
نوستالجيا .. سطّرها سجين في كلمات اعتصرها من قلبه المشوب بغصص الفقد والوجد والشجن، إلى من أحب .. قبيل إعدامه! لا يصرّح مؤلفها باسمه ولا بجريمته التي استحق عليها حكم الإعدام تحت نصل المقصلة، وفي الوقت الذي يستشف فيه القارئ من بين تلك الغصص جريمة قتل رجل ما، يلتقط رموزاً توحي بأن المحكوم لم يقتل سوى نفسه في الحياة .. هكذا في حبكة مركّبة تصف آلامه وآلام السجن وآلام السجناء وألم ترّقب الموت في عد تنازلي، يضاعفها جميعاً مشاعر بؤس مثقلة بالحنين وهو يسترجع ما كان في حياته الماضية وما حملت نفسه من أثقال وجدانية.
مراجعة الكتاب كاملة على الرابط:
أظن بأنه سيكون عندي نفس الرأي لسابقة حصلت معي وأنا أقرأ بكتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله، كنت جداً مستمتعاً بالقراءة، فبدأ الحديث عن خلق السماوات والأرض ثم عن خلق سيدنا آدم أبو البشر ثم عن الأقوام تبعاً كيف نشؤوا ومن ثم اندثروا، حتى وصل إلى سيرة خير الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت سيرة عطرة فيها من الأحداث العظيمة التي حصلت معه صلى الله عليه وسلم ومن ثم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بدأ بسرد خلافة أبي بكر الصديق ومن ثم عمر وعثمان وعلي، فتوحات وانتصارات وانتشار لرقعة الدولة الاسلامية، تاريخ مشرف وترفع رأسك عالياً وأنت تقرأه، ثم معاوية ابن أبي سفيان الذي حول نظام الحكم من الخلافة إلى النظام الملكي المتوارث، وبدأت تحصل أمور تثير الإشمئزاز كأن أصبح للحاكم قصور وخدم وأموال طائلة .. تلك الأمور التي كان يعتبرها الخلفاء الراشدين ليست من حقهم وإنما هي أموال الرعية، ولكن بقيت أعيش جو الانتصارات والفتوحات مع بعض الأخبار المخزية كشرب يزيد ابن معاوية الخمر وكذلك هارون الرشيد الذي قيل عنه أنه كان يغزو عاماً ويحج عاماً، كان يشرب الخمر مع وزيره البرمكي، هذا في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير وليس لكاتب مستشرق، ثم مع الخلافة العباسية بدأت الجماعت بالخروج على الحاكم وكثرت الانقلابات، وأصبحت القراءة بالنسبة لي أمر محزن ومهين لم أستطع اكمال الكتاب كاملاً وتوقفت في منتصف الخلافة العباسية.
وبالنسبة للثورات العربية فالحديث عنها يطول ولكنني على ثقة لو جاء بعدنا كالحافظ الن كثير وكتب تاريخنا وقرأه شخص مثلي فلسوف يتقيأ ويمرض ويحمد الله أنه لم يعش في زماننا ونحن فوق المليار مسلم ومع ذلك تنتهك حرماتنا وتستباح أرضنا وفوق ذلك نقوم بتقليدهم في شعائرهم كعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية ونقلدهم في لبسهم وفي كلامهم وطعامهم وعلاقاتهم الاجتماعية .. وصدق صلى الله عليه وسلم “ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه”
جميل أن تحفّز قراءة مراجعة قصيرة ذاكرتك لاسترجاع تجربة قراءة كتاب سابق، لاسيما كتاب ضخم كالذي ذكرت. وصفك للكتاب مسترسل بشكل جيد، ووصف انطباعك ينم عن الصدق والتفاعل مع ما قرأت، لا سيما وهو يتحدث عن التاريخ الإسلامي، والخيبة التي لاحقتك فيما بعد! والذي استثار خبرتي السابقة في قراءة (لا أقول كتب بل كوابيس) محاكم التفتيش في أسبانيا إثر سقوط الأندلس! لا أنكر بأنني أحياناً أتمنى بعد أن عرفت لو لم أعرف .. وأهوال المغول والتتار في العالم الإسلامي لاسيما حضارته .. ليست ببعيدة عن الذاكرة!
أما هذه الرواية، فلم أتمكن من إنهائها -وأنا بعادتي مقلّة في قراءة الروايات- بسبب (اللخبطة) التي حصلت في (خلط) الماضي بالحاضر، من غير هدف واضح كما بدى لي .. فجاء القرار بإقفاله! لا يمنع هذا من تأييد رأيك فيما يتعلق بربيعنا العربي .. والله المستعان.
شكراً جزيلاً لمشاركتك.