الكتاب
المخ ذكر أم أنثى؟
المؤلف
المترجم/المحقق
د. أحمد عكاشة
دار النشر
نيو بوك للنشر والتوزيع
الطبعة
(8) 2011
عدد الصفحات
400
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
02/08/2020
التصنيف
الموضوع
عقل الأنثى وعقل الذكر .. لا امتياز لأحدهما على الآخر
درجة التقييم

المخ ذكر أم أنثى؟

كتاب غزير علماً وفكراً وإيماناً .. يسلّط الضوء على حقائق علمية تكشف عظمة الخالق في إبداع خلق الزوجين الذكر والأنثى، ويُنهي ذلك الجدل البيزنطي السمج حول امتياز أحدهما على الآخر! رغم هذا، وعلى نفس الوتيرة العلمية والموضوعية، يبشّر الكتاب بمستقبل أنثوي واعد وقد استفاض في إنصاف الأنثى على طول صفحاته، من خلال التأكيد على ما تتميز به من استعدادات فطرية، وملكات أخلاقية، ومنظومة سلوكية، تنمو جميعاً بنموها في مختلف مراحلها العمرية. إنه بالتالي يعمل على تبرئة الأنثى من كل الدعاوي المغرضة في الانتقاص من قدراتها العقلية لصالح عقل الذكر الذي أكدّ الكتاب تفوقه على الأنثى بشكل أكبر في جوانب، مقابل تفوقها عليه بشكل أكبر في جوانب أخرى!.

يأتي كل ذلك من خلال معلومات وأبحاث ودراسات علمية، لا من خلال حملات مشحونة بالتطرف الجندري، لا سيما وقد جاء الكتاب رجولياً بالثلاثة، من حيث مؤلفَي الكتاب والمقدم له، فضلاً عن كونهم جميعاً من أهل الاختصاص! فلا شبهة لشعارات نسوية، ولا للعاطفة سبيل، ولا للتحيز مكان. يقول المقدم للكتاب: “لا جدوى من الهروب! المرأة تغيرت، جسدياً ونفسياً والأخطر عقلياً، بعد أن أكدت الأبحاث الأخيرة أن عقل المرأة مختلف عن عقل الرجل. إن التحدي الحقيقي الذي يواجهه إنسان هذا العصر ليس اكتشاف كواكب مجهولة، ولا أقماراً غامضة تجوب الفضاء الفسيح، ولكن اكتشاف قدرات الإنسان الخفية وأخطرها العقل، وخاصة عقل المرأة”. لا يفت المقدم مع هذا الإقرار من الإشارة إلى عظيم صنع الله، فيقرّ مجدداً إن كتاب «المخ ذكر أم أنثى» رحلة في أشد العوالم غموضاً، ألا وهو المخ .. وفي أثناء إبحارنا مع المخ تتجلى عظمة الخالق“.

وعن المؤلفَين، فهما: د. عمرو شريف، أستاذ ورئيس سابق لقسم الجراحة بكلية الطب في جامعة عين شمس، وله عدد من المؤلفات العلمية والفكرية والدينية، ود. نبيل كامل، خبير في برامج التنمية البشرية. أما المقدم للكتاب، فهو أ. د. أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة عين شمس، ورئيس مركز بحوث الصحة النفسية لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب، وله العديد من المؤلفات في الطب النفسي والأبحاث العلمية المنشورة محلياً وعالمياً.

يفتح الكتاب مصراعيه على بابين رئيسيين، يفتحان بدورهما ثلاثة عشرة نافذة في فصول تلو الأخرى، بالإضافة إلى صفحات الإهداء والمقدمة والتقديم له في البداية، وحصاد الرحلة في الختام، مع الملاحق الثلاث في المراجع .. أعرضهم جميعاً أدناه .. وكم كان جميلاً أن يستهل إهداء الكتاب بعبارة إلى “بناتنا وأزواجهن” قبل الجميع!.

الباب الأول: الذكورة والأنوثة

  • الفصل الأول: تأملات وتساؤلات
  • الفصل الثاني: العلماء يجيبون – المفاهيم الأساسية
  • الفصل الثالث: ملامح وسمات التعاطف والتنظيم
  • الفصل الرابع: التنشئة أم الفطرة
  • الفصل الخامس: إكسير الذكورة
  • الفصل السادس: إكسير الأنوثة
  • الفصل السابع: أمراض تكشف الحقيقة
  • الفصل الثامن: الجينات والمخ. ثم ماذا بعد؟

الباب الثاني: تطبيقات على الجنوسة

  • الفصل التاسع: الجنس بين شهريار وشهرزاد
  • الفصل العاشر: شريكان في مؤسسة الأسرة
  • الفصل الحادي عشر: بين الأمومة والأبوة
  • الفصل الثاني عشر: أيها الآباء .. أيتها الأمهات: ستحصدون ما تزرعون
  • الفصل الثالث عشر: القدرات والاهتمامات والعمل

الملاحق: أعجوبة المخ

  • الملحق الأول: مفاهيم بيولوجية
  • الملحق الثاني: من الكناريا إلى الشمبانزي
  • الملحق الثالث: المخ البشري بين الذكر والأنثى

يصاب قلمي عادة باضطراب أمام أي كتاب استحق رصيد أنجمي الخماسي بجدارة! فماذا يكتب؟ وماذا لا يكتب؟ حتى يكاد أن يكتب كتاباً عن الكتاب .. فيفضي في النهاية إلى التروي والاكتفاء بتقنية رؤوس الأقلام!. يُسهب هنا قليلاً عن متفرقات من الكتاب، فيقول:

  • يقرّ التشريح بتشابه مخ الرجل ومخ المرأة، مع فارق الحجم لصالح الرجل والذي يُبرر بصغر حجم جمجمة المرأة. غير أن الحجم لا يقرّ درجة الذكاء بالضرورة، فالفيل ليس بأذكى من الإنسان رغم كبر حجم المخ لديه، كما لم يثبت التشريح وجود أي فرق بين مخ أينشتاين ومخ أي متخلف عقلي (وقد تم تشريح مخه بعد وفاته). إن الفارق يكمن في مستوى أداء الخلية العصبية للمخ.
  • يرفض الكتاب اعتماد كلاً من (العوامل التربوية) وما تقوم عليه من موروثات حضارية وأعراف اجتماعية، و (الفروق الكيميائية) المتمثلة في الهرمونات الجنسية، في تفسير الاختلافات الفكرية والنفسية والسلوكية بين الإناث والذكور، تفسيراً كلياً.
  • (المكان: فناء المدرسة / الزمان: سن العاشرة). وبينما يجوب الأولاد الفناء ذهاباً وإياباً وصراخاً، بل وعنفاً حال خلافهم يصل عادة إلى حد التشابك بالإيادي، تجتمع البنات في مكان ما على طرف الفناء يتبادلن الحديث والحقائب أحياناً. وإن وقع خلاف ما، لا يتجاوز حسمهن للخلاف تقنية النقاش أو الصياح. يقع أحد الأولاد على الأرض أثناء اللعب باكياً، فلا يأبه به أحد بل قد يعمد بعض الأولاد إلى إزاحته جانباً للاستمرار في اللعب، أما البنات فتتوقف عندهن اللعبة بأكملها، حيث يهرعن جميعهن نحو تلك التي سقطت لمساعدتها والتخفيف عنها.
  • في مقارنة سريعة حول:
    • المشاعر والتعبير: يعاني الرجل من قصور نسبي في التعبير عن مشاعره بالكلمات، حيث تقع قدرات الإدراك بالأمور الشعورية لديه في النصف الأيمن من الدماغ، بينما تقع قدرات التعبير اللغوي لديه في نصفه الأيسر. أما المرأة فتتوزع القدرتين في كلا الفصين، مما يفُسر المهارة اللغوية الفورية للمرأة.
    • عملية التفكير: أثناءها، تظهر (الخلايا العصبية) المسئولة عن معالجة المعلومات أعلى بمعدل ست أضعاف عند الرجل عن المرأة، في حين تظهر (المحاور العصبية) المسئولة عن تبادل المعلومات أعلى بمعدل عشر مرات عند المرأة من الرجل.
    • الاستجابة للمحفزات: أن (الجهاز الحوفي) المسؤول عن الاستجابة العضلية هو أكثر نشاطاً عند الرجل من (التلفيف الحزامي) المسؤول عن الاستجابة النفسية والذي هو أكثر نشاطاً عند المرأة. يُفسر هذا تجاوب المرأة مع الاستفزازات لغوياً، واستخدام الرجل لقبضته في مواجهتها.
    • الحواس: تتفوق المرأة في حاسة السمع وحاسة البصر وحاسة التذوق وإحساس الجلد عن الرجل. فمن بين عشرة مطربين ينبغ رجلان فقط ويكون المتبقي من نصيب المرأة. وتبصر المرأة الألوان ذات الموجة الأطول وتعلو كفاءة الحاسة لديها في الظلام. كما أنها الأكثر استجابة للأطعمة المرة والحلوة، ويتحمل جلدها أيضاً أقصى درجات الألم.

في عجالة، فإن هذا الكتاب يتميز بـ:

  • المادة العلمية المعززة بالملاحق والمراجع.
  • اللغة المباشرة في مخاطبة القارئ غير المختص.
  • الترتيب المنهجي في العرض، والتلخيص النهائي لكل فصل.
  • النصائح الثمينة المقدمة للأزواج.
  • القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية التي اكتسى بها إلى جانب المادة العلمية.
  • إبطال الشعارات التي تعظّم الجنس الذكري على حساب نظيره الأنثوي، علمياً وموضوعياً.

ومما ورد من عظيم القول في الكتاب، اقتبس في نص ناصع (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما يلي:

  • عن تفاوت درجة العاطفة والمنطق بين الجنسين، يذكر الكتاب: “أن الرجل عندما يحب يحب بلا منطق، وعندما يمنطق الأمور فإنه يمنطقها بلا عاطفة. في حين أن المرأة تمنطق الأحداث بعاطفية، وفي قمة عواطفها لا تتخلى عن المنطق”.
  • لم تعد صورة المرأة النمطية في ضعفها وانكسارها وخوفها هي المرتقبة، بل إنها: “صورة قد تدخل قريباً أرشيف الذكريات” .. حيث تشير الأبحاث العلمية إلى (قوة المرأة الجسدية) تشهد لها في ذلك الأرقام القياسية المسجلة في الدورات الأولمبية، وإلى (قوتها النفسية والعصبية) وقد تمكنت من اختراق الفضاء مع الرواد الرجال، نداً لند .. وتتوالى إنجازاتها.
  • إن الأمومة انتصار أزلي. يفرّق الكتاب بين الأمومة والأبوة فيقول: “هل تخيلت في يوم من الأيام أن الرجل يمكن أن يتحمل أعباء الأمومة بدلاً عن زوجته؟ وهل لاحظت أن العلاقة بين الأم وطفلها علاقة تبادلية خاصة، حتى إنه لم يحدث في تاريخ معظم المجتمعات البشرية أن نجح الرجال في القيام بدور الأمهات مهما كانوا حريصين على ذلك ومهما كانوا معطائين، حتى وإن قاموا بتقديم وجبة الرضاعة أو تغيير الحفاضات؟ بل لقد فشلت محاولات علماء الاجتماع في جعل الطفل أكثر قبولا لرعاية أبيه بدلاً من رعاية أمه، ويُعتبر قيام الأب بتربية أطفاله بعد فقد الأم استثناءً من هذه القاعدة”. بالإضافة إلى هذا، يذكر الكتاب أن إحصائيات الطوارئ تسجّل في العادة نسب إصابات أعلى للأطفال في الأوقات التي يكونون فيها تحت رعاية آبائهم، بالمقارنة مع الحالات التي يكونون فيها تحت رعاية أمهاتهم.
  • تفشل هندسة الكيبوتس الإسرائيلية في خلق جيل ذو جنس أحادي من خلال محاولة منح فرص متساوية للجنسين بما يُطلق عليه “البيئة التربوية المتماثلة”، فتنتصر الطبيعة البيولوجية!. تقول النتيجة: “لقد فشلت كل محاولات السياسيين في استخدام «الهندسة الاجتماعية» داخل الكيبوتسات من أجل خلق يوتوبيا بالمفاهيم الذكورية (مجتمع يرى أن السعادة تتحقق إذا تبنى الجميع ‏ -ذكوراً وإناثاً – قيم التحدي والتفوق المادي). كما قدموا لنا البرهان على أن عقول الذكور والإناث مختلفة بالفطرة وليس بالتنشئة، وأن الأولاد والرجال يعيشون غالباً في عالم الأشياء من خلال عقول تنظيمية، بينما تعيش البنات والنساء في عالم الإنسان والعلاقات من خلال عقول تعاطفية”. 

ملاحظة هامشية: قد يبدو الكتاب للبعض -لا سيما الرجال- وكأنه يقسو عليهم، من خلال إظهار الرجل في قالب مادي جنسي صرف، أناني يؤثر عمله على مسؤولياته العائلية، ضعيف لا طاقة له في تجاوز صدمات الحياة، فضلاً عن شعور الأبوة المكتسب!. من ناحية أخرى، قد بدى الكتاب وكأنه ساحة عراك قد سلّ كل من دعاة النسوية ودعاة الذكورية سيوفهم من أغمادها، في محاولة إثبات كل فريق انتصار الكتاب لصالحه ضد الآخر، أو العكس في تحيزه .. (تحديث مغامرات «توم أند جيري» لا تزال جارية). وللحق .. نعم! قد يثير الكتاب حفيظة الرجل لا سيما وأنه جاء علمياً بقلم رجال من ذوي الخبرة، لا عاطفياً ولا متطرّفاً ولا حماسياً فارغاً، فيمكن دحضه بسهولة .. كما أشرت سابقاً!. وللحق مرة أخرى، إنه كتاب يستحق القراءة وإعادة القراءة، ولا بد من أن يتوفر في كل مكتبة عائلية.

أخيراً وليس آخراً: يختلف الجنسان .. نعم! لكنه اختلاف يدعو إلى التجاذب لا التنافر .. كقطبي مغناطيس في المجال الفيزيائي، أو كما يقول الشاعر الشاب مريد البرغوثي في قول أكثر عذوبة: (جديلة طرفاها العاشقان فما تراهما افترقا إلا ليلتحما .. في ضمّة تُرجع الدنيا لسنّتها كالبحر من بعد موسى عاد والتأما).

 

تم نشر المراجعة في:

صحيفة المشرق

ضفة ثالثة على العربي الجديد

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (5) في قائمة ضمت (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو أول كتاب اقرأه في شهر فبراير من بين ستة كتب. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2019 ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.

وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (فبراير)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:

يبدأ الفايروس بالتوحش ويبدأ الحجر الصحي مع نهاية الشهر.

تسلسل الكتاب على المدونة: 24

 

 

تاريخ النشر: فبراير 19, 2021

عدد القراءات:1719 قراءة

التعليقات

  1. راقت لي:
    1. إن الأمومة أنتصار أزلي.
    2. عن تفاوت درجة العاطفة والمنطق بين الجنسين، يذكر الكتاب: “أن الرجل عندما يحب يحب بلا منطق، وعندما يمنطق الأمور فإنه يمنطقها بلا عاطفة. في حين أن المرأة تمنطق الأحداث بعاطفية، وفي قمة عواطفها لا تتخلى عن المنطق”.
    سبحان الخالق المبدع!!! خلقنا للتكامل وليس للتنافر…فتبارك الله أحسن الخالقين.

اترك رداً على hma إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *