الكتاب
هذا هو الإنسان
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Ecco Homo - By: Friedrich Nietzsche
المترجم/المحقق
علي مصباح
دار النشر
منشورات الجمل
الطبعة
(2) 2006
عدد الصفحات
166
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
05/28/2025
التصنيف
المنطق والفلسفة
الموضوع
حكمة أقرب إلى الجنون
درجة التقييم

هذا هو الإنسان

هل بالإمكان اعتبار هذا الكتاب على غرار “مجنون يحكي وعاقل يسمع” ؟؟؟ قد يكون، وقد يكون أيضاً أنموذجاً لمقولة “خذوا الحكمة من أفواه المجانين” .. وهو هكذا (فريدريك نيتشه 1844 : 1900)، يتضارب في فلسفته بين جنون وفنون، مع تضخم للأنا جرئ ومقيت!

وهو إذ يبدو واثقاً من موقف البشرية الذي سيكون صعباً وهي تواجه ما أسماه بـ (الإلزامات الجسيمة) التي سيضعها في طريقها، فهو يتفضّل بالتعريف عن نفسه أولاً! فهو رغم جسامة مهمته -كما اعتقد- فإنه لم يكن يُرى ولا يُسمع، لا لشيء سوى لحقارة معاصريه، كما اعتقد أيضاً!

وإن كان بالإمكان اختصار ما طرح من فكرة وفلسفة وهرطقة كذلك، والتي حرص على طرحها في هيئة مقتطفات وبلغة تتحمّل أكثر من تأويل، وتتطلب فائض من قوة كشرط لتقبّلها .. فهو معادٍ للأخلاق، لا يجدها سوى تكبيلاً لأهواء النفس البشرية التي تبعث في مناقضتها مشاعر الذنب، وسلاحاً في أيدي الساسة ورجال الدين لا سيما من أجل تحقيق المآرب وخلق واقع آخر ما وراء الحياة! ولهذا، فهو يرى الفلسفة كحياة طوعية وسط الجبال الشاهقة تبحث عن كل ما هو غريب في الوجود ومثير للريبة، وعن كل ما حرّمته الأخلاق حتى يومه! من ناحية أخرى، يعتقد أن العقلانية قوة خطرة تقوّض الحياة، وأن الحقيقة ليست سوى صنماً ضمن أصنام، وكذلك المثالية التي لا يمكن بلوغها، وأن الإرادة الحرة ليست سوى مفهوم مختلق بغرض تعطيل الغرائز ودحض الثقة بها كأمر طبيعي .. وقد ذم الفيلسوف سقراط، وقدح في شكسبير، وطعن في المسيحية، واحتقر العرق الألماني، وحطّ من قدر النساء المتحررات، لكنه عظّم الفارسي زرادشت!

أما ما جاء به الفيلسوف الألماني ككل وهو في ذروة اضطرابه العقلي، فيظهر من خلال صفحة المحتويات كما يلي:

  • ‎لم أنا على هذا القدر من الحكمة
  • ‎لم أنا على هذا القدر من الذكاء
  • ‎لماذا كتبت كتباً جيدة
  • ‎مولد التراجيديا
  • ‎معاينات غير معاصرة
  • ‎إنساني مفرط في الإنسانية
  • ‎الفجر
  • ‎المعرفة المرحة
  • ‎هكذا تكلم زرادشت
  • ‎ما وراء الخير والشر
  • جنيالوجيا الأخلاق
  • أفول الأصنام
  • قضية فاغنر
  • لم أنا قدر

وهو إذ يتحدث عن (الإنسان)، يستشهد كتابه بالإصحاح التاسع عشر من إنجيل يوحنا: فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ».

ومن هذا الكتاب الذي جاء في ترجمة متقنة من نصّه الأصلي (Ecco Homo – By: Friedrich Nietzsche)، وأحرز ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما جاء في تساؤل الفيلسوف (لم أنا على هذا القدر من الحكمة؟):

“إنّ السنوات التي بلغت حيويتي فيها المستوى الأدنى، كانت هي السنوات التي انقطعت فيها عن كوني متشائماً. كانت غريزة التجدد الذاتي هي التي منعتني من تعاطي فلسفة الفاقة والقنوط! لكن ما الذي يجعل المرء على العموم قادراً على تمييز تكوينة جيدة؟ أن يكون أمراً ذا تكوينة جيدة يعني أن يكون شيئاً تستسيغه حواسنا؛ مصقولاً من خشب صلب ولين وشذي الرائحة في الآن نفسه. شخص لا يستطيب إلا ما كان نافعاً له، وحالماً تتجاوز الأشياء حدّ المقدار النافع يكفّ عن استساغتها والتلذذ بها. إنه يدرك بمحض حدس وسائل العلاج ضد كل ما هو مضر، ويحول لمصلحته الصدف الكريهة؛ وعلى العموم فكل ما لا يتسبب في هلاكه لا يمكن إلا أن يجعله أكثر صلابة. إنه يجمع غريزياً من كل ما يرى ويسمع ومن كل ما يحدث له رصيد ثروته: مبدأ انتقاء؛ يترك الكثير من الأشياء ولا يحفل بها. وهو على الدوام بين أهله وأصحابه سواء كان بين كتب أو أناس أو بين أحضان وسط طبيعي: يكرّم فيما هو ينتقي ويقبل ويمنح ثقته. إنه يتصرف بتأن وبطء تجاه كل ما هو مثير؛ ذلك البطء المتأتي من تجربة طويلة في الحذر والكبرياء المقصودة؛ يختبر الإثارة المقبلة عليه، وليس من طبعه البتة أن يمضي إليها. إنه لا يؤمن لا بـ «الشؤم» ولا بـ «الذنب»: يعرف كيف يصفي حسابه مع نفسه كما مع الآخرين، يعرف كيف ينسى؛ وهو قوي بما فيه الكفاية كي يسيّر كل شيء حتما لصالحه. هكذا، فأنا نقيض المتدهور إذاً! ذلك أنني إنما كنت أصف نفسي بهذا الكلام”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (51) في قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025 والذي حصلت عليه من معرض للكتاب عام 2024 ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض، وهو في الترتيب (13) ضمن قراءات مايو التي بلغت (15)!

من فعاليات الشهر: صاحبت بداياته انعقاد معرض الكتاب الذي حرصت على حضوره بالطبع، وقد خرجت منه بحصيلة كتب تجاوزت (230) كتاب .. وذكرى طيبة في ملاقاة الأصدقاء من جديد!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: بالخلاص يا شباب / حياتي في الإعلام / كيف تبدأ الكتابة ومتى تتوقف / أن تلمس الكتب / أميرة الأندلس

تسلسل الكتاب على المدونة: 651

تاريخ النشر: مايو 29, 2025

عدد القراءات:18 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إقرأ أيضاً