|
|
. |
|
56 |
قناع بلون السماء |
|
سيرة أسير .. على ما يبدو |
|
|
|
ما هذه البعثرة؟!
على الرغم من أنني لا اقرأ الروايات .. إلا قليلا، فقد أقبلت على هذه لعلمي أنها تحاكي أدب السجون فتروي قصة سجين من قلب السجن البغيض، والتي وضعها خفية -وسرّبها كذلك- أسير فلسطيني محكوم بالسجن مدى الحياة ويقبع في سجون الاحتلال منذ عام 2004، الأمر الذي شكّل لدي دافعاً مضاعفاً لقراءتها، لا سيما وقد صاحبها إعلامياً سيل من مديح، بل وقد وبّخت نفسي على تأجيل قراءتها رغم حصولي عليها حين إصدارها!
فحتى منتصفها حيث توقفت، وبعيداً عن سلاسة اللغة الأدبية التي كُتبت بقلم راوٍ عن راوٍ أراد وضع رواية .. لم تكن سوى خليط من حشو لغوي، وأحداث رتيبة ممطوطة من غير مبرر، مع لقطات لفتاتين يلحق بهما وصف فاحش، وازدراء للأديان واضح، وأقنعة فيما بينها جميعاً تحاول خلق حبكة، فإذا بها لا تأتِ برواية ولا تمكّن من تكوين فكرة ما حول ما أرادت! |
|
|
. |
|
57 |
بين الجزر والمد |
|
مي .. الأديبة الغائبة الحاضرة |
|
|
|
مي .. الأديبة الغائبة الحاضرة .. النابغة التي سبق فكرها زمانها، والذي لا يحدّ بينه وبين زماننا إلا تاريخ مطبوع فوق أوراقنا! ما هو كنه تلك الملكة الفكرية التي احتوت بتفرّد اللغة والأدب والشعر والفن والتاريخ والوطن والدين والسياسة والجندر والثقافة والحضارة، بلغات الإنسان؟!
لقد وزنت مي كل كلمة بميزان العقل، فجادت بحكمة في كل ما عرض لها من شئون الحياة .. قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً! لقد ظهرت كالمُصلحة التي إن انتقصت من الواقع شيء فبموضوعية، فأرفقت الحل معه، فليس لعلة الانتقاد لديها إلا الإصلاح!
أما عن عنوان الكتاب الذي حوى أمور بين جزر ومد، فثمة وطن .. الذي وإن جارى مدّه السني نواميس الكون فتخاذل في جزر محتم، وخضع في قرون للدعة بعد نصر لقرون عدة، فها هو ينهض من جديد .. وكذلك حال الشعوب بحضاراتها، التي وجدتها مي كالبحار، لبعضها مد وجزر ولأخرى ارتفاع وهبوط، والتي فسّرت بها حياة اللغات وموتها، وبقاء العربية -دونها ودون التصاريف التي جرت عليها جميعاً- حية. |
|
|
. |
|
58 |
لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟ |
|
فلاسفة العرب مقابل فلاسفة الغرب |
|
|
|
كتاب يبحث بتعمق في آراء فلاسفة العرب المسلمين، التي ازدهرت خلال القرون الممتدة من الثامن حتى الخامس عشر .. من بغداد في الشرق حتى قرطبة في الغرب، حيث شكلّت بدورها جزءاً رئيساً في تاريخ الفكر الإنساني، على الرغم من الزعم في نسبة الفلسفة العربية المتداولة حالياً إلى العصر العربي الوسيط .. غير أن صياغتها ضاربة في القدم إلى ما قبل عشرة قرون!
تطور علم الفلسفة عربياً خلال تلك الفترة تطوراً غير مسبوق، إضافة إلى تطورها في روح الشريعة الإسلامية، فقد قال جان جوليفيه، العالم المختص بعلوم العصر الوسيط، إن: “الفلسفة وُلدت مرتين في الإسلام: أولاً في صورة اللاهوت الأصلي أو علم الكلام، ثم في صورة التيار الفلسفي الذي يتغذى في أغلبه على المصادر اليونانية”. ومما يثير العجب، هو أن الميلاد الثاني المنبثق من الفكر اليوناني لم يسعَ إلى تأكيد حججه من خلال ما جاء مع الميلاد الأول العقائدي، بل تشكّل كوريث للتراث اليوناني الوثني، غير أن هذا الاستقلال الفلسفي لم يمنع فلاسفة العرب المسلمين من التمييز بين الدين وعلم الكلام. |
|
|
. |
|
59 |
سبعة أصناف من الأشخاص تجدهم في المكتبات |
|
مرتاد المكتبات .. قد يجد نفسه هنا! |
|
|
|
بحس فكاهي يعلوه قدر من معلومات لا بأس بها، يصنّف صاحب متجر إنجليزي للكتب روّاده في سبع .. عدّهم عدّا! هكذا يعبّر عنوان الكتاب في رقم صحيح، في حين تتم صفحاته ثمان منهم .. الإرباك الذي يعزوه المؤلف صاحب المتجر إلى سوء تنظيمه، والذي افتقد عنصر التنبؤ بطبيعة الحال!
يضع (شون بيثل) كتابه أثناء الحظر العالمي الذي فرضه فايروس كوفيد، والذي يكشف فيه عن اشتياقه لزبائنه أولئك كاشتياقه لأصدقائه .. على حد سواء، بصرف النظر عن ذلك الجذاب منهم وذاك العدواني، وبصرف النظر عن حقيقتهم كمصدر دخل أوحد له، فضلاً عن افتقاده للتفاعل البشري المعتاد! وفي لفتة طيبة من أحد زبائنه حين يتصل به ليطلب منه نسخة من كتابه الثاني (اعترافات بائع كتب)، يطلب منه أن يضيف ما قيمته عشرة جنيهات إسترلينيه فوق إجمالي السعر شاملاً الطوابع البريدية! وحين يسأله شون عن السبب يقول: “لأنني أعرف مدى صعوبة الأوضاع الحالية للأعمال التجارية التي تُشبه عملك، وأريد منك أن تظل محافظاً على عملك حتى بعد أن تنتهي كل هذه الظروف الصعبة، حتى أتمكن من القدوم وزيارة المتجر مرة أخرى”. |
|
|
. |
|
60 |
الحياة مهنة تافهة |
|
نصوص في الحياة .. تشاؤمية |
|
|
|
هنا مجموعة نصوص نثرية، تتوغل في أعماق النفس وتسرح في الحياة على رحابتها، تبدو في طابعها الواقعي .. تشاؤمية إلى حد كبير، كأنها تنبعث من العدم وللظلام تعود .. وهي لا تخلو في هذا من تجديف في حق الإله، كما بدى!
ومن النصوص الثمان:
لا يبالي الشاعر (في ذمة النشر) أن لا يأبه بالقدر، فيقول: “وقدري أنني لا أطل .. على هذه الأرض .. من شرفات القدر”.
يكتب الشاعر عن (دمشق 2013) بشجن، فهي مع أنها “دوار في رأس اللغة” يخاطبها بلغة حب، كالوطن الذي يبقى عزيزاً وإن جار .. قائلاً: “شخت فيك يا دمشق .. وأنا لا أزال طفلاً”.
وفي (أرملة الجسد) .. وعن الكبت، والحرمان العاطفي، والجموح نحو الخيانة لذلك، يقول: “جسدي .. كم أحب شياطينه .. كم أستضيء بوسواسها وأفوض أمري إليها”.
وهنالك كم من خيبة وتراكماتها في (!)، وفي قول الشاعر: “ما أقبل عليه دائماً .. منصرف عني”. |
|
|
. |
|
61 |
كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها |
|
عذاب الأمومة في عذوبتها |
|
|
|
كتاب يسرد خواطر عذبة عن الأمومة، في لغة تبدو فلسفية رغم شجونها .. وانبعاثاتها الحميمة كعاطفة جيّاشة، في النفس وفي الآلام وفي مشيج المشاعر المختلطة، وفي معاينة الموت من طرف والتمسك بالحياة من طرف آخر .. أو كما عبرت الكاتبة عن كل ذلك بـ (الأشباح) كتعبير أكثر صدقاً وبلاغة!
إنها أشباح الأمومة التي تراءت للكاتبة .. في تصدعّات غير مرئية تشرخ أشياء بداخلها .. وفي بلبلة عمل المؤسسات المعنية بأهميتها، توعوية كانت أو معارضة .. وفي ترددات صيحات النسوية .. وفي ظلال الرعب المحيطة بمحاولات الفطام، ومن قبلها مع الجنين المخفي .. وفي تلك الأم المخفية وراء حجاب، أسود كان أو فرِح مزركش، لأجل صورة لطفلها متفرّدة .. وفي الأم الأخرى المستبعدة من ألبوم العائلة، لهجرتها أو لاستعفافها بعد سفورها .. وفي القدرة على النظر إلى أمهات الآخرين كما النظر إلى أمهاتنا أنفسنا. |
|
|
. |
|
62 |
نسوية للجميع: السياسات العاطفية |
|
النسوية .. أسمى صور الإنسانية |
|
|
|
ليست النسوية كما يحاول أصحاب النزعة الذكورية من الجنسين تشويهها .. إنما هي الحياة في أسمى صورها الإنسانية التي يتقاسمها الاثنان!
