الكتاب
الوجودية منزع إنساني
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
L'existentialisme est un humanisme - By: Jean-Paul Sartre
المترجم/المحقق
عبدالمنعم الحفني
دار النشر
التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2012
عدد الصفحات
117
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
06/04/2020
التصنيف
الموضوع
مدخل إلى الفلسفة الوجودية
درجة التقييم

الوجودية منزع إنساني

كتاب جيد في طرحه العام والمبسِط للفلسفة الوجودية على لسان أحد أشهر أعلامها .. الفيلسوف والروائي والكاتب والناقد والناشط السياسي الفرنسي (جان بول سارتر)، يجعله بمثابة مدخل تعريفي لها.

تمتد موضوعات الكتاب في فهرسه على مدى خمس صفحات، وهي فعلياً عبارة عن محتوى لمحاضرة عقدها سارتر في نادي منتون الفرنسي عام 1945، بناءً على طلب من أعضائه، وقد جاء هذا الاهتمام تجاوباً مع المد الحضاري ومواكبة موجة التحرر، وتنشيط الحركة الأدبية والفكرية آنذاك. تم تفريغ هذه المحاضرة في قالب كتاب، وتم نشره بعد مراجعة يسيرة من سارتر نفسه. قد يستطيع القارئ المهتم بعد هذا الكتاب الذي جاء كمدخل بالتوسع من خلال مؤلفات الفيلسوف، أو مؤلفات الفلاسفة الآخرون.

وعلى طريقة رؤوس الأقلام، أسرد ما علق في ذهني من جوانب الفلسفة التي عرضها الكتاب، وقد استحق نجمتين من رصيد نجماتي الخماسي، كما يلي:

  • يصرّح سارتر ابتداءً وقبل استهلال محاضرته عن علمه المسبق بالمآخذ الموجهة لجوهر الوجودية كفلسفة تبحث في الجانب السيء للإنسان والحياة، إلى حد بررت فيه إحدى السيدات تفوهها بكلمة نابية، بعد اعتذارها قائلة: “اعتقد أنني أصبحت وجودية”.
  • تنقسم المدرسة الوجودية إلى قسمين: المسيحية والملحدة. وعلى اختلافهما، فإنهما تعتقدان بأسبقية الماهية على الوجود، بخلاف العلم الميتافيزيقي. فالذات هي أصل الوجود، وهي بالتالي المبحث الأساسي للوجودية. (ملاحظة: يعني بالمسيحية في ربطها بالوجودية، بالمدرسة التي تؤمن بوجود إله، خلاف المدرسة التي لا تؤمن بوجوده).
  • في إشارة إلى نفسه كوجودي ملحد، يعتقد سارتر بتماسك الفلسفة الوجودية الملحدة أكثر من نظيرتها المؤمنة، فهي إن كانت لا تخضع لإله، يُصبح الإنسان لديها سابقاً على الوجود، ولا يخضع بالتالي لتعريف مسبق ضمن أي مفهوم! وهو يعني بهذا أن الإنسان قد وُجد أولاً، ثم التقى بالعالم، ثم اشتُق منه، ثم تم التعريف به كإنسان.
  • بناءً على هذه “الوثبة” للوجود، فإن الإنسان هو من صنع نفسه على هذا النحو في الحياة، وهذا ما عناه بـ (التصور الوجودي للإنسان).
  • يزيل سارتر اللبس الذي يصاحب مفردة (الذات) كمأخذ على الوجودية، من خلال ربطها بـ (المسئولية). فالإنسان بتملّكه للوجود، أصبح مسئولاً تاماً عن وجوده، غير أن المسئولية الذاتية لا تنحصر فيه كفرد، بل تشمل مسئوليته تجاه الناس أجمعين.
  • يتطرق بعد هذه (المسئولية) إلى مفهوم (الاختيار)، فيضرب مثلاً بأن الفرد في اختياره الانضمام إلى منظمة مسيحية بدل أخرى شيوعية، وسعيه من ثم نحو الانصياع الديني في سبيل الحياة الأخروية الحقيقية، فإنه بهذا لم يُلزم نفسه فقط حين أصبح ممثلاً لما يعتنق، بل أراد أن يكون انصياعه بمثابة قدوة للجميع، وإلزام الإنسانية بعد ذلك بنفس المسلك.

