الكتاب
امرأة تحدق في الشمس
المؤلف
دار النشر
دار الآداب للنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2012
عدد الصفحات
478
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
10/15/2019
التصنيف
الموضوع
نظرة امرأة صادقة نحو الحياة
درجة التقييم

امرأة تحدق في الشمس

ببساطة! هو كتاب رائع آخر من روائع د. نوال السعداوي .. وعلى الرغم من أنها ضمّنته مقتطفات ذاتية من رحلة حياتها المديدة والحافلة على ما يبدو، إلا أنه جاء موضوعياً وشمولياً يغطي زوايا الحياة الأكثر عمقاً واتساعاً، في شئون الثورة والحرية والكرامة والعقل والفكر والإبداع والدين والموروث والمجتمع والسياسة والاقتصاد …، الإحاطة التي تجعل من قارئه جزءاً لا يتجزأ مما أثير فيه من قضايا متجددة ومستمرة على مدار الساعة!.

تأبى المناضلة على قلمها الحر إلا أن يحفر كلمة الحق بجرأة وتفرّد وصدق منقطع النظير قلّما يتواجد له نظير في زمن تلوّنت فيه الوجوه وتبلبلت الألسنة وتكسّرت الأقلام، بين سطوة الرقيب وبطش الزعيم ودناءة الضمير وزور المرتزقة، واقتيات وعاظ السلاطين من جيوب أربابهم السادة. لذا، لا عجب أن تستهل كتابها بإهداء يمثّلها قولاً وفعلاً لمن عرفها فقط، تقول فيه: “إلى كل من هجر وطنه بحثاً عن الحرية .. وإلى كل من دفع حريته ثمن الصدق”.

إنها إذاً د. نوال السعداوي (1931 : 2021) الرائدة في مجال حقوق الإنسان، وحقوق المرأة على وجه الخصوص. تخرجت في كلية الطب جامعة القاهرة عام 1955 وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة. وبالإضافة إلى ممارسة مهنة الطب، تقلّدت مناصب مرموقة في بلادها، كمنصب الأمين العام لنقابة الأطباء، ومنصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة، ورئاسة تحرير مجلتي الصحة والجمعية الطبية، وساهمت في تأسيس الجمعيات الحقوقية، كما حصدت جوائز عالمية، وتُرجمت أعمالها العلمية والفكرية والروائية إلى أربعين لغة. تشرّبت قيم الصدق والحرية والاعتداد بالذات منذ طفولتها، حيث ناضل والدها ضد الاحتلال البريطاني وشارك في الثورة الشعبية ضد سياستها في مصر عقب الحرب العالمية الأولى، حتى تم معاقبته بتعطيل ترقيته لسنوات بعد نقله إلى قرية صغيرة، وقد كان مسئولاً في وزارة التربية والتعليم آنذاك. لا عجب إذاً أن يتم زجّها في سجون الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981 ضمن حملة استهدفت مجموعة من الأدباء والكّتاب والصحفيين، تحت شبهة نشر الآراء التحريضية ضد الوطن ورموزه .. وقد قالت في مذكراتها وهي في سجن النساء عن قيمة الإنسان: “إن كل شيء أجنبي أصبح أعلى قيمة من أي شيء مصري .. حتى الإنسان”.

يمتد الفهرس على أربعة صفحات كاملة ليعرض مواضيع الكتاب الذي يحصد رصيد أنجمي الخماسي كاملاً ولا يُبق، من خلال أربعة فصول رئيسية، هي:

  1. هويتي المتعددة
  2. ديموقراطية الخداع
  3. بعيدة عن الوطن والأهل
  4. أملي بعالم أفضل

… والذي أعرض من خلال الأسطر القادمة، ما علق في ذهني من حصافة القول الوارد فيه، وباقتباس في نص حازم (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كم يلي:

ملاحظة: عادة، يعتمد أسلوبي في التدوين على التعبير بـقلمي عن محتوى الكتاب ككل بعد قراءته، مع القليل من الاقتباسات بما يخدم عرض محتواه بشكل جيد. رغم هذا، أستثني الكتب التي تجمع بين موضوعية الرأي وبديع الأسلوب في قالب واحد، بحيث يصبح نقل النص كما ورد هو الخيار الأمثل، بدلاً من التعبير عنه وفق أسلوب آخر. لذا، تدفعني بعض الكتب لاقتباسات أكثر مما اعتدت عليه، وهذا قلّما يحدث في مراجعاتي! جاء هذا الكتاب ضمن هذا الاستثناء، لذا وجب التنويه.

  • تلتقط عيناها الفاحصة ما يستعصي على قصّار النظر .. علّة أو غفلة أو عقيدة! لا تقتصر على النظرة، إذ يتبعها تحليل وجيه النظر، فتقول د. السعداوي وهي (في غرفتي بالفندق بمدينة بروكسل – فبراير 2007): “أول مرة رأيت صورة أخناتون ظننت أنه امرأة! له ثديان كبيران وردفان ثقيلان عريضان أكبر من أرداف الإناث. فهل كان أخناتون امرأة حكمت مصر وتبدت في قرص الشمس مثل الإلهة إزيس؟ ثم حوله المؤرخون الرجال إلى رجل ذكر، مع تصاعد القوى السياسية الأبوية الذكورية العبودية؟”.
  • لا تتردد كعادتها في توجيه إصبع الاتهام نحو الدين الذي يشلّ كل حركة وسكنة بسطوة قدسية تأمر بالسمع والطاعة وتعدّ ما دونه رجس من عمل الشيطان. فتستمر وهي في غرفتها تلك لتقول: “يغرق تاريخ الأديان في الدم والحروب من أجل المال والسلطة تحت اسم الله! راجعوا تاريخ اليهودية منذ نشوئها حتى اليوم. هذه المذابح المستمرة للشعب الفلسطيني بالآلة العسكرية الإسرائيلية، أليست تستند إلى آية في التوراة عن الأرض الموعودة؟ كيف يعطي الإله العادل هذه الأرض لشعبه المختار ويأمرهم بقتل سكانها وإبادتهم؟ ولماذا يفضل هذا الإله شعبا على شعب آخر، لمجرد الاختلاف في العقيدة، أو الفكر أو الجنسية أو الهوية؟ ولماذا يفضل الرجال على النساء؟ لماذا يعتبر دم الوالدة نجساً، تتضاعف النجاسة إذا كانت المولودة أنثى؟”.
  • يعجز الخيال الذكوري عن تصور أي دور أنثوي بارز، حتى أن تصوير شهرزاد لذاتها المراوغة المطواعة لم يكن أشد ذكورة مما فعل توفيق الحكيم في المسرحية التي حملت اسمها .. وغيره الكثير ممن تمنى أن يكون شهريار متعطشاً للدماء، ترتبط في مخيلته لذة الجنس بلذة القتل!. تمسك د. السعداوي الثور النطّاح القابع في مخيلتهم من قرنيه لتكشف في (شهرزاد جديدة أكثر تحرراً) أن: “أغلب المبدعات من النساء تم دفنهن بيد مؤرخي النظام العبودي الطبقي الأبوي، من الآلهات القديمات، نوت وإنانا وإزيس ومعات، إلى الشخصيات النسائية الخلاقة في عصرنا الحديث .. تم دفنهن جسدياً وأدبياً وفكرياً وهن على قيد الحياة! تمت سرقة أفكارهن وأعطيت للمؤلفين من الرجال التابعين للسلطة الحاكمة .. نال الرجال جوائز تحرير المرأة والمجد والشرف، على حين توارت المؤلفة الأصلية عن الأنظار، أو اتُهمت بالشذوذ والنشاز .. أو تم اختزال شخصية المرأة المفكرة، لتصبح الزوجة الوفية أو الأم المثالية .. تلد الذكور ولا تلد الإناث. كل المبدعات في التاريخ الطبقي الأبوي أنجبن الابن، وليس البنت .. إزيس ولدت ابنها حورس، السيدة مريم ولدت ابنها المسيح، شهرزاد أنجبت لزوجها شهريار ثلاثة أبناء كلهم ذكور، ليست فيهم بنت واحدة”.
  • وهي في (مدينة أثينا – ولاية أوهايو / يونيو 2007)، يطلّ عليها خبر وفاة الطفلة بدور تحت مشرط حاد ملعون بتر نتوء بين فخذيها لا يُرى بالعين المجرّدة .. نزفت له حتى الموت، ليهيّج ذكرى د. السعداوي التي سلمّتها والدتها وهي صغيرة لمشرط صدئ ملعون آخر، كما سلّمتها من قبل والدتها، ليقطع ذلك “العضو الآثم الملعون المخلوق بالطبيعة” بين فخذيها. تعتذر لها والدتها حين تحتضر وهي في ريعان شبابها، إذ عاشت خائفة في غياهب مجتمع جاهل، وأنجبت تسع من الذرية لم تشعر في لحظة واحدة منها بلذة حميمية كما كان يهنئ زوجها، وتحسده عليها!. وما الحيلة؟ إذ “يقول لها الرجال ممن يخطبون في الراديو والمساجد، وأطباء وطبيبات من أتباع الخطباء، وضعوا الحجاب على عقولهم: (إن السعادة لا علاقة لها بذلك العضو الآثم الملعون، بل السعادة التخلص منه، والتفرغ لخدمة الزوج والأطفال، والصوم والصلاة وزيارة قبر الرسول قبل الموت)”. حينها، تشهد د. السعداوي تحوّلاً أكبر في عزيمتها، إذ تقول: “كلمات أمي كانت كالضوء، نزعت الغشاوة عني! لم أعد أصب اللعنات على أمي ولا أبي ولا الخطباء في المساجد، ولا الأطباء أو الطبيبات .. حولت الغضب في أعماقي إلى طاقة جديدة للكتابة، لكشف زيف الخطباء والأطباء، وتخلف الموروثات. أصدرت كتاباً يفضح عمليات الختان، يكشف جرائمها ضد البنات، ومضارها للجسد والنفس، ومخاطرها للفرد والمجتمع”. عندها، تقوم قيامة الدنيا ولا تقعد! فبمجرد أن يوصمه رجال الدين بأنه “كتاب من وحي الشيطان”، ينتشر رجال الشرطة في الشوارع والمكتبات كالنار في الهشيم لمصادرته، ولا يكتفي وزير الصحة بإعدامه، بل ويتخذ قراراً بفصل المؤلفة من عملها وشن حملة تشويه تطال سمعتها إعلامياً “باعتبارها خارجة عن تعاليم الطب السليم والدين الحنيف”. لكن! يأبى القدر إلا أن ينصف د. السعداوي، فتقول بعد مرور العمر والأعوام، في نبرة انتصار: إلا أن عمري امتد وطال طويلاً، لأعيش وأقرأ أن وزير الصحة يصدر قراراً يحرم ختان البنات، بسبب أضراره الخطيرة على صحة الجسم والنفس والمجتمع. بل أغرب ما أشهد في حياتي أن يعلن مفتي الديار في مصر أن ختان البنات حرام .. أن الله حرّمه تحريماً كبيرا. لم يكن الحبر قد جفت بعد عن فتاوى رجال الدين الأحياء والأموات، وأصواتهم الزاعقة في الأبواق ومكبرات الصوت: (إن ترك هذا العضو الآثم في أجساد النساء إثم وضلال وتشجيع على الفسق والانحلال)”.