يسود الفكر الجمعي اعتقاداً مفاده أن الحركة النسوية تمثّل مجموعة نساء غاضبات يحاولن التشبه بالرجال، في حين أنهن لا يطالبن سوى بحقوقهن كتلك التي تم منحها للرجال، ليس إلا!.. المِنح التي أغدق بها النظام الأبوي البطريركي على ذكور المجتمع، أبرزها منحة الأفضلية على الإناث وتفوقهم عليهن، وأحقيتهم في التحكم بهن إلى درجة استخدام العنف في كثير من الأحيان، نتيجة لذلك! لذا، تتصدر الحركة النسوية كمشاركة فعّالة في التخلص من الفكر المتحيّز جنسياً والفعل المتحيّز جنسياً .. قولاً وفعلاً.
ومن أجل هذا، تدافع مؤلفة الكتاب عن النسوية باعتبارها أنها (للجميع) قائلة: “غالباً ما يتم الاستيلاء على المساهمات النسوية البناءة لتحقيق رفاهية مجتمعنا وذلك باستغلال الثقافة السائدة التي تقدم بعد ذلك تمثيلات سلبية للنسوية. معظم الناس لا يفهمون الطرق التي لا تعد ولا تحصى، التي غيرت بها النسوية حياتنا بشكل إيجابي. إن مشاركة الفكر والممارسة النسوية يدعمان الحركة النسوية .. فالمعرفة النسوية للجميع |
|
|
. |
|
63 |
رجل واحد لا يكفي |
|
ديوان شعري في لوعة الحب |
|
|
|
ديوان شعري تأتي بعض مقاطعه كنصوص نثرية .. تسبّح كلماته في ملكوت القلب، وتدور في فلك لا جانب مشرق له!
يستقطع الديوان بقصائده من رصيد أنجمي الخماسي واحدة، غير أن القصائد التي استقطعت عناوينها ثلاث صفحات من الفهرس، لم تتضمن قصيدة بالعنوان الذي احتل الكتاب! فهل جاء كرمز عام لمضمون الديوان ككل؟….. ربما!
في قصيدة (حياكتي الأخير) في نص شجي:
وحيدة .. أحاول رسم الوجود .. وحيدة .. أصنع من الوقت ضفائر .. وغزلا للبنات .. وحيدة .. كقلم كحل وحيد في صندوق عجوز .. أو مرآة تطرد التجاعيد .. وحيدة كمعجزة .. كريشة بقيت في قفص .. وحيدة .. أغربل الوقت وأحلامهم المتبقية .. وحيدة .. أنا .. أحيك كنزتي الأخيرة .. قبالة ساعة معطلة تلسع أحلامي .. وحيدة .. كآية وحيدة .. كتبها أحدهم على ورقة .. وتركها للريح كي تحقق الأمنيات .. وحيدة .. كوحيدة نسيت أزهارها .. وهي تسقي حدائق العابرين .. وحيدة .. كإله أنا |
|
|
. |
|
64 |
في اليقين |
|
اللغة والتفكير عند فيلسوف |
|
|
|
نص على درجة مركّبة من التعقيد يرافقه إبهام أكثر تعقيداً في جوهر معناه، يفوق الأعمال الفلسفية التي تتطلب بطبيعتها ملكة متقدمة في التأني والتفحّص والتفكّر! لقد أسعفت مقدمة المترجم حمّى التعقيد ذاك، فرغم الأسف على توقفي عن القراءة عند الصفحة الخمسين وتحديداً عند النص السبعين، فقد أضفت مقدمة المترجم قدر من الرضا لما أسهمت في تقديم نبذة تعريفية عن الفيلسوف وفلسفته وتحديداً في اليقين، الأمر الذي مكّن من تكوين تصوّر مبدئي عنهما .. فلم أخرج خالية الوفاض تماماً!
