مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب صغير في حجمه عميق في مضمونه .. تتلاحم فيه المعلومة العلمية بالروحانية، بالتساؤلات المنطقية الطابع المستحيلة التبرير، لتحمل القارئ إلى بعد آخر من الكون وقد فُتحت مداركه واتسع أفقه، ليتساءل بدوره: هل ما تم اعتناقه كحقيقة حتى اليوم هو في حقيقته وهم؟ أم أن لكل شيء في الكون أبعاد متعددة واقتصر إدراكنا المحدود على جانب منه فقط؟
يعرض فهرس الكتاب -الذي احتل أربع نجمات من رصيد أنجمي الخماسي- عشرة موضوعات، تصدى لها د. مصطفى محمود كعادته بأسلوب السهل الممتنع. وهي كالآتي:
في عجالة، أسرد ما علق في ذهني من استفهامات الكتاب، واختار من ألوان الطيف (النيل) وهو لون السماء بعد منتصف الليل .. لاقتبس نصاً ما ورد في إجاباتها (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، كما يلي:
تأبى العبقرية الفذة لأينشتين -وقد زعزعت حقيقة الحقائق- إلا أن تسلّم بحقيقة ثابتة لا مجال للشك فيها، وهي (الإيمان بالله). إنه يشكر الله على القليل الذي سمح له برصده من الحقيقة الكاملة، وعلى تبجيله لسر كنهه فيما يتبدّى له من تفاصيل يعيها بإدراكه المحدود. إنه “مؤمن بالمعنى التقليدي للمؤمنين، فهو يعتقد في إله، ويعتقد إن الكون متسق ومنسجم، وأنه آية من آيات النظام، وأنه يمكن تعقّله .. وهو يرفض فكرة أن الكون فوضى ويرفض فكرة الاتفاق والصدفة والعشوائية”. ثم تأتي من بعدها عبقرية د. مصطفى محمود الشارحة لنظريته والمبسطة لها .. يسلّم لها ونسلّم معهما أجمعين!.
عجباً كيف كلما ظن الإنسان أنه قد ملك الكون بقبضة علمه، فُتحت له ثغرات ينظر من خلالها ليتيقن أنه -وقد قصُر بصره- على حدوده!.
وتبارك جلّ في علاه حين قال: “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً” ..
وعلًنا نشهد ما خُفي عنا يوم يأتي تأويله “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ”.
كتاب كنت قد قرأته وأنا في بواكير العشرين، وها أنا أعود إليه مجدداً بعد مرور الأعوام لأقرّ بأن الفكر الحر كأصالة الذهب .. ولا يزال د. مصطفى محمود المفكّر الغائب-الحاضر، بأصالة فكره، وصدق منهجه، وإخلاصه لما يعتنق.
………….. رحمه الله.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (36) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو تاسع كتاب اقرأه في شهر يونيو من بين أحد عشر كتاب.
إنه كتاب كنت قد اقتنيته مع بداية إصداره ضمن مجموعة كبيرة من إصدارات المؤلف حيث قرأتهم جميعاً آنذاك، والتي جاءت في طبعة منسوخة بالآلة الكاتبة على أوراق صفراء، والتي ازدادت اصفراراً حتى اللحظة.
تستحضر ذاكرتي أجواء قراءتي الأولى للكتاب ضمن مجموعة تتألف من خمس وثلاثين كتاب رافقتني في إجازة امتدت لشهر. لقد كنت فرحة وأنا أدفع أجرة صاحب المكتبة الذي كان فرحاً بدوره حين ودعّني شاكراً قائلاً: “مكتبتك عمو”. أما المكتبة وصاحبها والسوق .. فلم يعد لهم الآن أي أثر!
ومن فعاليات الشهر: حضرت دورة مهنية مكثفة في مدينة لندن لمدة أسبوعين .. كم كانت ثقيلة الظل!.
تسلسل الكتاب على المدونة: 18
تاريخ النشر: فبراير 8, 2021
عدد القراءات:1111 قراءة
التعليقات