مرجع عتيق في فن ممارسة الحب عند الهنود يُعد من كلاسيكيات الأدب السنسكريتي، والذي يُنسب إلى الفيلسوف الهندي الأعزب مالاينجا فاتسيايانا الذي عاش في القرن الرابع بعد الميلاد. إن (علم الحب) في الثقافة الهندوسية كنص عريق يعني بالسلوك الإنساني الجنسي، يُعرّف بكلمة (كاماسوترا)، وهي في حد ذاتها كلمة تتألف من مقطعين تُعرّف نفسها بنفسها، فبينما تعني (كاما) الرغبة، تعني (سوترا) الحكمة مسترسلة.
وفي حين يجدر الاحترام بالرؤية الصوفية الهندوكية التي تفسّر تلك الممارسة كطريق للاتحاد مع الإله، فإن الكتاب لا يتعدى في مجمله مادة لا تثير سوى الملل، يتخللها الكثير من المواضيع ذات الصلة وأخرى هامشية، لا يستحق معها الكتاب تلك الهالة المنسوجة حول الفن الذي يستعرضه، كحذاقة وعراقة وعلم وفكر!.
تؤكد مقدمة الترجمة العربية أن الهدف من ترجمة هذا المرجع الهام إلى القارئ العربي ليس نشر الإباحية أو إثارة الشهوة أو مداعبة المخيلة أو الترويج لممارسة الجنس، إنما هو لعرض ثقافة أمة شرقية عريقة حول الحب وممارساته، حيث يسود الاعتقاد لديها أن الجنس ليس سوى سبيلاً نحو السمو الروحي .. فلا هو فضيلة ولا هو رذيلة!.
يعرض فهرس الكتاب سبعة أبواب رئيسية تفتح باب العلاقة الحميمية على مصراعيه، وهي:
- الباب الأول: فاتسيايانا (الضرما الأرثا والكرما)
- الباب الثاني: الضمة: الأربعة والستون
- الباب الثالث: في إحراز الزوجة
- الباب الرابع: عن الزوجة
- الباب الخامس: حول زوجات الرجال الآخرين
- الباب السادس: حول النديمات
- الباب السابع: حول وسائل اجتذاب الآخرين
ومن الأبواب التي لم يحظ معها الكتاب سوى بنجمة واحدة من رصيد أنجمي الخماسي، أعرض صوراً مما دار ورائها، وأكتفي بالثلاث الأُول:
- الباب الأول: الضرما أو الفضيلة .. الأرثا أو المال .. الكاما أو المتعة .. هي مفاهيم دينية لا بد من تشرّبها في حال التعاطي مع المسألة الجنسية، إذ ليس الجنس سوى مسار للارتقاء نحو الإلهي. يعرض هنا ألواناً من اللهو الاجتماعي، في المناسبات العامة، وحفلات الشرب، واللقاءات، والمواعدات في الحدائق، محدداً النساء اللاتي يحضر الاتصال بهن جنسياً. يصف كذلك أنواعاً كثيرة من الآداب والعلوم والفنون التي ترافق فن الحب على الطريقة الهندية، مثل إقراض الشعر، الغناء، الرقص، الموسيقى، الرسم، الطبخ … وغيرها.
- الباب الثاني: يعلّم فنون المضاجعة ابتداءً من القبلة إلى الممارسة، مع تبيان الخاطئة منها، وأداء الزوجة دور الزوج وكيفية تعامله مع هذا الوضع، بالإضافة إلى طرق الخصام الغرامي.
- الباب الثالث: يوصي بالفتاة المقبلة على الزواج لا سيما من ناحية بذر الثقة مع بداية الحياة الزوجية، ويتحدث عن العلامات والإيحاءات والإشارات التي تبث الغرام وتعبّر عن الشعور الحميمي، مع عرض أشكال متنوعة من الزيجات.
… ومن المآخذ، ما عرضه الكتاب مفصّلاً في الوصفات السحرية حول التفريق بين الزوج وزوجه، أو من أجل إحداث نفور ما أو تشويه ما، وتحايل النديمة على الرجل من أجل نهب ثروته وطرده فيما بعد، وتلك الطرق المجرّبة في استمالة المرأة المتزوجة تحديداً، وطرق الزوجة في استمالة النساء اللاتي أثرن إعجاب زوجها وتدبير لقائهن به!.
ومن كاماسوترا الهند، اقتبس في نص يتوارى (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما جاء في (الباب السادس: النديمات) وتحديداً (في الاتحاد بعشيق سابق)، وذلك كنصيحة صادقة مقدّمة للمرأة بعد ما تم عرضه (في وسائل تحصيل العملة من العاشق) .. تنبيهاً وتحذيراً، كما يلي: “أما بالنسبة للرجل الذي قد تكون إحدى المرأتين طردته وترك هو الثانية باختيار، فعلى الأولى (وهي التي ترغب في الاتحاد معه مجدداً) أن تتبين أولاً ما إذا كان لا يزال يحبها، وهو لذلك سينفق المزيد من النقود عليها، أو ما إذا كان لتعلقه بصفاتها الممتازة لم يجد لذة مع الأخريات، أو ما إذا كان يرغب في العودة إليها ليثأر للأذى الذي ألحقته به في المرة الأولى قبل أن يشبع شهواته الجنسية، تماماً أو لأنه يريد أن يوجد في نفسها الثقة ثم يسترجع منها ما كانت أخذته منه من أموال ويحطمها في نهاية الأمر، وأخيراً ما إذا كان يرغب في أن يفصلها عن عشيقها الحالي ثم يتركها هو نفسه. وإذا رأت بعد أن تفكر في كل هذه الأمور أن نياته هي حقيقية نقية وشريفة فإن بوسعها أن تتحد به مجدداً، ولكن إذا رأت أن نياته سيئة فعليها أن تتجنبه”.
وفيما يقابل هذا المرجع في الثقافة العربية، فإن كتاب (الروض العاطر في نزهة الخاطر) للشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد النفزاوي، يُعد أحد المراجع العربية العريقة التي تتناول الجنس من ناحية صحية وتعليمية وتثقيفية، وهو كتاب يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي .. عن نفسي، حاولت قراءة الكتاب المذكور لكن لم أستطع لجرأته الساخنة!.
في العموم! هو كتاب لا بأس به من باب الاطلاع على التراث العالمي، والعلم بالشيء .. لا أكثر!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (24) في قائمة حوت (105) كتاب، قرأتهم عام 2020 .. رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وقد حصلت عليه من متجر جملون للكتب الإلكترونية في يناير من نفس العام ضمن (35) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من شحنة الكتب تلك!.
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (ابريل)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
“يبدأ شهر رمضان المبارك في آخره .. مع استمرار الحجر الصحي“.
التعليقات