الكتاب
حوار مع صديقي الملحد
المؤلف
دار النشر
دار المعارف
الطبعة
(7) 1992
عدد الصفحات
135
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
06/26/2019
التصنيف
الموضوع
لا إله إلا الله .. ولو كره الكافرون
درجة التقييم

حوار مع صديقي الملحد

كتاب قصير الصفحات لكنه عميق فيما يقدم من فكر وحجة ومنطقية .. يقوم على عدد من الأسئلة يطرحها صديق ملحد للمفكر مصطفى محمود، حاصل على درجة الدكتوراة من فرنسا ويقضي حياته مع الهيبز يصاحبها نبرة ملؤها التحدي والعنجهية حول الخلق والخالق، يدفعه فيه الغرور وهو منكر لوجود الإله .. وهو ذات التحدي الذي يتصدى له المفكر بتحدٍ آخر قائم على العلم والمنطق والإيمان، حتى تكاد كل إجابة تُختم بآية “فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ”.

يعرض الفهرس قائمة من تسعة عشر عنواناً يدور حولها الحوار المحتدم بين الصديقين المؤمن والملحد، ولها من الإيقاع ما يحبس الأنفاس ويوقظ الفضول ويثير نهم المعرفة، منها: (لم يلد ولم يولد / إذا كان الله قدّر علي أفعالي فلماذا يحاسبني؟ / لماذا خلق الله الشر؟ / وما ذنب الذي لم يصله قرآن؟ / هل الدين أفيون؟ / وحكاية الإسلام مع المرأة / لماذا لا يكون القرآن من تأليف محمد؟ / هل مناسك الحج وثنية؟ / موقف الدين من التطور / فزنا بسعادة الدنيا وفزتم بالأوهام)!.

يحصد الكتاب رصيد أنجمي الخماسي كاملاً، والذي أعرض في الأسطر التالية غيض من فيضه، وباقتباس في نص إيماني (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:

  • ليس الإله كما يتصوره العقل البشري في إسقاطاته، فعندما يتعرّض الملحد إلى التصور الديني حول إله (لم يلد ولم يولد)، يعيب المفكر على طبيعة السؤال نفسه لما يعتوره من فساد في اعتقاد خضوع الخالق للقوانين التي أخضع لها عباده “فالسببية قانوننا نحن ابناء الزمان والمكان”، ومن خلق قانون السببية هو الله الذي لا ينبغي للعقل الرشيد تصوّر خضوعه لما خلق!.
  • يغمز الملحد بعينه وهو يلمز في سؤال (هل الدين أفيون؟)، حيث يستغرق الفقراء في خدر الوعود الأخروية من جنة ونعيم وحور وكؤوس، في الوقت الذي يتقلّب فيه الأغنياء في نعيم مستقر، بحجة تقسيم الأرزاق والدرجات بين الخلائق أجمعين. لا يفت المفكر الإشارة -وهو يقوّم هذا الالتفاف- إلى ميثاق حقوق الإنسان الذي سبق إليه الإسلام وهو يساوي الفرد الواحد بالإنسانية جمعاء، حيث يقول عز وجل في كتابه العزيز: “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”. وبينما يكون الإنسان الغربي محدود القيمة كمنتسب لحزب سياسي ما، فإن الإنسان المسلم يحظى بالقيمة المطلقة في بيته وعمله وماله وملكه وحريته. وهو كذلك يقدم الحل الوسط في “لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ ۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ بين الرأسمالية التي تطلق للفرد الواحد حرية التملك المطلقة حد استغلال الآخرين، وبين الشيوعية التي سحقت هذا الحق بالتمام. كما أن الإسلام هو في حد ذاته دين وسطي بين المادية اليهودية الجافة والروحانية المسيحية العارمة.
  • وعن الصلاة المكتوبة وصورتها وحركاتها وسكناتها، يقول المفكر: “حكمة الصلاة أن يتحطم هذا الكبرياء المزيف الذي تعيش فيه لحظة سجودك وملامسة جبهتك التراب وقولك: (سبحان ربي الأعلى)، وقد عرفت مكانك أخيراً، وأنك أنت الأدنى وهو الأعلى .. وأنك تراب على التراب، وهو ذات منزهة من فوق سبع سموات”.

ليس العلم ولا الفكر ولا اللغة ولا الحساب ولا الحيلة ولا الدهاء … ما يخلق للمرء الحجة الدامغة في إحقاق الحق ودحض الباطل، بل هو نور يختص به الله عز وجل لمن اصطفاه من عباده المخلصين. وصدق عز من قال: “بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ”.

على الهامش .. استحضر وأنا أعيد قراءة الكتاب بعد مرور الأعوام، موقفاً بيني وبين زميلة لي كانت تحدّث مراءاة عن شغفها بالكتب! فبعد أن أنهيت قراءة هذا الكتاب توجهت إليها بكامل الشغف وأنا أوصيها بقراءته، لما وجدت فيه من قيمة. رحّبت ظاهرياً واستعارته، وما لبثت أن أعادته كما هو وهي تترفع عن قراءته بحجة أنهم (قالوا لها ألا تقرؤه .. فهو كتاب “مش كويس”)!.. وأتساءل: هل طالت الكتب ثقافة القيل والقال؟ أم إنها الإمعية؟ عجباً كيف لم تقرؤه وقد كنت من الذين (قالوا عنه أنه “كويس”)؟

لا يزال د. مصطفى محمود المفكر (الغائب الحاضر) بأصالة فكره، وصدق منهجه، وإخلاصه لما يعتنق. لقد قرأت كتابه الحواري هذا وأنا في بواكير العشرين، ويأبى الذهب إلا أن يترامى شعاعه وإن مرت الأعوام، وتعاقب على الفكر الحر تيارات الدحض والتأييد والنقص والزيادة.

رحمه الله

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (32) في قائمة ضمت (85) كتاب، قرأتهم عام 2019 .. رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وقد قرأته ضمن مجموعة إصدارات للمؤلف خلال أسبوع خصصته لإعادة قراءتهم من جديد. أما عن هذا الكتاب تحديداً، فقد اقتنيته مع بدايات إصداره ضمن مجموعة كبيرة من إصدارات المؤلف حيث قرأتهم جميعاً آنذاك، والتي جاءت في طبعة منسوخة باستخدام الآلة الكاتبة على أوراق مصفرّة، والتي ازدادت اصفراراً حتى اللحظة .. والمفارقة أن أجد فوق أرفف مكتبتي نسختين من الكتاب تعود للطبعات القديمة تلك!.

 

تاريخ النشر: أبريل 26, 2022

عدد القراءات:293 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *