الكتاب
فيلسوف القلب: الحياة القلقة لسورين كيركغارد
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Philosopher of the Heart: The Restless Life of Søren Kierkegaard - By: Clare Carlisle
المترجم/المحقق
علي عبد الأمير صالح
دار النشر
دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2022
عدد الصفحات
399
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
02/14/2024
التصنيف
الموضوع
قلب فيلسوف بين الإنسان والوجود
درجة التقييم

فيلسوف القلب: الحياة القلقة لسورين كيركغارد

كتاب لا يصف مجرد حياة قلقة لفيلسوف وجودي بقدر ما يجيب عن سؤال وجودي يعني بالإنسان وبتعايشه ككيان متفرّد في خضم واقع مادي متطلّب!

إنه (سورين كيركغارد 1813 : 1855) فيلسوف دانماركي تناول الكثير من القضايا الدينية والأخلاقية والنفسية من منظور فلسفي. عُرف في حياته كنابغ حصل على درجتي الماجستير والدكتوراة شاباً، وموهوب ومحبوب وذو حس فكاهي، إضافة إلى نشاطه كمؤلف استنفدت منه الكتابة طاقته وماله وباتت الحب الحيوي الوحيد له مقابل ضروب الحب الأخرى، وقد كانت شخصيته العلنية التي عمل عليها من أجل خوض الحياة كتجربة كما كان يؤمن -بحيث أصبح معروض للجميع وسهل الحكم عليه- قد سبب له القلق الذي عُرف به لاحقاً، إضافة إلى طموحه في التميز الدائم. تعكس سيرته الذاتية جوهر روحه التي اضطربت بين ظروف حياتية غير عادية خاضها منذ صغره حتى سنه المبكّرة .. من انتمائه لعائلة أبيه التي كان لها تاريخ بين فقر وغنى، ووالدته الخادمة مع عدد من الأخوة والأخوات .. وحب متزعزع قد تكون أسبابه أفلاطونية أدت إلى هجره خطيبته (ريجين أولسن) مكسورة القلب مثله إلى آخر يوم في حياته وقد أوصى بما يملك لها رغم زواجها بغيره .. وقد أصابه حبه المختلف هذا بأزمة رومانسية أنحت بحياته نحو منعطف آخر تمحور حول الإنسان وهويته وحريته .. إضافة إلى تعارك الفكرين الفلسفي والديني معاً بداخله، واشتياقه العميق للرب، وتلك العلاقة الروحية بينه وبين يسوع المسيح في طبيعتيه اللاهوتية والناسوتية، وتأثره بقصة النبي إبراهيم التوراتية ومحنة التضحية بابنه فوق الجبل، ومن قبل قصة الكهف الرمزية لأفلاطون .. وشخصياته المستعارة التي كان ينشر بها مؤلفاته .. ومذكراته اليومية التي ضمّنها غيرته من أنداده الذين دأبوا على الاستخفاف به وبخواصه وبعيوبه الشخصية .. والسؤال الوجودي الذي شكّل كل حياته الشخصية والفكرية: ماذا يعني أن يكون المرء إنساناً؟ الذي انتقد به الفلسفة الحديثة وتجريداتها، مصراً على ضرورة فهم الإنسان لنفسه ومحاولة العيش بأمل على مستقبل مفتوح، السؤال الذي به أصبح خبيراً في الحب وآلامه، فقلق بشأنه تارة وسخر منه تارة أخرى، وتراوح في لوعته بين اليأس والشجاعة “فجعل قضايا القلب الموضوع الرئيس لفلسفته، ووصلت كتاباته إلى أفئدة أجيال من القراء”.

تضع الكتاب الباحثة (كلير كارلايل) وهي أستاذة في علم الفلسفة بإحدى الجامعات البريطانية، وقد تناولت في بحثها هذا سيرة الفيلسوف الذاتية، بجهد جهيد تنقلت لأجله في عدة أماكن لا سيما في مسقط رأسه. وهي تقسّم كتابها إلى ثلاثة أقسام رئيسية تتدرج في خمس عشرة فصلاً، وتضمّنه الكثير من الصور الإيضاحية. والأقسام الرئيسية هي:

  • القسم الأول: مايو 1843: رحلة العودة
  • القسم الثاني: 1813 : 1848: الحياة تُفهم إلى الوراء
  • القسم الثالث: 1849 : 1855: الحياة تُعاش إلى الأمام

ومن كتابها (Philosopher of the Heart: The Restless Life of Søren Kierkegaard – By: Clare Carlisle) الذي عني بترجمته باحترافية المترجم العراقي علي عبدالأمير، أقتطف شذرات مما لمس قلبي وأقتبس لها في نص دافئ (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) وقد نال الكتاب نجمتان من رصيد أنجمي الخماسي:

  • بعد أن يضحي بحياته مع خطيبته وبسمعته الطيبة معها، يملأ كيركغارد يومياته بآراء تتحدى الكثير مما يظن سكان مدينته أنهم يعرفونه عنه، لا سيما وقد اعتبروه مخطئاً في حق خطيبته بعد أن نكث بوعد الزواج منها. يقول في الفصل الأول (أن تعيش سؤال الوجود): “كيركغارد لا يجلب فلسفة جديدة أخرى، بل يشك فيما إذا كان العمل بالفلسفة هو الطريق الصحيح للبحث عن الحقيقة، ما إذا كان التعميد يجعل الناس مسيحيين، ما إذا كان كونك إنسان هو شيءٌ مُسَلّم به”.
  • يتبع كيركغارد سقراط في سخريته التي تناولت الحياة بكونها لا تتسم بالأصالة دون سخرية! يقول وهو مستمر في الفصل الأول: “بطبيعة الحال، إنه يكرر تساؤل سقراط المتعلّق بـ «أن يكون إنساناً»، أو تعلّم ماذا يعني أن يكون إنساناً». مع ذلك، إنه يتابع أيضاً تاريخاً طويلاً من المفكرين المسيحيين الذي ارتابوا في العالم، سألوا ما إذا كانت حياتنا في هذا العالم تساعد أم تعيق البحث عن الله”.
  • المواساة الدينية في نظره سهلة في سرعة النطق بها بما تتضمنه من وعود سعيدة، وهي في هذا أشبه بالخدع الميتافيزيقية التي يمارسها المشعوذون اللاهوتيون، بحجة أن الشر ما هو إلا غياب للصلاح، وهو بهذا ليس له وجود حقيقي! يقول في الفصل الرابع (أتباع إبراهيم صوب المنزل): “بالمقارنة، تفسيره الخاص لإبراهيم يكشف أنه «فقط الشخص الذي في حالة قلق يجد الراحة، فقط الشخص الذي يستل السكين يحصل على إسحق». إن ثمن الإيمان ثمن مرتفع دائماً: أنظر إلى أم يسوع المسيح، مريم، كما تُوصف في بداية «إنجيل لوقا»، لمّا يزورها الملاك جبرائيل وتحبل بطفل إلهي. التاريخ حوّلها تالياً إلى ملكة مقدسة، مع ذلك في هذه اللحظة هي مجرد فتاة غامضة، غير متزوجة وحبلى بصورة مبهمة؛ ما من أحد آخر رأى الملاك، وما من أحد يستطيع أن يفهمها» – «أليس صحيحاً أيضاً هنا أن الشخص الذي يُباركه الله يلعنه في النَفَس ذاته؟ مريم لا تحتاج إلى إعجاب دنيوي، وهي على غرار إبراهيم قلما تحتاج إلى الدموع، لأنها ليست بطلة، وهو ليس بطلاً، إلا أن الاثنين أصبحا أعظم من هذين ليس من خلال كونهما معفيين من المحنة والعذاب والمفارقة، بل من خلال هذه الأشياء”.
  • ينظر كيركغارد إلى تمثال يسوع المسيح في هيئته البشرية، ناشراً ذراعيه داعياً جميع المتعبين حاملين الأثقال إليه، فيشرح للحاضرين الذين كانوا يتناولون القربان المقدس في الكنيسة بأن أحمالهم التي شكّلت معنى (الاشتياق للرب) هي التي جاءت بهم إلى هنا. يقول في الفصل السادس (تعالوا إلي): “ومن ثم تحدّث عن مسألة كم هو صعب أن يعاني المرء من دون أن يُفهم. وقال إن هذا أحد الأعباء الإنسانية الكبيرة، التي لا يُمكن أن يُخفّفها إلا يسوع المسيح: «لا أعرف ما الذي يُزعجكم تحديداً أيها المستمعون؛ ربما لن أفهم حزنك حتى، أو أعرف كيف أتكلم عنه بتبصر. إلا أنّ يسوع خبر الحزن الإنساني كله بشدّة أكثر من أي إنسان .. إنه لا يفهم فحسب كل حزنكم أفضل مما تفهموه أنتم أنفسكم، لكنه يُريد أن يأخذ العبء عنكم ويُعطيكم الراحة لأرواحكم»”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (15) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهو الكتاب (3) في شهر فبراير .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية العام الماضي ضمن (400) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض. وعلى الرغم من أن الكتاب كان يعرض لي بشكل متكرر على منصات القراءة التي أحرص على متابعتها، لم أكن متحمسة لشرائهّ! قد يعود هذا لعنوانه الذي خمّنت به مضمون مادته الذي لا يستهويني .. وكذلك كان البائع في دار النشر الذي لم يحبّذه! غير أنه حصل أن أهدانيه .. إن أحببت الاطلاع عليه من دافع الفضول!

وللفيلسوف التنويري على مكتبتي كتاب (المرض طريق الموات: عرض مسيحي نفسي للتنوير والبناء) وهو على رأس قائمة القراءة، بالإضافة إلى كتاب عنه من تأليف (باترك غاردنر) بعنوان (كيركجارد : فيلسوف الإيمان في زمن العقل)، وآخر من تأليف (ريجيس جوليفيه) بعنوان (المذاهب الوجودية من كيركجورد الي جان بول سارتر).

وعلى رف (المنطق والفلسفة) في مكتبتي يصطف الكثير من الكتب .. أذكر منها: (هكذا تكلم زرادشت) تأليف: فريدريك نيتشه / (جمهورية أفلاطون: المدينة الفاضلة) تأليف: أفلاطون / (الوجودية منزع إنساني) تأليف: جان بول سارتر / (انتزاع السعادة) تأليف: برتراند راسل / (المعجزة السبينوزية: فلسفة لإنارة حياتنا) تأليف: فريدريك لونوار / (على مرتفعات اليأس) تأليف: إميل سيوران / (إرادة الاعتقاد) تأليف: وليم جيمس / (تاريخ الشك) تأليف: جينيفر مايكل / (التأملات في الفلسفة الأولى) تأليف: ديكارت / (ما الإنسان) تأليف: مارك توين / (تهافت الفلاسفة) تأليف: أبو حامد الغزالي / (تهافت التهافت) تأليف: ابن رشد / (ابن رشد) تأليف: عباس محمود العقاد / (All About Greek Philosophy) تأليف: Don Domonkos

من فعاليات الشهر: لا شيء جديد سوى أنني لا زلت أترقّب شحنة الكتب التي طلبتها من متجر نيل وفرات للكتب، والتي ستحمل لي أكثر من ستين كتاب.

تسلسل الكتاب على المدونة: 465

تاريخ النشر: فبراير 16, 2024

عدد القراءات:331 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *