♥
وفي يونيو من عام 2024
أي بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على افتتاح مدونتي
أصبحت مدونتي تضم مراجعات كتابية
عن 500 كتاب
♥
مع خالص الشكر لأصدقاء الكتب على الدعم والمتابعة
♥
اقرأ
لا
لأنني
زاهدة
في
الحياة
لكن
لأن
حياة
واحدة
لا
تكفيني
♥
ليست رواية كما يعرض الغلاف الأول، بل أقرب إلى سيرة ذاتية ضمّنها الكاتب -والذي يُلقّب بملك الشعراء الداغستانيين بلا منازع- حب وطنه عن أي حديث آخر! إنه كتاب تسكنه حكايات كتلك التي يرويها الأجداد للأحفاد، تتعمق به حكمة تعلّم ما الحياة، يفصح عن عشق يحتضن وطن بسمائه بتراب أرضه، يتفتّق عن شعر فيه الجبل ينحني للجبليين، يرسم حلماً ينثر عطراً يخلّد أناساً ماتوا وتركوا أثراً .. هنا الحب والشعر والجبل والماء والدرب والحقل والزهر والناس والأرض والسماء .. هنا شاعر من داغستان!
إنه رسول حمزاتوف (1923 : 2003)، المولود في قرية تسادا الواقعة في جمهورية داغستان في منطقة القوقاز جنوب الجزء الأوروبي من روسيا، ووالده هو شاعر داغستان الأشهر حمزة تساداسا، وقد أسماه (رسول) تيمناً بنبي الإسلام محمد ﷺ. وقد حصل على العديد من التكريمات الأوسمة والجوائز المحلية والعالمية عن إصداراته الأدبية والشعرية.
لكن! ورغم ما سبق، فقد جاء حديث الشاعر إنشائياً معاداً مكرراً حدّ الإسراف، محشواً بقصص التراث الشعبي، وأمثاله وأساطيره، وبطولات رجال داغستان، وروايات حياته، وما لقّنه والده من حكمة، وكيف أراد أن يكتب كتابه ….، يشفع له في ذلك كله عاطفته التي بدت صادقة في عشق وطنه وحب شعبه!
يضم الكتاب مجلدين، يسرد فيهما الشاعر كل ما جال في خاطره عن وطنه، ما قد يجعل تصنيفه في (أدب الرحلة) أكثر دقة ضمن التصنيفات الأخرى التي قد تسعه. وهما بمحتواهما كما يلي:
ومن جميل الكتاب الذي كتبه الشاعر بلغته الآفارية (Мой Дагестан – By: Расул Гамзатов)، والتي يتحدث بها ثلاثمائة ألف نسمة فقط يقطنون الجبل، أقتطف زهرات جبلية، وأقتبس في نص جبلي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
“داغ تعني الجبل، وستان تعني البلد، فداغستان هي بلد الجبال، البلد الجبل، البلد الجبلي، البلد الأبي .. هي داغستان.
مثل طفل يتعلم التهجي
لا أسأمُ، تمتمة، تردادً، قول:
دا – غـــ – ســـتان، دا – غـــ – ســـتان
من وماذا؟ داغســـــــــتان
عمن؟ عنها دائماً
وطن لداغســـــــــتان”
“أتطلع إلى أعلى، فأرى السماء المنسوجة من شمس ومطر، ومن نار وماء .. وكانت أمي تقول لنا دائماً: إن داغستان ذاتها خُلقت من نار وماء أثناء النوم”.
“الأم الأولى هي داغستان .. هنا ولدتُ، وهنا سمعتُ لأول مرة لغتنا الأم، وتعلمتها فدخلت في لحمي ودمي، وهنا سمعتُ لأول مرة أغانينا ولأول مرة غنيت، هنا أحسستُ لأول مرة بطعم الماء والخبز، ومهما يكن من أمر الجروح التي كنت أصاب بها وأنا أتسلق الصخور الحادة، فقد كانت مياه أرضنا وأعشابها تشفيها كلها، يقول الجبليون: ليس هناك مرض ليس له في جبالنا عشب يشفيه”.
“الجبليون صبورون جداً في شجارهم. يتبادلون الكثير من الكلمات المسيئة، لكنهم يصبرون ويردون على كلمات الإساءة بكلمات تناسبها، ويجري الأمر على هذا المنوال مادامت كلمات الإساءة تمس المتشاجرين ذاتهم، والويل الويل إذا مُس شرف الأم أو شرف الأخت بكلمة غير مقصودة، غير حذرة، وقتها يتفاقم الأمر وتستل الخناجر! داغستان أنت أم بالنسبة لي، فليذكر هذا كل من يضطر إلى نزالي. يمكن الإساءة إليّ بأي كلمة، وسأحتمل. لكن لا تمسوا بلدي داغستان! داغستان حبي وقسمي .. دعائي وصلاتي. أنت وحدك الموضوع الرئيس لكل كتبي ولكل حياتي”.
جاءت ترجمة الكتاب -التي اشترك بها مترجمين- أخاذة، باستثناء بعض المفردات الغريبة، مثل: صفحة (23): ولا أرى محادل / صفحة (25): على رأسي قلبق / صفحة (44): حين يصنعون الأوربيتش / صفحة (212): أي محجن / صفحة (247): يلقي أعقاب سكايره / صفحة (293): ابنة الخنكل / صفحة (416): المموسق
ورغم رأيي السابق في الكتاب الذي حظي باثنتان من رصيد أنجمي الخماسي، فإن دار النشر تتفرّد بتميّز خاص ضمن دور النشر العربية ما يجعلها المفضّلة لدي، والتي تحظى مكتبتي بمجموعة لا يستهان بها من إصداراتها الثرية.
وأختم بأمنية الشاعر التي وجدتها تهمس لحلم يختبئ في أعماق روحي “آه! كم أود لو تسقط مني -على قصاصة ورق- كلمات .. تتحول الورقة بفعلها كما يفعل ماء الحياة إلى شجرة خضراء يانعة، كتلك الشجرة التي صُنعت منها هذه الورقة”.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً من المفكّرة: جاء تسلسل الكتاب (4) في قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لهذا العام .. 2022، وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
أنشطة شهر فبراير: ومع هذا الكتاب، قرأت ستة كتب أخرى.
تسلسل الكتاب على المدونة: 336
تاريخ النشر: أغسطس 16, 2022
عدد القراءات:993 قراءة
التعليقات