♥
وفي يونيو من عام 2024
أي بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على افتتاح مدونتي
أصبحت مدونتي تضم مراجعات كتابية
عن 500 كتاب
♥
مع خالص الشكر لأصدقاء الكتب على الدعم والمتابعة
♥
اقرأ
لا
لأنني
زاهدة
في
الحياة
لكن
لأن
حياة
واحدة
لا
تكفيني
♥
مي .. الأديبة الغائبة الحاضرة .. النابغة التي سبق فكرها زمانها، والذي لا يحدّ بينه وبين زماننا إلا تاريخ مطبوع فوق أوراقنا!
ما هو كنه تلك الملكة الفكرية التي احتوت بتفرّد اللغة والأدب والشعر والفن والتاريخ والوطن والدين والسياسة والجندر والثقافة والحضارة، بلغات الإنسان؟!
لقد وزنت مي كل كلمة بميزان العقل، فجادت بحكمة في كل ما عرض لها من شئون الحياة .. قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً! لقد ظهرت كالمُصلحة التي إن انتقصت من الواقع شيء فبموضوعية، فأرفقت الحل معه، فليس لعلة الانتقاد لديها إلا الإصلاح!
أما عن عنوان الكتاب الذي حوى أمور بين جزر ومد، فثمة وطن .. الذي وإن جارى مدّه السني نواميس الكون فتخاذل في جزر محتم، وخضع في قرون للدعة بعد نصر لقرون عدة، فها هو ينهض من جديد .. وكذلك حال الشعوب بحضاراتها، التي وجدتها مي كالبحار، لبعضها مد وجزر ولأخرى ارتفاع وهبوط، والتي فسّرت بها حياة اللغات وموتها، وبقاء العربية -دونها ودون التصاريف التي جرت عليها جميعاً- حية .. فتستنتج أهم أسباب بقائها قائلة: “ستظل اللغة العربية حية ما دام الإسلام حياً، وما دام في أنحاء المسكونة ثلاثمائة مليون من البشر يضعون يدهم على القرآن حين يقسمون”.
إنها مدرسة فكرية في حد ذاتها، تثير إعجاب الرجال الحكماء من جانب، وتثير حفيظة أشباه الرجال من جانب آخر .. فتراها تردّ على عنادهم المدفوع برغبة تحدي أي امرأة حصيفة، برد ذكي يعلوه فخر ويشوبه سخرية ضمنية .. لا يجد معه أولئك الأشباه من حيلة سوى وصمه بعناد أنثوي معتاد! وفي روح ذلك الإعجاب، يتساءل في عجب الأديب المصري (سلامة موسى) الذي عاصر الأديبة، في مقدمة الكتاب قائلاً: “وكيف لا نعجب بفتاة شرقية تقول في (مقال المحروسة): فالمسئولية صارمة تثقف الذات القومية والذات الفردية، غير ملاينة ولا مهادنة، وهي من أكبر البواعث على نفض دثار الخمول وتكوين صفات النبل والكرامة” .. ثم يعقّب على رسالتها الإنسانية نحو بذل مزيد من الحرية لأجل الإنسان، قائلاً: “فإذا كنا نطلب مع مي، زيادة مسئولية نسائنا، وزيادة مسئولية شبابنا، وزيادة مسئولية صحفنا، فإننا ننال ما نبتغيه من الحرية دون اسمها”.
فمن هي إذاً؟ إنها (مي زيادة 1886 : 1941) أو (ماري إلياس زيادة) المولودة في مدينة الناصرة الفلسطينية لأم من أصل فلسطيني وأب لبناني، وهي التي أتقنت مبكراً تسع لغات، هي: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الإسبانية، اليونانية اللاتينية، السريانية. حظيت برعاية خاصة من والديها لا سيما كونها الوحيدة بعد وفاة شقيقها، وقد قالت فيها والدتها: “أن من ينجب ميّاً، لا يُنجب غيرها”. تنتقل وعائلتها إلى القاهرة، فتعمل في تدريس اللغات، وتنكّب على دراسة اللغة العربية تجويداً وتعبيراً، علاوة على التحاقها بجامعة القاهرة لدراسة الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة. ثم تفتتح صالوناً أدبياً تستقبل فيه كل ثلاثاء كوكبة من المفكرين والشعراء والأدباء، من بينهم المفكّر عباس العقّاد والصحفي موسى سلامة، حتى أصبحت محط أنظار وإعجاب الكثيرين. تنخرط كذلك في مجال الصحافة، وتنشر مقالاتها في الصحف المصرية التي كانت تذّيلها بأسماء مستعارة كثيرة، منها (شجية، عائدة، كنار، خالد رأفت، إيزيس كوبيا، السندبادة البحرية الأولى)، وقد ساهمت بدور بارز في الدفاع عن حقوق المرأة حتى توُّجت كإحدى الرائدات في حركة النهضة النسائية العربية الحديثة. ومن أقوالها في حق المرأة في التعليم: “النور النور .. نريد النور دوماً وفي كل مكان! نريد أن يفهم الرجل كرامة المرأة، وأن تفهم المرأة كرامة الإنسانية”، وفي مناهضة الحجاب الذي لم تعتقد به حجاباً شرعياً مرادفاً للاحتشام، أكثر منه حجاباً عن التطور، فرضه الرجل بقصد على المرأة: “هذا الحِجاب الوهمي انبذه بعيداً فهو لا يحجب وجوهاً .. كلا، ولا ملامح! إنما يحجب عقولاً راجِحة ونشاطاً فتياً ونفوساً وثابة إلى العُلا، وإن أبيِّتن إلا اسداله فأسدلنه”. تتبادل الرسائل العاطفية مع أديب المهجر اللبناني (جبران خليل جبران) إلى نحو عشرين عاماً دون أن يلتقيا، حتى وفاته في مدينة نيويورك، وقد أعقب وفاة والديها. على إثر تلك الصدمات، عانت مي من اضطرابات نفسية نقلها أهلها على أثرها إلى مستشفى للأمراض العقلية في لبنان، وقد أساءوا معاملتها، حتى إذا ما خرجت جابت عدداً من البلاد الأوروبية تخفيفاً عمّا أصابها، حتى تعود وتستقر في القاهرة وتموت في إحدى مستشفياتها عن عمر ناهز الخامسة والخمسين. قالت الناشطة المصرية في حقوق المرأة (هدى شعراوي) في تأبينها: “كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة”.
لذا، لا عجب أن يستنفد الكتاب رصيد أنجمي الخماسي كاملاً! ومنه، وقد عرضت صفحة المحتويات في أوله قائمة من المقالات، أدوّن ما راق لي فيما يلي، وباقتباس في نص حصيف (مع كامل الاحترام لحقوق النشر، وقد باتت الحقوق تابعة للملكية العامة):
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (57) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو في الترتيب (2) ضمن قراءات شهر يونيو. وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب الإلكتروني في ديسمبر من عام 2023، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.
ولمي زيادة في مكتبتي: سوانح فتاة / كتابات منسية / رسائل مي: صفحات وعبرات من أدب مي الخالد .. إضافة إلى كتاب (مي: ليالي إيزيس كوبيا) يحكي سيرتها، للروائي واسيني الأعرج
ومن فعاليات الشهر: القراءة فقط ولا شيء سواها .. وذلك عظيم.
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: قناع بلون السماء / لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟ / سبعة أصناف من الأشخاص تجدهم في المكتبات
وعلى رفي (الأدب العربي) و (أدب المرأة) في مكتبتي عدد يقارب (430) كتاب، منها ما هو قديم انتقل لمكتبتي من مكتبة العائلة العريقة .. أذكر منها: (البدائع والطرائف) – تأليف: جبران خليل جبران / (لزوم ما لا يلزم) – تأليف: أبو العلاء المعري / (النظرات والعبرات) – تأليف: مصطفى لطفي المنفلوطي / (حديث المساء) – تأليف: أدهم شرقاوى / (سأخون وطني: هذيان في الرعب والحرية) – تأليف: محمد الماغوط / (من لغو الصيف) – تأليف: طه حسين / (الأدب الصغير والأدب الكبير) – تأليف: عبد الله بن المقفع / (اهتزازات الروح: عشرة بحوث في أدب العرب وفكرهم) – تأليف: د. عيسى العاكوب / (وحي القلم) – تأليف: مصطفى صادق الرافعي / (أحوال وقضايا المرأة المسلمة في دراسات المستشرقين) – تأليف: أم كلثوم أكزناي / (الندم على الأمومة) – تأليف: ستيفاني توماس / (المبدأ الأنثوي الأبدي: أسرار الطبيعة المقدسة) – تأليف: جوزيف كامبل / (نساء في غرفة فرجينيا وولف: قراءة نقدية وثقافية) – تأليف: د. سعاد العنزي / (المرأة الثالثة: ديمومة الأنثوي وثورته) – تأليف: جيل ليبوفيتسكي / (شهرزاد ترحل للغرب) – تأليف: فاطمة المرنيسي / (حان أوان النهوض: كيف لتمكين المرأة أن يغير العالم) – تأليف: ميليندا غيتس / (نادي المتمردات) – تأليف: حمدي خليفة / (عن المرأة والدين والأخلاق) – تأليف: د. نوال السعداوي
تسلسل الكتاب على المدونة: 507
تاريخ النشر: يونيو 21, 2024
عدد القراءات:202 قراءة
التعليقات