إن هذا الكتاب -كما يؤكد المترجم في مقدمته- ينتهي بشكل مفاجئ كما يبدأ بلا مقدمات .. وهو يضم شذرات مما لاح للفيلسوف النمساوي-البريطاني (لودفيج فتجنشتاين 1889 : 1951) آخر حياته .. وهو كعمل فلسفي، ليس جافاً “إنه عمل نابض بالحياة وما تتوشح به من ألوان. كلمات ممزوجة بالمعاناة، المرض والموت، اليقين، اليأس والأمل والتوق، والحيرة والتردد والتناقض”. |
|
|
. |
|
65 |
خازوقولوجي: علم دراسة الخازوق |
|
صراع الحياة اللانهائي ومواجهته |
|
|
|
كتاب لطيف العبارة غزير المعنى .. رغم المفردة العويصة المستخدمة كرمز للشر، الذي سيكون لكل إنسان نصيبه منه لا محالة، وهو يمضي في هذه الحياة! لذا، لا يهدف الكتاب إلى منعه، بل إلى مواجهته بصبر وحنكة، وإلى اكتساب خبرة التعاطي معه في كل كرة، وإلى تتبع مسبباته حتى الجذور: أ خارجياً كان من محيطه، أو داخلياً مما يعتمل في نفسه!؟
يضع الكتاب جرّاح مصري، والذي يوضح في مقدمته أن تلك المفردة العائدة على آلتها المستخدمة في العصور الغابرة للإعدام ببشاعة إنسانية وأخلاقية .. وقد بادت، يؤكد على استمراريتها فعلياً حتى الوقت الحاضر، لكن بصورة معنوية لا جسدية، كالظلم الذي يوقعه الرئيس على مرؤوسه، وسوء معاملة الوالدين، والخيانة بين الزوجين …. وغيرها من صور مؤلمة! |
|
|
. |
|
66 |
الدامابادا: سبيل البوذا |
|
تعاليم مقدسة تسمو بالإنسان |
|
|
|
لدى (سيدهارتا جاوتاما) أو (بوذا) كما يُعرف في التاريخ الإنساني، يُصبح التجرد من الأهواء الدنيوية بغرائزها الحسية، والترقي عبر درجات السمو الأخلاقي بدربة وصبر وحكمة، بل والذهاب إلى أقصى حدود التخلي حدّ الفناء، هو الهدف الأسمى .. الهدف الذي يتمثّل في صورته النهائية بلوغ النيرفانا أو السعادة الأبدية أو التحرر النهائي من المعاناة! لذا، ليس الإنسان لدى بوذا “المستنير”، وعاء جسدي ذو شهوات وملذات ومتع، وإدراك يطفو على السطح، ووعي زائف تشكّل من غير تحديات وصعوبات وتجارب حقيقية وفهم أعمق للحياة .. إنما هو يمضي في رحلة كفاح روحية نحو الاستنارة الكاملة وتحصيل الحكمة المطلقة وتحقق النقاء التام للعقل!
إنه (سيدهارتا) المولود لعائلة (جاوتاما) .. لأب كان ملكاً على بلدة صغيرة قرب سفوح جبال الهيملايا، وقد كان يعدّه ليخلفه كوريث للعرش، فنشأ في حياة الدعة والترف .. حتى إذا ما تنسّم طلائع الرجولة، واجه “معنى معاناة الحياة في لقاء سبب له اضطراباً عميقاً، وكانت نتيجته أن فقد كل اهتمام بمتع ومزايا العرش والحكم”. |
|
|
. |
|
67 |
الحب كلب من الجحيم |
|
نصف كأس الحياة الفارغ |
|
|
|
نصوص شعرية تصف النصف الفارغ من كأس الحياة .. يعاين الشاعر في قعرها رواسب من بؤس لطفولة أشدّ بؤساً، فارت لتسري فيما تبقى من روحه الحية الميتة، وهي ترسم ضباباً كثيفاً يحجب كل بصيص من نور .. ضباب يتكثّف فوق عينيه فلا يعاين بهما سوى أنصافاً من كل شيء في الحياة .. الحياة التي عبأها بدوره في كؤوس تفيض بالسكر والمجون، وبالأقلام والنساء …!