  • تتابع من خلال شاشة التلفاز في (باراك أوباما في القاهرة – يونيو 2009) الرجل الأمريكي في مدينتها وهي بعيدة عنها بُعد القارات والمحيطات، وقد حظي باستقبال أسطوري منذ الإله رع حتى مبارك. تجده في خطابه يشيد بالملك السعودي الذي جعل منه تمثالاً عظيماً في التسامح الديني وحوار الأديان .. فتعلّق متهكمة: “تحولت الدولة العنصرية الدينية التي تفرّخ التيارات المتطرفة سياسياً ودينياً إلى مثال للديموقراطية! المشيئة العليا للإمبراطورية الأميركية تجعل الديكتاتور الموالي لها بطلاً ديموقراطياً”. ثم توجّه سؤالاً في الصميم عن تلك العمولة وازدواجية المعايير قائلة: “ألم يكن صدام حسين وبن لادن في يوم من الأيام من المكافحين الأبرار من أجل الحرية؟”. تستمر في فضح هذا الرئيس الذي يجيد استخدام اسمه الأوسط (حسين) متى تحدث مع المسلمين، وإخفائه كأنه “عضو مشوه” في المواقف والمحافل الأخرى، فتعقد مقارنة بين نوعين من الهولوكوست، وتقول: “تكلم أوباما عن الهولوكوست ومحرقة اليهود في ألمانيا القرن الماضي .. لم يتكلم عن الهولوكوست الفلسطيني والمذابح في غزة التي حدثت بالأمس! طالب أوباما الفلسطينيين بإيقاف العنف ضد أطفال إسرائيل .. لم يطالب إسرائيل بإيقاف العنف ضد الأطفال الفلسطينيين! كل ما طلبه من إسرائيل هو إيقاف بناء مستوطنات جديدة .. وماذا عن المستوطنات القديمة التي سلبت آلاف الفلسطينيين أراضيهم وديارهم؟ وماذا عن المستوطنات التي تواصل إسرائيل بناءها تحت اسم «النمو الطبيعي للمستعمرات القديمة»؟”. والأمر هو كذلك مع الأسلحة النووية! ليس الخطر في الأسلحة بحد ذاتها، إنما مكمن الخطر فيمن يقبض عليها. هنا، تذم سياسة الكيل بمكيالين من جديد وتقول: أوباما يطبق القانون على إيران لا على إسرائيل .. يحذر إيران من العقاب القانوني لو امتلكت أسلحة نووية، ولا يعاقب إسرائيل أو يحذرها وهي تمتلك أكبر ترسانة نووية في المنطقة كلها”.
  • تبدأ حديثها وهي في (حوار حول مذابح غزة في راديو أطلانطا – يناير 2009) عن ولاية جورجيا الأمريكية ومدينتها التي تُعد من أكثر الولايات تخلفاً اجتماعياً وسياسياً، وهي الولاية التي يقطنها أكثر من مليوني عربي ينشطون رائدين في مجال الأعمال، لكنهم يتمسكّون بالهوية العرقية أو القومية أو الدينية خشية الذوبان في ثقافة مجتمع غريب، فتصطف الكنائس بين قبطية ومارونية وكاثوليكية، وتُرتكب جرائم الشرف، ويُفرض الحجاب، وتتعدد الزوجات. ثم تعبّر عن القلق الذي ما برح ينتابها منذ لحظة وصولها إلى أميركا أكثر بكثير من مما عانته في بلدها تحت النظام الاستبدادي! ليس قهراً دينياً وسياسياً وحسب، بل صحياً كذلك، حيث تطاردها “كلمة الإرهاب ليل نهار بصوت جورج دبليو بوش الأجش أو غيره من الخناشير الرجال والنساء، مع الصور المتحركة فوق الشاشة عن سرطان الثدي وجلطة المخ والألزهايمر والعته والعصاب والجنون”. ثم تفضح الأنظمة التي لا تزال تبحث عن دين وهي في القرن الواحد والعشرين، لما له من مفعول الأفيون في برمجة الشعوب منذ نشأتهم المبكّرة، على زخم من أوهام وأساطير وتجهيل ممنهج وتزييف للوعي وحجب للعقول، بحيث يبرر الظلم والنهب والفقر والاغتصاب وغيرها من الموبقات بالقانون السماوي عادة، الذي شاء ذلك كله وأكثر، وبحيث تترسخ تلك الترّهات في خلايا المخ وتترسّب في النخاع العظمي وتسري مع الدماء في العروق، لا يشفى منها أحد إلا بعد جهد جهيد من الإصرار على المعرفة والسعي بجدية نحو الحرية. تقول: تدخل التناقضات والمعجزات إلى العقول، لتعجزها عن التفكير العاقل المبنى على التجربة والملاحظة والاستنتاج. تتلاشى البديهيات العقلية وتحل مكانها أوهام يؤمن بها الأطفال باعتبارها حقائق لا تقبل الشك أو الجدل”.
  • ومع خواتيم كتابها المثير، تتحدث بلسان الخبيرة المحنّكة التي لا تخفي عاطفتها الجياشة تجاه وطنها الذي دارت عليه الدوائر فيما يقارب القرن من الزمان، فتسرد شيء من خواطرها في (نجحت الثورة المصرية .. سوف تستمر وتحقق أهدافها كلها). فهي بعد أن شهدت ثورة الشعب التونسي، ها هي تشهد ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، غير أن البون يبدو شاسعاً بين شاشة تنقل الأثير وبين حراك حي من لحم ودم بين الحشود، وليس الخبر كالعيان! تقول وهي تستعيد ذكرى المظاهرات في الثلاثينيات وهي في المرحلة الابتدائية، ثم في الأربعينيات وقد أصبحت في الثانوية، ثم في الخمسينيات وهي في كلية الطب، ثم في الستينيات إثر الهزيمة الكبرى سنة 1967، ثم ثورة الخبز في السبعينيات، ثم مذبحة سبتمبر في الثمانينات مع ازدياد حدة الطغيان السياسي، وخروجها ومن معها من سجن السادات إلى السجن الأكبر في عهد مبارك!. فتصف المشهد وجدانياً قائلة: “أمشي بين صفوف الشباب والشابات فوق قدمين قويتين! استعاد جسمي وروحي قوة الشباب .. عدت إلى العشرين من عمري، ضاعت آلام الزمن والقهر العام والخاص .. ذابت الجموع في الفرد وذاب الفرد في الجموع، ذابت الدموع في العرق، زال برد يناير وصقيع المنفى في حرارة الأنفاس ودفء التلاحم .. وجوه الشباب في 2011 هي وجوه مصر المستقبل، تنادي بالحرية والكرامة والعدالة والاستقلال .. شعارات الشعب المصري الموحد، لا تمييز بينهم على أساس الدين أو الجنس أو الطبقة أو اللون أو غيرها”.

أخيراً، تقول هذه المرأة العظيمة قولاً لا يعلم بمدى صدقه سوى من قرأ سيرتها الذاتية بإسهاب وتمعن، وهي تحدّث عن قيّم تأصلت فيها كالجذور، لم يرسّخها دين ولا عرف ولا قانون، بل إنها فعل النفس الأبية في أصدق وأطهر وأشرف صورها. تقول في إباء الحرّة: “في خلايا عقلي وجسدي رسخت مبادئ أمي على مدى سبعين عاما، لا يمكن اقتلاعها بأي قوة فوق الأرض أو تحتها! أصبحت قادرة من أجل الصدق وكرامتي، على التضحية بكل شيء في الدنيا والآخرة، بالحب والجنس والزواج والطب والأدب وجوائز الدولة والبوكر ونوبل”. وتكمل وتقول عن فضيلة الصدق وهي أعظم فضيلة: بالطبع تعلمت من تجاربي في الحياة أكثر مما تعلمت من الكتب! لم أقتنع أبدا بالازدواجية السائدة، أن يكون للإنسان وجهان متناقضان .. أن تكون له حياة علنية وأخرى خفية نقيضة لها .. ربما كان ذلك بسبب تربية أمي وأبي! نشأت على الثقة بنفسي وعقلي، والصدق في القول، والإخلاص في العمل! كلمتي شرف لا أخونها، وإن كانت شفهية لم تدون في عقد مكتوب وشهود. هذه القيم التي تغرس في الطفولة وتنمو وتنمو لتصبح شجرة عملاقة من الصعب اقتلاعها”.

إنه من الكتب االنادرة الذي لن أتردد في قراءته من جديد .. إنه حقاً كتاب يستحق القراءة وإعادة القراءة.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (62) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط .. وهو ثاني كتاب اقرؤه في شهر أكتوبر من بين خمسة كتب. 

وعلى أرفف مكتبتي الغرّاء، يصطف إلى جانب هذا الكتاب أكثر من ثلاثين كتاب للكاتبة مع القليل من رواياتها. وعن هذا الكتاب تحديداً، فقد وصل إلى مكتبتي من مكتبة الساقي في مدينة لندن، حيث وكما يبدو كان ممنوعاً أو مصادراً أو مغضوباً عليه لمجرد ارتباطه باسم كاتبته .. يؤكد ذلك عدم توفرّه في أي متجر عربي لبيع الكتب حتى اليوم! لقد حاولت مراراً الحصول عليه من أجل إهدائه لصديقة وقد استحسنْته كثيراً، فهو ومن وجهة نظري -التي تبلورت من خلال قراءاتي المتعمقة لإصدارات الكاتبة- الكتاب الأكثر شمولية ووضوحاً وتدليلاً على شخصية د. نوال السعداوي المثيرة للجدل، بما لها وما عليها .. وذلك لمن أراد التعرف عليها من خلالها هي، لا من مجالس القيل والقال أو أبواق الساسة أو خطب فقهاء وأد المرأة.

تسلسل الكتاب على المدونة: 173

 

تاريخ النشر: مايو 5, 2022

عدد القراءات:589 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *