الكتاب
بضع جمل قصيرة عن الكتابة
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Several Short Sentences About Writing - By: Verlyn Klinkenborg
المترجم/المحقق
مأمون الزائدي
دار النشر
دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2018
عدد الصفحات
218
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/16/2022
التصنيف
الموضوع
(ما قل ودل) كمنهج نحو الكتابة الإبداعية
درجة التقييم

بضع جمل قصيرة عن الكتابة

كتاب ظريف يعرض فيه الكاتب بضعة خواطر تحيط بأجواء الكتابة في العموم، من خلال لغة فلسفية اعتمدها، تسبر جوهر الكاتب، وفعل الكتابة، والكلمات، وما بين السطور! ففي استهلاله، يفترض أن كل ما تم التعارف عليه عن “كيفية عمل الكتابة” ليس إلا “تصورات خاطئة” بل “وضارة أيضاً”، إذ أن معظم الناس -في رأيه- يظنون أن ثمة “طرائق خفية غير منظورة” تتم من خلالها عملية الكتابة! بيد أن الأمور التي تعرض لهم في أدمغتهم دون التيقن من مصدرها وكيفية حدوثها، تكون محل ثقة كبرى لديهم .. وهذا ما يدلّ على وجود إشكالية كبرى حول مفهومي “الإبداع والعبقرية”.

ومع هذه الفرضية، يؤكد الكاتب أن ما تعلّمه عن الكتابة وغيره من الكثير من الكتّاب، تم في الحقيقة عن طريق “التجربة والخطأ”، فقد كان عليه أولاً اجنياز حدود التلقين الأكاديمي الذي لم يكن مجدياً في الأساس، ومن ثم تعلّم أسس الكتابة الصحيحة شيئاً فشيئاً .. وكل ذلك تحصّل عن طريق حب اللغة، وعمر طويل أمضاه في القراءة، “وأتت البقية من سنوات من الكتابة وتدريس الكتابة”. ومع هذا اليقين، والحق الذي أعطاه لنفسه في نبذ ما تعلّمه سابقاً وتعليم نفسه بنفسه من جديد، يعطي القارئ نفس الحق، فيدعوه إلى أن يفحص كتابه هذا مرة أخرى، وأن يقرر بنفسه ما يصلح له وأن يتجاهل ما دونه، فليس كتابه مقدّساً ولا يتضمن مبادئ تستوجب الالتزام بها، بل إنه يحرّضه كذلك على مخالفته ومقارعته بالحجة.

فمن خلال كتابه (Several Short Sentences About Writing – By: Verlyn Klinkenborg)، يعرض الكاتب والأكاديمي الأمريكي (فيرلين كلينكنبورغ) ما يقارب ثمان وعشرين جملة قصيرة عن الكتابة، تأتي بمثابة نقاط مبدئية أو إرشادات أساسية، تهتم بتوضيح الفكرة التي تعتمل في المخيلة، وتساعد على إيجاد أسلوب متفرّد في الكتابة، وتعني باكتشاف “ماذا يعني أن تكتب؟”. وبدوري، أعرض مقتطفات مما علق في ذهني من تلك الجمل الواردة في الكتاب، الذي عني بترجمته من لغته الأصلية القاص والشاعر والمترجم الليبي (مأمون الزائدي)، وباقتباس في نص وثير (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) .. وقد استقطع الكتاب نجمتين من رصيد أنجمي الخماسي:

