مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب رغم قصره فهو عظيم المنفعة .. عن عبادة هي الأعظم في الدين الإسلامي بعد شهادة التوحيد.
يزخر الكتاب بنفحات من روحانية ما تجدد الطاقة الإيمانية للمحافظ على صلاته، وهو لا يتخلى عن المقصّر في حقها .. من يؤخرها أو يجمعها أو يتهاون في خشوعها أو لا يقيمها في الأساس! فيشحذ همته ليعزم أمره ويستدرك ما فاته من فضلها العظيم .. في أروع ما تكون النصيحة الخالصة، وفي ضرب الأمثال التاريخية والمعاصرة، ورسم المنهج السليم للحفاظ عليها، وغرس قيم التواضع والتقوى وحسن الظن بالله.
وعلى الرغم من المادة الدينية الصرفة للكتاب، فقد جاءت في قالب أشبه إلى حد ما ببرامج التنمية البشرية، لا سيما من خلال عرض المؤلف لتجربته الشخصية، وطرح المشكلة بمنهجية ابتداءً من الاعتراف بها ومن ثم التدرج في وضع ما يناسبها من حلول، واقتراح الحلول الواقعية والعملية التي تتمثل بشكل أساسي في الانضباط، والتشجيع على اتباع بعض العادات السليمة، كالاستيقاظ باكراً والمشي نحو المسجد، ومواجهة التحديات اليومية التي قد تعمل -رغم الصعوبات- على تجديد الإيمان، كحكمة كامنة .. كل هذا في لغة واضحة وسلسة وإيجابية، تعتمد أسلوب الترغيب بصورة أوضح، وهو الأسلوب الذي غفل عنه الكثير من دعاة الدين لصالح أسلوب الترهيب الذي ما عاد يُجدي في حال المفاضلة بين الأسلوبين!.
وبينما يُقرأ الكتاب من عنوانه، جاءت صفحة المحتويات مفصّلة في خمسة عشرة موضوعاً للبحث في تساؤل الكتاب الرئيسي الذي جاء كعنوان فرعي له بـ “لماذا يحافظ البعض على الصلاة بينما يتركها الكثير؟” .. وهي كما يلي:
… ومن حكمتها، أسرد على طريقة رؤوس الأقلام في الأسطر التالية، ما علق في روحي منها بعد القراءة، وقد حصد بها الكتاب رصيد أنجمي الخماسي كاملاً:
ومن عبق الروحانية، أقتبس في نص خاشع ما ورد في الصلاة التي ينهزم أمامها كل سوء (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
“أحب دائماً أن أذكر نفسي بعبارة (إلا المصلين) وهي الآية التي وردت في سورة المعارج: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ). فكلما شعرت بالحزن أقول (إلا المصلين) فالحزن لن يستطيع أن ينال مني ما دمت أصلي، وعندما يضيق صدري أقول (إلا المصلين) فأطمئن أن الله تعالى سيشرح صدري ما دمت أصلي، وحين يصيبني التعب أقول (إلا المصلين) لأن الصلاة قوة، وكلما أسبغ الله علي من نعمه أقول (إلا المصلين) فأتذكر أن الفضل كله الله تعالى”.
على الهامش، أستحضر وأنا أنشر هذه المراجعة حملة التشويه المغرضة التي طالت الكتاب باعتباره يحمل في مادته من التصوف وعلم النفس وعلم الكلام وأسماء بعض الرموز ما يجعله بدعة وجب التحذير منه! وقد تمكّن أصحاب ذلك الفكر الظلامي من منعه رسمياً في بعض الدول الإسلامية. ولقد صادفت أحد أصحاب دور النشر في معرض للكتاب بإحدى المدن العربية حين استفسرت عما دار في منعه، فأفاد بأن تلك المحاولات بائت بالفشل وها هو يُعرض رسمياً في المدينة الراعية للمعرض .. وبعد أن حصلت عليه، قرأته من الجلدة إلى الجلدة في جلسة واحدة كانت كفيلة بشحذ طاقتي بالبركة، فوق البركات والرحمات المتدفقة في استهلال العشر الأواخر من رمضان عام 1441 .. لم أدع الخير يقف عندي، فقررت فيما بعد أن اشتري منه نسخاً كثيرة بغرض التوزيع الخيري .. وفعلت! وإنه بالفعل يستحق.
ختاماً، يروى في الأثر أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .. وإن هذا الكتاب خير معين!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (26) في قائمة احتوت على (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو أول كتاب اقرؤه في شهر مايو من بين سبعة كتب .. وقد حصلت عليه في نفس العام من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية ضمن (90) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!.
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على تدوين بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (مايو)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
“يُختم شهر رمضان المبارك .. مع استمرار الحجر الصحي“.
تسلسل الكتاب على المدونة: 209
تاريخ النشر: مايو 26, 2022
عدد القراءات:489 قراءة
التعليقات