الكتاب
أن تلمس الكتب
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Tocar los libros - By: Jesús Marchamalo
المترجم/المحقق
مارك جمال
دار النشر
منشورات تكوين
الطبعة
(2) 2025
عدد الصفحات
94
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
05/28/2025
التصنيف
الموضوع
أن تلمس الروح
درجة التقييم

أن تلمس الكتب

أن تلمس الكتب .. كأن تلمس الروح!

ما أرقّه من كتاب! فرغم قصره، فهو يحمل قدر من معلومات فكرية وأدبية، ويشوبه الكثير من الظرافة، وهو لا يزال يشحذ الهمة نحو تعزيز هواية القراءة والحرص على الاستزادة منها، بينما يثير مشاعر الاعتزاز بهكذا هواية داعياً للاحتفاء بها كعادة تجمع بين المتعة والفائدة في آن … وقلّما تشترك هذه الميزة في عادة بعينها!

هنا يشتم القارئ عبق أجواء القراءة، وتكتحل عيناه بمنظر الكتب المصطفة والمتراكمة والمتناثرة هنا وهناك، ويستطيب ملمسها ورائحتها ولونها وحجمها وصفوفها ورفوفها، الممتزجة بأمزجة نسبائها من المرتادين، قرّاء أو كتّاب أو عشّاق، بين مصابيح تضيء في هدوء المقاعد الوثيرة، والصمت الذي يحيلها إلى ركن من محراب مهيب، كالمقدسة، مهما كانت عليه من إباحية أو لعنة أو فجور!

ولأن الكتاب يحتفل بمرور عشرين عاماً على إصداره، فمؤلفه يعدّه ضمن الكتب التي تلحق بها أساطير في العادة، وقد طرحه ابتداءً كمحاضرة في جمع من المعلمين. وبمناسبة إصداره في طبعته العربية هذه، بعد سبع طبعات من مختلف اللغات والبلدان ودور النشر، يصرّح المؤلف بسعادته الغامرة لا سيما وهو يحدّث قارئه العربي عن الإضافات التي أودعها الطبعة والمتعلقة بالمكتبة العربية، مثل الروايات البوليسية التي شغف بها نجيب محفوظ، وأسفار المنافي التي لاذ فيها محمود درويش للكتب، والمكتبة الجوّالة لصاحبها الصاحب بن عباد، ومن قبل الجاحظ الذي قضى نحبه تحت ركام الكتب حين تساقطت عليه، على طريقة (ومن الحب ما قتل) .. وقد استغنى في المقابل عن بعض المواد المتعلقة بعالم النشر الإسباني والتي قد لا تهم القارئ العربي بالضرورة، مكتفياً بالإشارة إليها قليلاً.

لا يخفي المؤلف شغفه وهو يعتبر كتابه هذا الأكثر شخصية، والأقرب إلى سيرته الذاتية، والأوثق صلة بعالمه الأدبي البعيد عن الشطط، وهو يعترف بـ (سرقة) عنوانه من مقال للكاتب الأرجنتيني (ألبرتو مانغويل)، حيث اختيار العناوين تمثّل له “شيئاً كارثياً”، وهي التي ما تبرح تراوغه حتى يعمد إلى المأثور من القول و “ألعاب الكلمات المتوقعة” حسب تعبيره! غير أن أمانته جعلته يعترف بـ (سرقته) تلك للكاتب حين التقاه في معرض للكتاب بالمكسيك، وقد انتهى الأمر بينهما ودياً لا سيما وقد اعترف مانغويل بدوره بـ (استعصاء) العناوين عليه أيضاً.

من ناحية أخرى، كم يبدو المؤلف الإسباني (خيسوس مارتشامالو غارثيا) مرحاً في كتابه الذي جاء في ترجمة أخاذة من نصّه الأصلي (Tocar los libros – By: Jesús Marchamalo)، والذي عني بها المترجم المصري (مارك جمال)، لدرجة تُشعر القارئ أنه يقرأ النص الأصلي لا ترجمته! وعن محتواه، فقد انقسم إلى خمسة أجزاء، نال بها الكتاب أربعاً من رصيد أنجمي الخماسي .. أعرضها فيما يلي:

  • أن تعيش مع الكتب
  • النظام والحفل
  • كيف تتخلص من خمسمئة كتاب
  • كتاب واحد كل ثلاثين ثانية
  • كتب مهترئة

ومنها، أدوّن ما راق لي، وأقتبس شذرات (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • هل فعلاً تتحدث الكتب عنا وعن شغفنا واهتماماتنا كما يؤكد المؤلف؟ إنه يقول في (أن تعيش مع الكتب): “تتكلم الكتب .. لا عن القرّاء الذين كنا في حينه، والقرّاء الذين صرنا إليهم فحسب، بل إنها تتكلم أيضاً عن القرّاء الذين أردنا أن نكون، فلم يتحقق لنا ذلك”.
  • ومع الفوضى التي قد تطال صاحب كل مكتبة شخصية، يضطر المؤلف في بعض الأحيان إلى شراء كتاب ما من جديد حين يعجز عن العثور عليه في مكتبته! لكنه لا يزال يجد فائدة في تلك الفوضى، فيقول في (النظام والحفل): “والحق أن المكتبات الفوضوية تتيح للقارئ فرصة أن يخوض مغامرة اللقاء مصادفة! فبينما هو يبحث عن عمل بعينه، تظهر كتب أخرى لا ينتبه إليها لولا الفوضى. كتب تفتح له دروباً جديدة وتقدّم إليه ذكريات وقراءات أخرى”.
  • وبعد زمن الارستقراطية الذي شهد تشييد المكتبات بغرض التباهي وحسب، والحديث عن الزيف المتمثل في قرّاء وكتب ومكتبات، يتطرق المؤلف في (كيف تتخلص من خمسمئة كتاب) عن الكتب مفرطة الكثرة والتي يتمسك بها صاحبها عادة كجزء عزيز من ذاته: “بعض الكتب هكذا ضرورية كالدواء، كالبلسم، كالدهان: بل إن الشاعر ريلكه قد فكّر في إمكانية التعافي عن طريق القراءة”.
  • وعن اجتماع الملذات، ينقل المؤلف في (كتاب واحد كل ثلاثين ثانية) ما عُرف عن الكاتب الإيطالي مؤلف (الفهد) بقوله: “درج لامبيدوزا على القراءة في متجر للحلوى، ولذا فمن الجائز أن يكون محيطه قد أضفى على تلك الآراء الأدبية مذاقاً حلواً”.
  • أما في (كتب مهترئة) فيختم المؤلف خواطره قائلاً: “وأخيراً، فلطالما كانت الكتب تنطوي على ملاحظات مدونة، وحواف مطوية، وعلامات بأقلام الرصاص .. كما أنها تهترئ في بعض الأحيان. لطالما حوت الكتب شيكات مصرفية وبطاقات مراهنات وصوراً لمجهولين وقطعاً من الصحف اليومية ووصفات قديمة وصوراً ملونة وأزهاراً هشة .. دائماً. وفي بعض الأحيان، قد يضمّ الكتاب ورقة مالية غير مطوية من فئة الخمسة دولارات، شاردة تائهة إلى غير رجعة”.

ختاماً أقول: إنه كتاب يبدأ وينتهي كما المعزوفة الموسيقية المستقطعة من سيمفونية عبقرية، تعلو وتهبط في إيقاعاتها بين أجواء المكتبة الساكنة في وقار، وصخب عقول القرّاء وتضارب أمزجتهم!

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (50) في قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025 والذي حصلت عليه من معرض الكتاب، وهو في الترتيب (12) ضمن قراءات مايو التي بلغت (15)!

من فعاليات الشهر: صاحبت بداياته انعقاد معرض الكتاب الذي حرصت على حضوره بالطبع، وقد خرجت منه بحصيلة كتب تجاوزت (230) كتاب .. وذكرى طيبة في ملاقاة الأصدقاء من جديد! ولأن جدولي كان مزدحماً، فقد اخترت أن تكون قراءاتي خلاله لطيفة .. وقد جاء هذا الكتاب بمثابة (بنبونة) أخرى فيه.

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: بالخلاص يا شباب / قبعات التفكير الست / الغرب المختطف / حياتي في الإعلام / فن الترجمة / كيف تبدأ الكتابة ومتى تتوقف / هذا هو الإنسان / أميرة الأندلس

تسلسل الكتاب على المدونة: 650

تاريخ النشر: مايو 29, 2025

عدد القراءات:50 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *