كتاب بمثابة بحث مصّغر عن الشر كقيمة متأصلة في النفس البشرية، والذي عكف عليه الناقد البريطاني والمفكر الماركسي وأستاذ الأدب الإنجليزي/ تيري إيغلتون، مستعيناً بالمصادر اللاهوتية والفلسفية والنفسية والسياسية، ليؤكد على أن الشر ليس مجرد تحفة أثرية تعود تاريخياً إلى العصور الوسطى، إنما هو ظاهرة بشرية شاخصة في كل العصور، لا سيما في عصرنا الحالي! وفي حين يبدو الباحث مدافعاً عن الشر، فهو يتحرى عن أصل تلك الأرواح التي تتسبب في الدمار من حيث تدري أو لا تدري، وفي المحن المخيفة التي لا تبرح البشرية تكابدها جرّاء ذلك! ويتساءل: هل الشر حقيقة أم خرافة؟ لماذا يبدو مغرياً بينما يبدو الخير في قبالته مملاً؟ وهل من يمارسه ينعم بالسعادة لمجرد ممارسته دون سبب أو هدف؟!
كانت تلك القطعة مشابهة إلى حد كبير القطعة الترويجية التي صاحبت الكتاب، وهو كما يبدو مثير للفضول من ناحية موضوعه الذي يتعمق في إحدى انفعالات النفس البشرية، ومنهجه الموضوعي، ومؤلفه كباحث مختص، غير أنه جاء مخيّباً إلى الحد الذي اضطررت إلى تنحيته قبل إنهائه، وهو قرار قلّما اتخذه إذ أتحلى بالصبر الجميل .. علّ وعسى، غير أن كل محاولة لم تُجدِ!. وعلى الرغم من أن موضوع الكتاب العميق الذي جاء في قالب تحليلي نفسي فلسفي قد يتطلب تمعّناً أكبر في القراءة بغية تمام الإدراك، إلا أن الترجمة الحرفية وغير المتقنة -كما اعتقد- قد لعبت الدور الأكبر في تصنيف الكتاب بهذا القدر من السوء.
على هذا، لا يحظى الكتاب بأي نجمة من رصيد أنجمي الخماسي، وهو ينقسم إلى ثلاثة فصول رئيسية:
- روايات الشر
- المتعة الفاحشة
- معزّو الشر
وكنوع من التعويض، فقد وقعت في المقدمة على معلومة جاءت بفائدة عن الحتمية التي يكمن وراءها الشر، أقتبس منها في نص لافح (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
“يطرح الكاتب اتجاهين مختلفين في تفسير الأعمال الشريرة وأسبابها التي من الممكن أن نطلق عليها أفعالاً سيئة بدلاً من شريرة. الأول، الذي تبناه البنيويون الليبراليون، يعزو سبب الشر إلى الدوافع البيئية المتمثلة في الظروف الاجتماعية. أما الثاني الذي تبناه السلوكيون المعتدلون فينص على أن هنالك مؤثرات في الشخصية تتحكم في سلوك الفرد، ولها تأثير كبير في شخصيته، تؤدي إلى أعمال سيئة لا تنطوي تحت لواء الشر. أي أن لدينا حتميتين في دفع الشخص إلى المبادرة بالأعمال السيئة هما: حتمية البيئة وحتمية الشخصية اللتان تؤثران في شخصية الفرد تأثيراً مباشراً. وهما اللتان تجعلانه يقوم بأعمال لا تنتمي، لا من قريب ولا من بعيد، إلى عالم الشر، حسب مفهوم إيغلتون. وقد تجتمع، في بعض الأحيان، الحتميتان في الفرد في آن واحد. ويعتقد إيغلتون أن الحالتين كافيتان لتبرئة من قام بالعمل. لهذا توصل إيغلتون إلى أن أصحاب الشر هم أبرياء، وذلك لأن الشر يكمن في أسباب بيئية أو شخصية نفسية ليس لفاعل الشر ذنب فيها”.
قد أعود للكتاب في محاولة جديدة لقراءته! وحتى ذلك الحين، ستبقى دار النشر هي الأفضل لدي ضمن دور النشر العربية، والتي أقصدها ابتداءً في أي معرض يقام للكتاب، فضلاً عمّا تزخر به مكتبتي الجوداء من إصداراتها القيّمة!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (12) في قائمة حوت (105) كتاب، قرأتهم عام 2020 .. رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2020 ضمن (90) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!.
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على تدوين بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (مارس)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
“ويبدأ الحجر الصحي فعلياً .. إن الوباء حقيقة وواقع معاش“.
التعليقات