ومن حكمة الفلسفة التي وردت في الكتاب (L’existentialisme est un humanisme – By: Jean-Paul Sartre)، أقتبس ما يلي في نص نابض (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • يعتقد سارتر بأن الوجودية تتعارض مع الخمول، فيقول: “ليس الإنسان شيئاً آخر غير مشروعه، ولا يوجد إلا في النطاق الذي يتحقق فيه هذا المشروع. فهو إذاً لا شيء آخر سوى مجموعة أفعاله، ولا شيء آخر سوى حياته”.
  • يرى سارتر بأن على الإنسان أن يُبدع في كل لحظة من وجوده. في هذا يورد رأي أحد الشعراء الفرنسيين بأن: “الإنسان هو مستقبل الإنسان”، ثم يورد رأياً أشبه بالآراء الواردة في قضية (الجبر والاختيار)، قائلاً: “وهذا صحيح تماماً لكننا نقع في الخطأ إذا فهمنا فقط من هذا القول أن هذا المستقبل مكتوب في السماء، وأن الله يعلمه، فهذا لن يكون البتة مستقبلاً. أما إذا عنينا من هذا القول أن أي إنسان يظهر، يكون ثمة مستقبل عليه أن يصنعه، مستقبل بكر ينتظره، فعندئذ يكون اللفظ صحيحاً”.

على هامش المادة الفلسفية للكتاب، يضيف الكتاب للقارئ بعض الفوائد، أذكر منها:

  • الإشارة إلى عدد من الفلاسفة والكتّاب والشعراء، من خلال التطرق إلى أبرز أعمالهم، مثل: ايميل زولا، مارسيل غابرييل، ياسبرس كارل، مارتن هيدغير، ألبير كامي، ايمانويل كانت، كيركغارد سورين، راسين جون، بروست مارسيل، جيد أندريه، بونج فرانسيس، كوكتو جون، كونت أوغست، سيمون دي بوفوار.
  • شرح مختصر لعدد لا بأس به من المصطلحات العلمية والفلسفية والفكرية، تُذكر معظمها كحواشي في أسفل الصفحات. على سبيل المثال: الزواج الأحادي، الطبيعيون، الرومنطيقية، السريالية، الفردية، العلمانية، الراديكالية، التراجيدية، البرجوازية، البينذاتية.
  • الفائدة الأهم التي أرتجيها مع كل كتاب اقرأه، هو الكتب التي سيُفتح لها المجال لقراءتها. أذكر أدناه ما جاء عرضاً بين مواضيع الكتاب، إذ لا يحوي على صفحة للمراجع .. كما يلي:

الكتب: مواقف – سارتر / رسالات فلسفية – فولتير / التأملات الميتافيزيقة – ديكارت / الوجوديون والسياسة – بيرنييه غاليمار / موسوعة الفنون والعلوم – دينيس ديدرو / لسان العرب – ابن منظور.

الروايات: دروب الحرية بأجزائها الثلاث: سن الرشد، الحزن العميق، وقف التنفيذ – سارتر / الغثيان – سارتر / الأرض – إيميل زولا / نحو البحث عن الزمن الضائع – بروست مارسيل / الطاحونة فوق نهر فلوس – جورج إليوت / دير بارما – ماري هنري.

وبالإضافة إلى هذا الكتاب، تحظى مكتبتي بثلاث كتب أخرى للفيلسوف، هي: الجحيم: جلسة سرية / الغثيان / التخيل .. والمزيد قادم.

في عجالة -وعلى سبيل النقد الأدبي- فإن هذا الكتاب الفلسفي الموجز:

  • سليم اللغة وواضح المفردات عموماً، إلا أنه يحوي بعض المفردات الغريبة، قد تعود إلى الترجمة.
  • ترجمة جيدة إلا أنه يشوبها شيء من الركاكة، بحيث لم تعكس المعنى الصريح للفلسفة في بعض جوانبها، وقد بلغت أوجها في الفصل الأخير (حوار بين سارتر ونافيل) المعني بالإجابة على الأسئلة المطروحة أثناء المحاضرة، بحيث تجعل عملية استيعاب المعنى شبه معدومة. قد يكون المعنى استعصى على المترجم لما ينطوي عليه علم الفلسفة من صعوبة بطبيعة الحال، وكما هو الحال أيضاً بطبيعته عند الفلاسفة وأفكارهم المنغلقة على نفسها!.
  • متناغم الإيقاع في سرد الأفكار حول موضوعاته المختلفة وعلى طول الكتاب.
  • محرك في أسلوبه الأدبي لعاطفة القارئ، ومحفز لنظرته التحليلية نحو نفسه والوجود.
  • لطيف الخيال في إيراد بعض الأمثلة لتوضيح فكرته، كالاقتباس من شخصيات وردت في بعض الروايات المعروفة.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (34) في قائمة ضمت (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو ثالث كتاب اقرأه في شهر يونيو من بين واحد وعشرين كتاب. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

لقد كان عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.

في هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (يونيو)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:

“كان شهراً حافلاً بالقراءة وإعداد مراجعات الكتب المقروءة .. مع استمرار الحجر الصحي بطبيعة الحال”.

تسلسل الكتاب على المدونة: 216

 

تاريخ النشر: مايو 31, 2022

عدد القراءات:528 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *