مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
رواية أمريكية في أدب المدينة الفاسدة (ديستوبيا) .. تدور أحداثها في ستينيات القرن الماضي حول بطلها الأول (أغناطيوس رايلي) المفرط في الطعام، الفاحش اللسان، والغريب في أطواره وأفكاره وأفعاله، فضلاً عن قلقه وعنجهيته.. رغم تفوقه الأكاديمي وثقافته واطلاعه العريضين! تختلط الأحداث في الرواية بين الشرطة، وحادثة السير التي تتعرّض لها والدة البطل، وأعماله غير المستقرة، وعلاقاته المبتذلة، وغيرها من أحداث ممتدة ومتداخلة تعكس أخلاقيات مجتمع غربي بانفتاحه وإباحيته.
تنقسم أحداث الرواية في أربعة عشر قسماً، لا يحمل أي قسم منها عنواناً بل رقماً، حيث يظهر ابتداءً بطلها المحوري أغناطيوس -المغال في كل شيء- في ملابسه الرّثة، وهو يتصفح كتاباً عن العصور الوسطى، والتي كان يعتبرها عصراً تنويرياً عكس الظلامية التي عُرفت بها حسب تأكيد المؤرخين، فيكتب شيئاً من خواطره عنها تقول: “مع سقوط نظام العصور الوسطى بسطت آلهة الفوضى والجنون والذوق الفاسدة هيمنتها”. وتتوالى أحداث الرواية عند مشهد بسيط! إذ يسترع انتباه الشرطي (انجيلو مانكوزو) منظر أغناطيوس البوهيمي الواقف قبالة متجر (د. هـ. هولمز) في انتظار والدته، فيبدأ في مساءلته بينما يُبدي أغناطيوس اعتراضه في فجاجة، فينتهي المشهد المضطرب عند هذا الحد بتدخل المشاة، وبوالدته لاحقاً وقد فرّا في النهاية إلى ملهى يفتتح أبوابه نهاراً. تستمر الأم في الشراب وهي تعاني أصلاً من آلام في مفاصلها .. الافراط الذي يتسبب في حادثة سير تتكبد معه مبالغ مالية تُلزمها قانونياً بالتعويض، فيضطر ابنها أغناطيوس عندئذ إلى الخروج من داره مكرهاً، تاركاً كتابه وباحثاً عن عمل، حيث تتوالى الأحداث عند هذا التغير الطارئ.
تعكس الرواية شخصية مركبة متمثلة في بطلها أغناطيوس الذي يعتنق أفكاراً لم تلق قبولاً بين أفراد المجتمع الأمريكي وقد قابله بالاحتقار .. وهي الأفكار التي تكفّلت بتوالي فشله من خلال الأعمال التي أوكلت إليه، مع من أحاط به آنذاك.
قد تسترع الرواية شيء من الانتباه فيما يتعلق بالخلفية المأساوية التي ارتبطت بها، إذ أقبل مؤلفها على الانتحار عام 1969 بعد رفض عروض نشرها من قبل دور النشر، غير أن محاولات أمه الدؤوبة باءت بالنجاح بعد مماته، وقد حظيت بجائزة بوليتزر للقصة عام 1981. تستهل الصفحات الأولى من الرواية بهذه المعلومة عن مؤلفها ملحقة باقتباس للأديب الإنجليزي (جوناثان سويفت) يقول فيه: “تعرف العبقري الأصيل لحظة ظهوره في العالم بهذه العلامة: الأغبياء جميعاً يتحالفون ضده”.
لا تحظى الرواية بأي نجمة من رصيد أنجمي الخماسي لعدد من المآخذ، أذكرها كما يلي:
ختاماً، تبقى دار النشر هي المفضلة لدي ضمن عدد محدود من دور النشر العربية، ووجهتي الأولى في أي معرض للكتاب أحضر إليه، وهي الدار التي تزخر بها مكتبتي بعدد كبير من إصداراتها الفكرية المتفرّدة عن أي دار نشر أخرى.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الرواية (20) في قائمة ضمت (85) كتاب، قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط .. وهي آخر ما قرأت في شهر مارس من بين ثمانية كتب! لقد جاءت قراءة هذه الرواية تحديداً وتقييمها كخدمة قدّمتها لإحدى الجهات العاملة في مجال المكتبات، وما اقتنيتها.
تسلسل الرواية على المدونة: 141
تاريخ النشر: أبريل 23, 2022
عدد القراءات:706 قراءة
التعليقات