  • عن نهج الكتابة، يعتقد الكاتب أنه “من السهل أن تقول ما تود قوله في جملة قصيرة” .. فعلى الرغم من التلقين الذي تلّقاه الكتّاب في السابق عن (طفولية) الجمل القصيرة، وأنها “مجرد خطوة أولى نحو كتابة جمل أطول” .. إلا أنها “ببساطة تقول قطعتها وتترك المسرح”.
  • أما عن ظرف الكتابة، فيجب التعلّم بأنه من الممكن للكتابة أن تتم في أي مكان وأي زمان وتحت أي ظرف، حتى من العدم، إذ أن “كل ما تحتاجه حقاً هو رأسك”. لذا، يعتقد الكاتب أن ما يتصوّره الكتّاب حول طقوس الكتابة وأسبابها وأجوائها، مثل: كوخ وسط غابة، هدوء تام، حبر خاص، قلم مفضّل، ضوء قمر، بزوغ فجر، عاصفة رعدية، شاي أخضر، مائدة وكراسي ووسائد …..، إنما هي عوائق تعرقل غرض الكتابة في حد ذاتها.
  • غير أن الاستعجال في إتمام الكتابة، والانتهاء من حظوة الأفكار الآخذة في التدفق -وكأن لا نهاية لها- يولّد حتماً شيء من العصبية، رغم أن الاسترسال في حبل الأفكار قد يقود إلى التفكير من زوايا معينة تقود بدورها إلى بدايات جديدة، “فإن من شأن ذلك أن يجعل قطعة مختلفة تأتي إلى حيز الوجود” .. فلا خوف إذاً من اتّباع طريقتين لتناول موضوع ما، ولا يجب الاعتقاد بنهج بعينه وكأنه وحده المجدي، ولا بأس على الإطلاق من الانقطاع عن الكتابة أثناء الكتابة.
  • ثم يتحدث الكاتب عن (إغواء القارئ) الذي تم التعارف على تزامنه مع الكلمة الأولى والتي لا بد أن تأتي مثيرة بدورها .. كاعتقاد خاطئ. فيقول: “ورغم ذلك، مازلنا -بطريقة أو بأخرى- نعتقد أن الموضوع هو كل شيء! نحن نعتقد أن الكاتب هو قصته، وأن سلطته تعتمد إلى حد ما على ما حدث في حياته .. إن سلطته هي الأصالة. يضج الناس لسرد قصصهم في الكلمات، وهذا لا يجعل منهم كتّاباً، ولا يجعل قصصهم ذات أهمية. إذا كنت أنت هو قصتك، فمن أين ستحصل على أخرى؟ إذا فهمت كيفية بناء الصمت والصبر والوضوح في نثرك، ‎كيفية بناء الجمل التي هي رشيقة وإيقاعية ودقيقة ‎ومليئة بالتصورات، ‎يمكنك حينها الكتابة عن أي شيء، حتى نفسك”.
  • ثم يأتي الكاتب ببعض الاقتباسات من منشورات مختلفة، كأمثلة تطبيقية للنقد البنّاء، فيعمد إلى تحليل الإشكالية في النص، وتصحيحها على طريقته. ورغم اعتقادي بأن الأمثلة التي جاء بها عملية بما يكفي، إلا أن عملية الترجمة مثّلت إشكالية للقارئ العربي في توضيح فعالية عمليتي التحليل والتصحيح! أذكر منها هذا النص: ‎”المرأة في الثانية والعشرين، جلدها لوحته الشمس مثل الذي لزوجين ‎متقاعدين من ولاية فلوريدا” .. ويعقّب بتعليق ناقد بغرض التصحيح، قائلاً: “‎يا لها من امرأة غريبة، أن يكون لها جلد زوجين متقاعدين من فلوريدا في حوزتها. كيف يمكن لجلدها الذي لوحته الشمس (عبارة لطيفة) أن يشبه ذلك الذي للزوجين؟ لماذا تقارن مع شخصين؟ أكان يجب أن يكونا زوجين ‎للحصول على بشرة واحدة فقط؟”.

ملاحظة: إضافة إلى التكرار والإسهاب، لم تكن ترجمة الكتاب متقنة بشكل تام، فرغم أن الألفاظ والتراكيب اللغوية جاءت صحيحة في بعض الفقرات، إلا أنها لم تأتِ بجملة مفيدة، ما يكون قد أخلّ بفهم القارئ.

ختاماً أقول: نعم، قد يكون ملهماً أن يتساءل أحدنا عن خاطرة لاحت له لوهلة ما، إذ لا تكمن الجاذبية فيما لاح فجأة، بل في كيفية وصوله إلى الفكر والاهتمام .. من مكان لآخر .. من تيار متدفق للأفكار إلى توقف مفاجئ .. فتحلو الملاحظة لبرهة ثم لتمضي بعد ذلك .. وقد استعان الكاتب بهذه التقنية في حياته، إضافة إلى كتابة جُمله القصيرة عن الكتابة.

 

تم نشر مقالة عن الكتاب في جريدة الشرق

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (60) في قائمة احتوت (70) كتاب قرأتهم في عام 2022، وهو الكتاب رقم (13) ضمن (22) كتاب قرأتهم في شهر ديسمبر .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية في نفس العام ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

من فعاليات الشهر: لا شيء سوى مصارعة الوقت لقراءة المزيد من الكتب وتعويض ما فات خلال العام .. وقد أجّلت عمل الأمس إلى اليوم كثيراً والذي أصبح فائتاً كذلك!

تسلسل الكتاب على المدونة: 391

 

تاريخ النشر: ديسمبر 16, 2022

عدد القراءات:527 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *