفهية جمعت بينه كمعلم خبير ومتمرّس في الزن، وبين أتباعه المريدين من الأصدقاء والمهتمين، وذلك في سنوات عمره الأخيرة. يزخر كتابه كذلك بأفكار معقّدة عن التاو إضافة إلى تلك البسيطة .. موجزة وشاملة، تختصر تلك النصوص الطويلة الغامضة في المخطوطات.
وفي التطرّق إلى أصل المؤلف كغربي، وهو يذكّر بتلك الأمور البسيطة التي تدعو للانفصال لكن مع البقاء في اللحظة، فهي غير ممكنة التطبيق بسهولة لدى الفرد الغربي الغارق في المادية، والذي تختلف الفلسفات في ثقافته، كالوجودية والتحليلية والبراغماتية وما سبقها من فلسفات يونانية، عن الفلسفة الشرقية، من التركيز على كيفية الحياة لا على ماهيتها. وبما أن العلوم الروحية هي علوم شرقية بامتياز، فقد تكون مهمة نقل هذا الفكر إلى الغرب عن طريق معلم غربي أمر ضروري، غير أنه يتطلّب جهد مضاعف في الإقناع.
وعن المؤلف، فهو (آلان واتس 1915 : 1973) ولد في إنجلترا، وذاع صيته على مدى أربعين عاماً وتبعه الملايين ابتداءً من عامه السادس عشر، حين نشر أول مقالة له في المحفل البوذي في لندن. ترجم واتس الكثير من أعمال الفلسفة الشرقية للغرب، وترك ما يربو عن خمس وعشرين كتاباً، وسجّل مئات الندوات والمحاضرات التي كانت تطمح في مجملها إلى خلق شخصية فلسفية متفرّدة في ذاتها. هاجر في الثلاثينيات إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحصل على درجة الماجستير في علوم الدين، وحصل على زمالة علمية من جامعة هارفارد، وعمل كأستاذ للدراسات الأسيوية في الأكاديمية الأمريكية في سان فرانسيسكو، كما خدم كأسقف أثناء الحرب العالمية الثانية، حتى توفي في كاليفورنيا محاط في بيته بزوجته الثانية وأبنائه السبع.
يأتي الكتاب عن ترجمة متقنة من نصه الأصلي (What Is Tao? – By: Alan W. Watts)، وهو يقوم على فصلين رئيسيين يتفرّع عنهما عدة مواضيع، تبدأ بـ (مقدمة) بقلم ابن المؤلف، ثم (أصل التاو تي تشينغ) يتبعه (فلسفة الطبيعة). والفصول هي:
الفصل الأول: طريق التاو
الفصل الثاني: الطريق المهذّب
ومن الكتاب الذي أحرز واحدة من رصيد أنجمي الخماسي (لا لشيء سوى لعدم تمكّني من فهمه بالتمام)، أعرض قليل مما علق في روحي بعد القراءة، وباقتباس في نص ترابي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
ختاماً، ما هو التاو إذاً؟ إنه دعوة للمرء للخروج عن طريقه المعتاد .. السماح لنفسه بالبقاء منخفضاً .. السماح لجميع الأنهار بالتدفق من خلاله .. ألا يعوق التيار ولا يقاوم الرياح، وأن يأتي بكل فعل في الحياة من خلال أسهل الطرق، كما تريد الطبيعة. إن التاو أكثر من مجرد كلمات خاضعة للشرح، إنه ذلك الشيء الذي يمكن الشعور به وتجربته، إنه طريق للعيش في الحياة، خال من القلق.
لا أدري! لا زلت غير متأكدة -وقد أتممت قراءة الكتاب من الجلدة إلى الجلدة- من قدرتي على إجابة السؤال الذي احتل عنوان الكتاب (ما هو التاو)؟!
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (35) في قائمة من (50) كتاب خصصتها لعام 2023 والذي رجوت مع بدايته أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه .. وهو في الترتيب (14) مما قرأت خلال شهر نوفمبر ضمن عشرين كتاب، وقد حصلت عليه في نفس العام من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية ضمن (400) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض .. وقد سبقته بكتاب (ما هو الزن؟) لنفس المؤلف.
وعلى رف (علم الطاقة) في مكتبتي كتب كثيرة، أذكر منها: (تجاوز مستويات الوعي) تأليف (د. ديفيد هاوكينز) / (قوة الكارما) تأليف (ماري براون) / (رحلة الأرواح: دراسات لحالات عن الحياة بين الحيوات) تأليف (د. مايكل نيوتن) / (التدرب على السبيل: نحو حياة ذات معنى) تأليف (الدالاي لاما) / (الحياة بعد الحياة) تأليف (رايموند ماودي) / (الكاهنة إيتفات) تأليف (فاديم زيلاند) / (الإنسان وقواه الخفية) تأليف (كولن ويلسون) / (فيزياء الروح) تأليف (د. أميت غوسوامي) / (الشاكرا يوغا) تأليف (آنوديا جوديث) / (تشخيص الكارما: نظام الضبط الذاتي الحقلي) تأليف (سيرجي لازاريف) / (كتاب الأرواح) تأليف (آلن كاردك) / (لماذا نتأمل؟ علم وممارسة الوضوح والتعاطف) تأليف (دانيال غولمان) / (Inner Engineering: A Yogi’s Guide to Joy) تأليف (Sadhguru) / (The Secret / The Power / The Magic) تأليف (Rhonda Byrne)
من فعاليات الشهر: لا يزال جدولي اليومي مزدحماً .. ولا زلت أصارع الوقت لاستقطاع ما أمكنني منه للقراءة.
تسلسل الكتاب على المدونة: 435
تاريخ النشر: ديسمبر 17, 2023
عدد القراءات:280 قراءة
التعليقات