مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
رواية دامية تقتحم وبجرأة أحد أبواب التابوهات المؤصدة في العالم العربي!. قد تحيط الخطوط الحمراء ببعض ما تعارفت عليه ثقافة العار في المجتمع الشرقي المحافظ، كحرام أو كعيب أو كممنوع، إلا أن جريمة (زنا المحارم) تُكمم حيالها الأفواه بالشمع الأحمر، إكراماً لجرائم الذكورة المبررة شرعاً المغفورة عرفاً المسوّغ لها قانوناً، طالما أن ضحيتها تكون عادة (أنثى) .. ليس إلا.
رواية راحت بطلتها فتاة في عمر العنفوان ضحية والدها الذي خلع جلباب الأبوة ليكشف غير مبالٍ عن الذئب الذي كان يعوي في صدره وعورة تستطير شهوة ومجونا، وقد كانت أميرته التي سيشرّفه تفوقها الدراسي .. تهرب (مريم) تحت جنح الظلام البهيم من ليلتها، تاركة شعرها الطويل مقصوصاً متناثراً فوق المذبح الذي لم يكن سوى فراشها في بيته، فتأويها جارة الحي المسيحية (أم كمال) في بيتها الذي كان يقبع فوق تلّة تحيطها الأراضي الزراعية والبيوت العتيقة .. وتدعوها (أوجينا)، حتى تُنجب طفلاً أبكماً وكأنه شاء أن يصمت عن عار لا يد له فيه .. فلا تمنحه اسماً بعد أن حملته سفاحاً وقد رفضت إجهاضه ليصبح ابنها وأخاها في آن واحد .. وبينما تُشيع والدتها حكاية سفرها خارج البلاد لتبرير غيابها المفاجئ والطويل، يعيدها أخاها (صالح) ونيته نحر عنقها تحت الظلام الدامس في قبو المنزل بعد أن لبث زمناً طويلاً مستقصياً يقتفي أثرها، في الوقت الذي يكون الذئب فيه قد مات كمداً تحت قدميها بعد مواجهة دامية تشق فيها ردائها الأسود أمامه بعد أن عكفت على ارتدائه، لتكشف له عن جسد حوى نطفته المحرمة .. ثم تغدو على إثرها صارخة ثلاثاً “قتلت أبي” وهي تهرع عارية لا تلوي على شيء، نحو بئر القرية حيث مثواها الأخير!.
يصف عنوان الرواية في حدّ ذاته وبعناية الوعي الجمعي الشرقي في تأصيل خطيئة المرأة، من خلال إدانة الأنثى أولاً وأخيراً عن كل ما قد تتعرض له من حوادث اغتصاب أو زنا محارم أو جرائم شرف أو قضايا تحرش، بينما يُصبح الجاني -وبقدرة مجتمع ذكوري- مجني عليه ومبرء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب .. وهكذا تذهب مريم ضحية ما منحها الله من جمال أغوى أباها، وكأن لسان حاله يقول: هذا ما جناه فتونها عليّ .. وما جنيته على نفسي!.
ومن ظلمات الرواية أقتبس في نص دموي ما يلي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، وقد حظيت بأربعة نجمات من رصيد انجمي الخماسي:
وللروائية الفلسطينية سهام أبو عوّاد رواية أخرى في أدب السجون بعنوان (مقاش). أسترجع الآن تلك الأجواء عندما اشتريتها في نفس الوقت مع هذه الرواية لأهديها إلى صديقتي من أرض فلسطين، وقد أخذ مني مأخذاً وصف صاحب دار النشر لبكائه الذي صاحبه أثناء قراءتها.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الرواية (7) في قائمة ضمت (85) كتاب، قرأتهم عام 2019، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهي أول ما قرأت في شهر فبراير ضمن ست كتب .. وقد حصلت عليها من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2017 ضمن (55) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!.
تسلسل الرواية على المدونة: 131
تاريخ النشر: أبريل 17, 2022
عدد القراءات:719 قراءة
التعليقات