الكتاب
أسطورة التكوين: الثقافة الإسرائيلية الملفقة
المؤلف
دار النشر
رياض الريس للكتب والنشر
الطبعة
(1) 1991
عدد الصفحات
125
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
08/27/2025
التصنيف
الموضوع
اتسع الرتق والراقع يهودي
درجة التقييم

أسطورة التكوين: الثقافة الإسرائيلية الملفقة

على الرغم من قدم الكتاب نسبياً والذي يعود إصداره الأول إلى التسعينات، فهو قد لا يختلف كثيراً عما هو ملموس على أرض الواقع حالياً، وتحديداً فيما عناه الباحث بالثقافة الإسرائيلية الملفقة، لا سيما ونظام الفصل العنصري وهو يبدو على أشده من أي وقت مضى!

يضع الكتاب (أنطوان شلحت)، وهو كاتب وناقد فلسطيني، يبحث في الشأن الإسرائيلي ويترجم عن العبرية في السياسة والأدب والتاريخ، وينشر مقالاته في الصحف الفلسطينية والعربية، وقد أصدر عدد من الدراسات في النقد الأدبي، وهو يدير حالياً المنبر الثقافي العربي (ضفة ثالثة).

يتطرق الباحث ابتداءً إلى (احتواء الثقافة الإسرائيلية من قبل العنصرية الصهيونية)، والتي تظهر فيها هذه العنصرية ذات أصول رجعية، تُقرّ التفاوت الحضاري بين الشعوب على أساس “أجناس عليا حضارية وأخرى دنيا سلفية”، متغافلة في هذا عن التاريخ، زمانه ومكانه! فيعرض كتاباً هو الأشد فظاعة مما يُلقّن لطلاب المدارس، من تأليف “مستوطن كولونيالي في الضفة الغربية”، يصف الإحساس العميق عن الارتباط بالوطن بعد حياة الشتات، وهو ذات الوطن الذي لم يلق شعباً أقام عليه حين قدم إليه، وهو يقصد بهذا “عدوه العربي”.

أما (في صياغة إدراك الأطفال الإسرائيليين بواسطة الثقافة العنصرية)، فيعرض الباحث نموذجاً عن كيفية إرساء ثقافة العنصرية في (منبت رؤوس) الجيل الإسرائيلي، متضمناً تجريد الفرد الفلسطيني من أي هامش إنساني، وذلك عن طريق استطلاع أجراه أحد المحاضرين الإسرائيليين لعينة من 250 طالباً حول آرائهم، ضمّنها في كتابه (انعكاس شخصية العربي في أدب الأطفال العبري)، جاءت بعض نتائجه كما يلي: ارتفاع مستوى الخوف من العربي لنسبة تصل إلى 75%، يظهر فيها بنعوت من شاكلة “خاطف الأطفال، القاتل، المخرّب”. تشويه شخصية العربي تصل إلى 80%، فضلاً عن الجهل التام بهويته ومظهره، بحيث وصفه البعض بكائن له ذيل. التنكّر لحق العرب في فلسطين بنسبة بلغت 90%، طالب فيها الطلاب “بقتلهم أو شنقهم أو ترحيلهم”.

وحين ينتقل الباحث إلى (الصحافة في إسرائيل: بوق للمؤسسة الصهيونية)، يخلص إلى أن “المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة لا قبل لها بالتخلي عن وسيلة هامة مثل احتكار الصحافة، بوصفها مصدراً أساسياً للمعلومات”. إن النظام السياسي في إسرائيل وإن زعم تمثّله الديمقراطية البرلمانية الغربية فذلك شكلياً، والذي يتمظهر من خلال: عدم اعتماد دستور محدد بحجة تعيين حدودها الجغرافية التي لا تزال قائمة. اعتماد خيار النظام العسكري، لا سيما ضد المواطنين العرب في إسرائيل، كما هو الحال في نظام الطوارئ. فرض الهيمنة العسكرية على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي (صراع الغرب والشرق في الثقافة العبرية الإسرائيلية)، يكشف الباحث عن عدم تجانس المجتمع اليهودي ضمن الثقافة اليهودية ذاتها، لا بناءً على الفوارق الاجتماعية بين شرائحه المختلفة وحسب، بل أيضاً في ذلك القمع القائم على صراع حضاري يتبلبل فيه علم الاجتماع الإسرائيلي بين الشرق والغرب لتحديد هوية إسرائيل. لذا، يحذّر أحد الأكاديميين الإسرائيليين فئة المنتصرين الأشكناز وقد أساءوا معاملة الإسرائيليين الشرقيين السفارديم: “لأن الشرق لا يمكن أن يُهزم”، بل إن إسرائيل ككيان غير طبيعي لا يرتكز على أسس اجتماعية وحضارية واقتصادية متينة، ماضٍ إلى زوال.

ثم يتحدث الباحث في (الصيرورة: تحولات ثقافية بعد حرب لبنان) بشيء من الإسهاب، ينطلق من إفرازات الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على الشعبين اللبناني والفلسطيني في لبنان عام 1982، والتي أحدثت “انعطافات حادة في المجتمع الإسرائيلي” تجاه “العدو العربي” بالإجماع القومي الصهيوني، حيث شهد الواقع الثقافي بزوغ تيار أدبي، يعزز المناهضة الشعبية ضد تلك الحرب! لقد رفع أدباء ذلك الأدب السياسي الاحتجاجي صوته ضد الاحتلال والاضطهاد، وهم يخاطبون القراء بصورة مباشرة بهدف رفع وعيهم السياسي، وتحريضهم نحو تبني مواقف ثابتة ضد “الحرب والعدوان، وسقوط الإنسان في الإنسان”. وفي هذا، يستعرض الباحث مجموعة من ردود تلك الأفعال الأدبية، الإبداعية والمأزومة، ضمن النخبة الثقافية الإسرائيلية، والتي جاء منها على هيئة قصائد شعرية، أو مقالات، أو مقابلات، أو مسرحيات، أو أغاني، أو أفلام، أو روايات! فينقل الباحث عن الكاتب والمخرج المسرحي (يهوشوع سوبول) قوله في مقابلة مع مجلة (هعولام هزيه): “يقودنا مجرمون من الواجب لجمهم! وأننا نحيا في واقع رهيب يرقص فيه أكلة لحوم البشر. والغريب أن بعضنا يشعر بأنه صادق”.

ختاماً، وعلى قدر ما يسفر الكتاب عن وجه الرواية الإسرائيلية من المصدر، على قدر ما يثير الحنق، تحديداً في تعمد تشويه الفلسطيني-العربي إنسانياً قبل أي شيء، مع قدر مروّع من التعالي العرقي! المضحك المبكي أن يطاله هذا التشويه من قبل يهودي يحمل في حمضه النووي سخط البشرية جمعاء، وليست العصور الوسطى منه ببعيد وتاجر البندقية صاحب شكسبير معه! يجدر بالباحث تتبع ترّهات تلك الأسطورة حتى الوقت الحاضر وذلك لتمام الفائدة، لا سيما مع فورة طوفان الأقصى الثائر منذ ما يقرب العامين.. سيكون ثراءً فكرياً، وتحريضاً ثورياً بحق!

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (92) في قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025، والذي حصلت عليه من معرض 2024 للكتاب ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي آنذاك .. وهو في الترتيب (12) ضمن قراءات أغسطس التي بلغت (20) كتاب.

من فعاليات الشهر: استدراك ما فات من برنامج القراءة خلال نصف العام الأول، ومحاولة اختلاق وقت إضافي ضمن الأربعة والعشرين ساعة، للأعمال الأخرى .. إلى جانب القراءة ثم القراءة ثم القراءة! كم كان محفّزاً أن أختم هذا الشهر بالكتاب رقم (100) ضمن قائمة القراءة الطويلة والطويلة جداً التي فرضتها منذ بداية العام …… ولنرى ما سيكون عليه الوضع في النصف الثاني!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر عن القضية الفلسطينية: العيش في فلسطين / اليهود في الكويت: وقائع وأحداث / هوامش على دفتر النكسة / ثلاثية أطفال الحجارة 

تسلسل الكتاب على المدونة: 692

تاريخ النشر: سبتمبر 3, 2025

عدد القراءات:25 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *