ومع (غسيل الدماغ) الذي احتل غلاف الكتاب كعنوان رئيسي بارز، جاء عنوانه الفرعي يلمّح عن محتواه في التصدي لعمليات تشويه الوعي الفردي والجمعي من خلال ما يُبث على شاشات الإعلام بطولها وبعرضها من سموم فكرية ودعايات كاذبة -حسب التعبير الوارد- إضافة إلى عمليات التزوير الممنهجة للواقع وللتاريخ على حد سواء .. غير أن محتواه لم يكن كذلك بالتمام، إذ أنه طرق منحى التنمية البشرية في أسلوب الطرح ومعالجة المواضيع، بشكل أكبر من تناول عمليات التشوية المشار إليها بالفضح التوثيقي والتحليل العلمي!.
وعلى طريقة رؤوس الأقلام، أسرد أبرز ما جاء به الكتاب فيما يلي:
- ليس “غسيل المخ” سوى عملية برمجة عقلية تستهدف نشر ثقافة أو غرس مبدأ أو ترسيخ عقيدة أو تبني غاية ما من خلال عمليات ممنهجة نحو تطبيع الوعي الجمعي بها .. العمليات التي تضمن مع تثبيتها، تناقلها عبر الأجيال، ومن ثم استمراريتها لأمد طويل.
- إن أكبر مشكلة تواجه الإنسان في واقعه المعاش هي في الحقيقة مشكلة وحيدة يجدر به حُسن التعامل معها، ألا وهي “اختيار الأفكار الصحيحة” .. فالأفكار السعيدة تستقطب السعادة والأفكار التعيسة تستجلب التعاسة … وكذلك الخوف والتفاؤل والقلق والعزيمة …. وهكذا دواليك.
- السعي وراء المال وحده كهدف أوحد منشود، يأتي على الحياة الاجتماعية والعلاقات الأسرية والصحة الجسدية والنفسية ….، فيعمل على إفشالها جميعاً.
- تثور الفتن بين أفراد المجتمع عندما يصرّ كل فرد على منطقية آرائه وحده وقد جعل من نفسه مثالياً في توجّهاته، الغرور الذي يدفع به نحو مطالبة خصمه التفكير وفق منطقه بغية الوصول إلى الحقيقة، أو “حقيقته الخاصة” التي لا تعود بالنفع إلا عليه، بينما يحاول خصمه فرض منطقه عليه بالمثل .. فينشب الصراع.
- أما “العبودية السيكولوجية” فتأتي على الإبداع وتمحقه وعلى القدرات تُضعفها وعلى الشخصية تمسخها وعلى كل أنواع المُتع المباحة فتمنعها …، وهي إنما عبودية الإنسان للناس، نحو ماذا يتوقعون منه وماذا يقولون عنه وماذا يعتقدون به، قد تصل إلى درجة التحكّم في استثمار ماله وتربية أبنائه وقضاء وقت فراغه.
ومن الكتاب الذي استقطع نجمتين من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس في نص واعٍ ما ورد في موضوع (المتعة في العمل المنتج) والذي انتهى بتساؤل عمّا بإمكان كل إنسان إنجازه إذا ما استبعد الفشل وافترض النجاح بحتمية .. (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي: “بكلمات بنجامين فرانكلين: (إذا كنت تحب الحياة، فلا تبدد الوقت، لأن هذا هو مادة الحياة). يجب أن تتعلم كيف نستعمل مادة الحياة، تملأها بحياة ونشاط ليس بالضجر والبلادة والجمود والقصور الذاتي. هل تفرغ حقيبة نقودك أو مصروفك الجيبي في سلة الزبالة؟ إذن لماذا ترمي بعيداً الوقت الذي هو أيضاً ثمين؟ يجب أن تتعلم كيف نستعمل الوقت بقوة، بإنتاج، كي تسرع شعورك بالاشتراك الحقيقي وتمتعك بعملية الحياة“.
وكمآخذ على الكتاب، أسرد الآتي:
- سطحية المعلومات ما يجعله كتاب موجّه للمبتدئين.
- الإنشائية في التعبير عن المواضيع المطروحة، فضلاً عن تكرارها.
- الرتابة، فالكثير من المواضيع المطروحة متداولة بشكل استهلاكي على شبكة المعلومات.
- المثالية في معالجة المواضيع -كعادة الكتب التنموية- ما يجعل من الحلول غير واقعية وغير عملية.
- الزخم في عرض الأقوال المأثورة عن أصحابها مع الاكتفاء بذكر الأسماء من غير التخصص أو المهنة أو الدرجة العلمية، ما يجعل في الطرح شيء من الاستعراض، أو وكأن القارئ على علم تام بهؤلاء الأعلام.
- يُدمغ الغلاف الأول بتحفة (من أكثر الكتب مبيعاً)، في حين لا يصادق المحتوى عليها بالتمام.
- على هامش مادة الكتاب، تقع بعض الأخطاء المطبعية، أذكر مما رصدت: ص16 الظار (الظاهر) / ص54 رحلاً (رجلاً) / ص55 حر في (حرفي) / ص89: ياني (يعاني) / ص95 تشعل (تشتعل) / ص130 مل (مثل) / ص138 فقي (فقيه) / ص138 بعد (بعدم) / ص151 وعمر 4 سنة (40)
ختاماً، كم يروق لي قيمة تقدير الذات وتثمين كل عمل نافع وإن كان بسيطاً .. فهو إن لم يصنع عالماً مختلفاً، يصنع من صانعه فرداً مختلفاً.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (54) في قائمة خططت لها أن تضم (70) كتاب لهذا العام 2022، وهو سابع كتاب اقرؤه في شهر ديسمبر حيث بات تحدي القراءة على قدم وساق .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
وللمؤلف على مكتبتي كتاب آخر قرأته، هو (الحاسة السادسة)، ولم أجده كذلك على المستوى المتوقع!
من فعاليات الشهر: لا شيء سوى مصارعة الوقت في قراءة المزيد من الكتب وتعويض ما فات خلال العام .. وقد أجّلت عمل الأمس إلى اليوم كثيراً والذي أصبح فائتاً كذلك!
تسلسل الكتاب على المدونة: 385
التعليقات