الكتاب
في جو من الندم الفكري
المؤلف
دار النشر
منشورات المتوسط
الطبعة
(1) 2020
عدد الصفحات
79
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
05/28/2024
التصنيف
الموضوع
ناقد عربي يكتب بالفرنسية
درجة التقييم

في جو من الندم الفكري

كتاب يقرأ ما بين سطور اللغة العربية بعين ناقد عربي الهوية فرنسي الثقافة، يسبر أغوارها كما تموّجت في ثنايا التراث ليعرج منها على الحداثي .. وكأن الفلسفة تلبّست روح اللغة فأفصحت عن جوهر مكنونات المعاني وأسفرت عمّا خفي من خباياها .. فهو يصف عناء ذلك الأديب العربي الذي شاء له القدر أن يموج بين ثقافتين، أولاهما أصله والثانية تشرّبها فكادت تكون أصله الآخر، وهو يعتبر الشغف بالقراءة في الطفولة كالقدر الذي يحدد مصير القارئ المستقبلي .. والغبن المصاحب لتجاهل مترجم ما عكف على نقل جانب من ثقافة أمة لأمة مغايرة، كبخلاء الجاحظ ومترجمه الفرنسي .. والخطأ غير المقصود حين يصدر من اللاوعي فيصبّ المخطئ جام غضبه على نفسه، كما حدث في ترجمة ألف ليلة وليلة العربية للفرنسية، وجدل نوم أبطالها في الليالي من عدمهم .. وأمهات الكتب العربية وعناوينها المزخرفة ببديع السجع، والمستعصية لذلك على الترجمة الحرفية .. والعين كإشكالية لدى بورخيس حين تناول الأدب العربي، كما ظهر في تفسير ابن رشد لفن الشعر الأرسطي، والمعري الذي صمت عن سره رغم تقاطع أقدارهما في فقدان البصر .. واللغة التي يعرف كل كاتب غريزياً أنه سيكتب بها، والسؤال عن لغة الكتابة الذي قد يكون مقلقاً عند ثنائيي اللغة .. والأدب الكلاسيكي الذي يضع القارئ بين معضلتين، إما قراءته لفائدة مرجوة قد تكمن به أو التقاعس عنه … والمزيد المزيد في دهاليز الأدب وفلسفته!

وعن الندم الفكري الذي اختار الناقد الكتابة في جوّه، فقد استشهد له برأي الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار، الذي وجد عملية التفكير تكمن أساساً في التحرر مما سبق من معرفة سيئة .. ماضي الأخطاء الذي إن تم تداركه، حلّت الحقيقة في جو من الندم الفكري .. أو هكذا يقول: ” إذا ما تحررنا من ماضي الأخطاء فإننا نلفي الحقيقة في جو من الندم الفكري. والواقع أننا نعرف ضد معرفة سابقة، وبالقضاء على معارف سيئة البناء، وتخطي ما يعرقل، في الفكر ذاته، عملية التفكير”.

والكتاب الذي نال من رصيد أنجمي الخماسي ثلاثاً، يعرض فهرسه ما يلي من موضوعات:

  • مقامات
  • شارل پیلا
  • فن الخطأ
  • الفتحة التي تختفي وراء الكسرة
  • العميان
  • على هامش الرؤيا
  • وكأني به …»
  • النقطة الفاصلة
  • أخت فرنسوا الأول
  • بورخيس هُـ – والجار
  • مجرد حرف
  • لهذا نقرأ الأدب الكلاسيكي
  • جيد … هذا الأمر
  • الواحدة بعد الألف

ومنها، أدوّن ما علق في ذهني بعد القراءة، وباقتباس في نص فكري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • تنتهي محاولة الطفل الأولى في تهجئة الحروف إلى شغف لا متناهٍ بالقراءة حين يكبر، فلا يتصور ذلك الشغوف العالم بدونها! يقول الناقد في (مقامات): “قد يؤدي الولع بالقراءة على رسم مصير الطفل وتحديد مستقبله الدراسي والمهني”.
  • الكتابة، والحذف، والتصحيح، وإعادة الكتابة والحذف والتصحيح …. وغيرها من عمليات التصويب والطقوس المصاحبة، تجعل للنص الأدبي تعريفاً يبدو واضحاً: إنه النص الذي لا يبرح عمليات المعالجة! قد يفني كاتب ما عمره في تصحيح قصيدة عكف على كتابتها، فينشرها وفي نفسه شيء من عدم تمامها ثم يموت، حتى يتراوح جمهوره بين قارئ لها كما هي أو مصحح لها بغية إضافة الجديد عليها! يقول الناقد في (النقطة الفاصلة): حين كنا تلاميذ كان معلمونا ينصحوننا بخصوص تمرين الإنشاء أن نراجع ما كتبنا بهدف استدراك ما قد يكون فيه من أخطاء لغوية، قبل أن نسلمه لهم للتصحيح كنا نعتبر الخطأ شيئاً عرضياً، مرده إلى الإهمال ويكفي قدر من التركيز لتلافيه .. مراجعة سريعة وتنتهي مهمتنا، هكذا كنا نرى الأمر. أما اليوم فإنني أعيد النظر في ما كتبت عشرات المرات، ولا أتوقف إلا وفي ذهني أنني إن أعدت القراءة سأكتشف هفوات جديدة خلافاً لما كنت أعتقد في صغري، اتضح لي أن الخطأ ليس شيئاً يحدث أو لا يحدث، إنه على العكس المكون الأساس للكتابة، معدنها وطبعها أن تكتب معناه أن تخطئ. تساءل رولان بارت عن السكرتيرة المثالية التي لا ترتكب أخطاء حين تقوم برقن نص من النصوص، وأجاب: ليس لها لاوعي“.
  • يخجل الناقد من خجله! أو بالأحرى في اللحظة التي شعر فيها بالخجل من التعبير عن رغبته الإصدار باللغة العربية، وعدم استساغة إحدى زميلاته رغبته تلك، وكأنه (أخطأ اللغة) ليعود ويستدرك حرجه غير المبرر! إنه ينتقل في التو ليكتب نصاً بالعربية كان يكتبه منذ لحظة بالفرنسية! أهو شعور بالذنب نحو لغته الأم التي هضمتها لغة ثقافة دخيلة؟ “ربما تضامناً مع مؤلفين أحببتهم في صغري” كما عاد وعلل، وقد عني العرب منهم. يستمر الناقد الفرانكفوني ويقول في (جيد … هذا الأمر) وهو يسترجع طفولته على مقاعد الدراسة: كنت أحتمي بهم. ضد من؟ كنت أقرؤهم بالعربية وذهني منصرف إلى الفرنسية. منذ ذلك الحين وموضوع اللغة يهيمن على تفكيري، لم أنفك أطرحه، بل إنه السؤال الأساس في كل ما كتبت. كان يلزم انتزاع حق الكتابة باللغة العربية وفرض نفسي ككاتب عربي يواجه رهاناً صعباً، مجنوناً، ألا يكتب كالأوروبيين، وأن يختلف في الآن عن المؤلفين العرب الذين اطلع على مصنفاتهم“.

والكاتب كمزدوج الثقافة، فقد كتب باللغتين وعني بالتجديد في دراسات الأدب العربي، وتُرجمت أعماله لعدد من اللغات الأوروبية، وعقد الندوات وحصد الجوائز على جهوده. لذا، فقد ضمّن حديثه المشوب بالندم الفكري، الكثير من اطلاعاته السابقة في الكتب والروايات، ما يحفّز القارئ النهم على إشباع فضوله المعرفي والاطلاع بالمثل. ومما ورد منها: رسالة الغفران – تأليف: أبو العلاء المعري / قلائد العقيان ومحاسن الأعيان – تأليف: ابن خاقان / نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب – تأليف: أحمد بن محمد المقري التلمساني / مروج الذهب – تأليف: علي بن الحسين بن على المسعودي / درة الغواص – تأليف: أبو محمد الحريري البصري / مسائل الانتقاد – تأليف: ابن شرف القيرواني / الحلاق الثرثار – تأليف: مصطفى لطفي المنفلوطي / لا أنام – تأليف: إحسان عبدالقدوس / المحكم والمحيط الأعظم – تأليف: علي بن إسماعيل بن سيده المرسي / الكوميديا الإلهية – تأليف: دانتي أليجيري / كنوك – تأليف: جول رومان / دون كيخوته دي لا مانتشا – تأليف: ميغيل دي ثيربانتس / الألف – تأليف: خورخيه بورخيس / خواطر – تأليف: بليز باسكال / يوميات – تأليف: فرانتس كافكا / عالم صغير – تأليف: ديفيد لودج / مدام بوفاري – تأليف: جوستاف فلوبير / – تأليف: / أوجيني غراندي – تأليف: أونوريه دي بلزاك

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (48) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو في الترتيب (5) ضمن قراءات شهر مايو الذي قرأت فيه (12) كتاب، منها واحداً لم أتمّه! وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب أقيم هذا الشهر بإحدى المدن العربية، ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

على هامش الكتاب: أرجع هذا الكتاب لذاكرتي كتاب (مكتباتهم) الذي وضعه (محمد آيت حنّا) وهو كاتب مغربي درس الفلسفة وكتب عنها وترجمها من لغات أخرى، والذي كان يقرأ أيضاً بين سطور الكتب ويرى ما بين أرفف المكتبة!

ومن فعاليات الشهر: كان الوقت حافلاً بإعداد قائمة الكتب التي حرصت على شرائها من المعرض، وبزيارة المعرض خلال معظم أيامه! وليت العام بطوله معرضاً للكتاب .. لكن هكذا هي الأيام السعيدة، سريعاً ما تنقضي، والأمل يتجدد مع المعارض القادمة.

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: العقلية الصهيونية ولاهوت الإبادة / موطن الروح / الغباء البشري / نحو تجديد الفكر القومي العربي / مقالات في السياسة / أخاديد

وعلى رف (المكتبات) في مكتبتي عدد يتجاوز (70) كتاب، بعضها قديم .. أذكر منها: (رسالة الغفران) – تأليف: أبو العلاء المعري / (لماذا أكتب؟) – تأليف: جورج أورويل / (كتاب عن كتب) – تأليف: أنيس منصور / (النوم إلى جوار الكتب) – تأليف: لؤي حمزة عباس / (نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها) – تأليف: الأب أنستانس ماري الكرملي / (بم يفكر الأدب؟ تطبيقات في الفلسفة الأدبية) – تأليف: بيار ماشيري / (العرنجية: بلسان عربي هجين) – تأليف: أحمد الغامدي / (مكتبة شكسبير الباريسية) – تأليف: سيلفيا بيتش / (تكوين الملكة اللغوية) – تأليف: د. البشير المراكشي / (تباريح القراءة: مقالات في القراءة والكتابة وشئونهما) – تأليف: نعيم بن محمد الفارسي / (في مديح القارئ السيء) – تأليف: مكسيم ديكو / (كيف نقرا الأدب؟) – تأليف: تيري إيغلتون / (الزن في فن الكتابة) – تأليف: راي برادبيري / (مهنة القراءة) – تأليف: برنار ربيفو / (مهنة الكتابة) – تأليف: راضي النماصي / (قصر الكتب) – تأليف: روجر جرينير / (من كتبي: اعترافات قارئة عادية) – تأليف: آن فاديمان / (غرفة المسافرين) – تأليف: عزت القمحاوي / (أخلاقيات القراءة) – تأليف: هيليس ميلر / (زيارة لمكتبات العالم: أشهر مكتبات بيع الكتب) – تأليف: خورخي كاريون / (الكاتبات والوحدة) – تأليف: نورا ناجي / (أيها القارئ: عد إلى وطنك) – تأليف: ماريان وولف / (أشياء غريبة يقولها الزبائن في متاجر الكتب) – تأليف: جين كامبيل / (الحقيقة والكتابة) – تأليف: بثينة العيسى / (غربة الكاتب العربي) – تأليف: حليم بركات / (لماذا نكتب؟ عشرون من الكتاب الناجحين يجيبون على أسئلة الكتابة) – تأليف: ميريديث ماران / (يوميات القراءة: تأملات قارئ شغوف) – تأليف: ألبرتو مانغويل

تسلسل الكتاب على المدونة: 498

تاريخ النشر: يونيو 1, 2024

عدد القراءات:429 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *