مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
بينما يأتي عنوان الكتاب مثير للفضول .. لا يُرضي محتواه ذلك الفضول على نفس القدر! غير أن أهميته تكمن في عراقته على ما يبدو، إذ تم استخراجه من “مخطوطة مودعة في مخزونات المكتبة الوطنية في باريس” كما تشرح الفقرة التسويقية على ظهر الكتاب، وبحيث تم العمل على ترجمته فيما بعد إلى لغات مختلفة!. وهو كتاب قد تم خطّه عام 1061هـ/1651م، وبقي مجهول عند قوم العرب بينما ذاع صيته عند الفرنجة، حتى عام 1976 م حين جاء القرار بنشره.
تعرض صفحة المحتويات عشرة أبواب أسردها تالياً، لم يحظ بها الكتاب سوى باثنتين من رصيد أنجمي الخماسي! فبينما تنطوي الأبواب الخمس الأولى على شيء من الحكمة والطرفة، إلا أن فصل (الرتابة) يبدأ مع الباب السادس. فعلى سبيل المثال، تأتي حيل (الملوك والسلاطين والعباد والقضاة والفقهاء) خواء من أي بصيص لحنكة أو دعابة، بل إنها لا تعدو عن كونها مجرد سرد لحوادث هامشية، قد تكون جرت أو لم تجر في أزمنة سابقة، وقد لا يستحق بعضها مجرد الذكر.
لا يخلو الكتاب من فائدة في العموم، ففي الأسطر القليلة، أسرد شذرات مما علق في ذهني بعد القراءة، وأستعين ببعض الاقتباسات نصاً في لون عريق (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
أما عن لغة الكتاب كفائدة مميزة له وقد جاءت بالعربية الفصحى التي تحدّث بها الأولين، فقد حملت بعض المفردات التي قد تستعصي على فهم القارئ العربي المعاصر لعصر العولمة وقد شاب لغته ما شابها، الأمر الذي قد يضطره إلى تكرار قراءة حيلة ما بغية استيعابها، وقد لا يتم له ذلك!. أذكر منها ما يلي وقد استعنت بمعاجم اللغة في فهم معانيها:
كقارئة شبه نهمة، أعتبر توصية كتاب ما بكتاب آخر من الفوائد المرجوة للقراءة، وقد جاء بين ثنايا هذا الكتاب الإشارة إلى كتاب (فضل العرب على العجم – لابن قتيبة الدينوري)، وقد حملت شبكة المعلومات اسماً آخر له، وهو (فضل العرب والتنبيه على علومها)، يأتي في جزئين منافحاً عن الهوية العربية إثر الانفتاح الحضاري الذي شهدته الدولة العباسية! لا بد من مطالعته.
من مآخذ الكتاب الأخرى بالإضافة إلى رتابة المحتوى، افتقاره إلى المرجع الذي استُل منه روايات الحيل، لا سيما وقد احتوى على بعض الإسرائيليات، وعلى روايات لا يقبلها العقل -بغض النظر عن الرأي الشرعي المتعلق بها- فهو قد جاء ليلقّن الحكمة والحنكة والتبصر في التعاطي مع أحداث الحياة.
لا أعلم مدى دقة وصف هذا الكتاب بأنه “مكيافيللي عربي”، وأنه قد سبق نظيره (الأمير) الإيطالي بقرن من الزمان، فلا هو قد علّم فنون الإمارة والحكم -كما زعم- من خلال قصصه المتفرقة ابتداءً من الملائكة والجن والأنبياء وانتهاءً بالسلاطين والزهّاد، ولا تطرق إلى التلقين المبطن للديكتاتورية كنظام حكم! فكيف أصبح مكيافيللي سابق لأوانه وزمانه؟
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (29) كما دوّنت ضمن قائمة من كتب قرأتهم في عام 2017، وهو ثالث كتاب اقرأه في شهر نوفمبر من بين ستة كتب. غير أن ذاكرتي لا تسعفني، ولا حتى مفكرتي القديمة بما تحويه من ملاحظات، ولا مسودات التدوين في حينها، من تعيين إجمالي عدد الكتب التي قرأتها في هذا العام بالتحديد! ملاحظة: أجد بخط يدي على هامش مفكرة العام عبارة: (33 كتاب) .. لا أعتقد أنها ملاحظة دقيقة.
لكنني لا زلت أذكر تماماً الأعوام الثلاث التي قضيتها في تحصيل دراساتي العليا في المملكة المتحدة، والأعوام التي تلتها وأنا منهمكة بجد في عملي المهني الذي لا يمتّ بصلة لهواية القراءة لا من قريب ولا من بعيد .. الدراسة التي استحوذت على حياتي حينها، والعمل الذي كان يستنفد القدر الأكبر من وقتي وطاقتي، بحيث لا يتبقى للقراءة في نهاية اليوم سوى القليل من الوقت والتركيز .. ولله الحمد دائماً وأبداً. والمفارقة أنني أسترجع وأنا أطوي هذه المراجعة القصيرة للكتاب أجواء الدراسة الثقيلة التي أحاطت بي وأنا في مدينة لندن، حيث جاء قراري فجأة بالتسوق بين أروقة مكتباتها، استجابة لحنين ما جاء ملّحاً.
من فعاليات الشهر: لم يكن هناك أي منها، لكنني قضيت في الشهر السابق له إجازة في تركيا لمدة عشرة أيام، وعشرة أيام أخرى في إيطاليا في الشهر التالي له.
تسلسل الكتاب على المدونة: 41
تاريخ النشر: مارس 29, 2021
عدد القراءات:1403 قراءة
التعليقات