يولد الشاعر (تشارلز بوكوفسكي 1920 : 1994) في ألمانيا، فما يلبث أن يهاجر ووالدته المعدمة مع والده الأمريكي إلى مسقط رأسه، فيقضي عمره في لوس أنجلوس متنقلاً بين وظائف حقيرة، مثقلاً بذكريات طفولة قاسية قضاها في العزلة، صنعها والده العنيف بعد أن فقد عمله جراء الكساد الاقتصادي، وقد كان من قبل جندياً ضمن القوات الأمريكية المحتلة لألمانيا النازية! لذا، يكبر الشاعر وهو يحمل تعاطفاً لأشباهه في الحياة .. الوحيدين البائسين، فضلاً عن أبناء الطبقة الكادحة، الفقيرة والمهمشة، والذين شاركهم في مهنهم الوضيعة وتحدث فيما بعد عن معاناتهم .. وقد انعكست مرارة الحياة تلك في كافة أعماله الشعرية والروائية. |
|
|
. |
|
68 |
اعترافات ولعنات |
|
حياة عدمية بين اعترافات فيلسوف ولعناته |
|
|
|
رغم مشيبه في الحياة فيلسوفاً .. فهو لم يزل يبحث عن إجابات لأبسط أسألتها!
ذلك هو الفيلسوف الروماني المولد الفرنسي الإقامة (إميل سيوران 1911 : 1995) الذي اصطبغت فلسفته بالتشاؤمية المفرطة حد مراودة نفسه الانتحار، بحيث عدّ كل ما في الوجود مجرد كذبة .. بالعزلة التي ارتضاها وبالنشوة التي التمسها، وقد استثنى منها الموسيقى .. إضافة إلى تأثره بالفلسفات الإغريقية والشرقية والميثولوجيا الدينية. لا يمنع هذا من عدّه مفكّر ذو نظرة ثاقبة، لا يتوارى في نظرته السوداوية خلف مسميّات مبهمة مصطنعة كبعض أقرانه الفلاسفة، بل إنه يُفصح عن جواهره المظلمة، وبكل فجاجة .. وإن كانت في هيئة مقاطع، كما في هذا الكتاب!
في (عند عتبة الوجود)، يطرب سيوران لقول أحد نظرائه المسلمين في بشاعة الحياة، لا سيما من وجهة نظر لاهوتية .. فينقل عنه قوله ثم يعقّب: “(لم يخلق الله شيئاً أبغض إليه من هذا العالم. وبلغ من بغضه له أنه لم يلتفت إليه منذ أتمّ خِلْقَه). لا أعرف من كان المتصوّف المسلم الذي كتب هذا الكلام! سأظل أجهل اسم هذا الصديق”. |
|
|
. |
|
69 |
الحب حسب التقويم البغدادي |
|
كلمات عويصة في الحب .. تتبع تقويم بغداد |
|
|
|
حديث لا هو بالشعر ولا هو بالنثر .. ولا يتلبّس طابع النصوص ولا يترنّم في خواطر .. إنما يحاول محاكاة كل ذلك، من خلال رصف كلمات تبدو منمقة في سرد يطول ويقصر، وهو مترع بتشبيهات واستعارات وكنايات وأشكال البديع في اللغة ….، وكل ذلك فيما يبدو، لوصف الحب بعرضيه الجانبيين: الجنون في ذروته، واللوعة في فقده!
لذا، يستشهد الشاعر العراقي في استهلال ديوانه ببيت للشاعرة البرتغالية المعاصرة (صوفيا دي ميللو) تقول فيه بهلع: “مرعب أن أحبك في مكان هش، كالعالم”.
يقول في خاتمة القصيدة التي احتلت عنوان الديوان:
آه لو أعرف لماذا أنت جميلة؟ .. ربما هي الكتب التي أفسدت عليك كل زواج .. مثلما خربت حياتي |
|
|
. |
|
70 |
الحب حسب التقويم السومري |
|
كلمات عويصة في الحب .. تتبع تقويم سومر |
|
|
|
الحب المرتبك من جديد .. والمربك لذلك! ولست متأكدة مما قرأت للتو وقد توقفت عند الصفحة الخمسين .. أ حب هو أم حرب .. أم جنون ربما زُج في فنون؟
لقد ظننته ديوان عن سومر أو فيما بعد بابل، أو عن حضارة ممتدة وشعب جبلي وألواح طينية .. يسرح فيها حب مختلف! يبدو أن شاعراً ما تراءت له امرأة ما في منام ذات ليلة .. فأصبحت يقظته والمنام، وكتب فيها ولها الأشعار!
يقول في خاتمة القصيدة التي احتل عنوانها عنوان الديوان:
أنا المعرفة الأولى .. أنا الذي تتعاقب عليَّ عصور من الوحدة وقرون من الظمأ .. أنا الذي يطوفُ الكتب والحارات والمدن .. أنا الذي يخترق شاشات السينما بحثا عن المرأة .. تلك المرأة الهاربة في الزمن .. بعدما سرقتني! |