مراجعة صوتية .. كتاب / تاريخ القراءة
“التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة”.
….. هكذا، ينتقل ألبرتو مانغويل -والطموح يملأ قلبه- من حكايته كقارئ، إلى القراءة كتاريخ عريق ارتبط به.
كتاب تأريخي يتحدث عن الحملات التبشيرية التي توافدت على أرض العراق نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهو عبارة عن مجموعة من الترجمات لعدد من التقارير التي تم نشرها في المجلة الدورية للإرسالية الأمريكية تحت عنوان (الجزيرة العربية المنسية)، في تلك الفترة.
يضم الكتاب أيضاً عدد من الحكايات التي سطّرها المبشّرون في رحلاتهم وأعمالهم وأنشطتهم ومغامراتهم على أرض العراق، بالإضافة إلى آرائهم وانطباعاتهم عن الفرد العراقي والبيئة العراقية ككل، مع عدد من الصور التوثيقية!.
يؤلف الكتاب (خالد البسّام 1956 : 2015)، وهو كاتب ومؤرخ بحريني، درس اللغة الإنجليزية في جامعة أكسفورد في بريطانيا، واللغة الفرنسية في جامعة فيشي في فرنسا، وتقلّد منصب رئاسة التحرير لعدد من الصحف والمجلات الخليجية وكمراسل لجريدة الحياة اللندنية، وترك ما يربو على الثلاثين إصدار تنوعّت بين تاريخ الخليج العربي وسير الأعلام والساسة وعدد من الروايات.
لم يعرض الكتاب صفحة لمحتوياته رغم أنه جاء بعشرين موضوعاً تحمل عناوينها عبارات جاء بعضها على ألسنة أولئك المبشرين، أعرضها كما يلي .. وقد حظي معها الكتاب بثلاث أنجم من رصيد أنجمي الخماسي:
ومن أصداء الثرثرة ما تردد في ذهني ودوّنته بقلمي كما يلي، مع اقتباس في نص من زرقة دجلة (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
تثير فكرة التبشير حفيظتي إجمالاً، لا سيما إن أتت على أرض عريقة عراقة التاريخ في تنوع حضاراتها واختلاف أديانها، والأدهى أن يستهدف نشاط التبشير معتنقي الدين الإسلامي تحديداً .. وقد كان نصب عيني وأنا اقرأ عن جهودهم المقدسة -كما يزعمون وتلك أمانيهم- الآية الكريمة: “قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ”.
يثير الكاتب الشجن في نهاية مقدمته حينما قارب بين تاريخ العراق وشبّه ماضيه بحاضره وأمسه بيومه! فقبل مائة عام مضت، غزى أرض الرافدين طلوع المبشرين برؤوس أموال غير مكلفة، قادمين بأدوات بسيطة كالطباشير والكراسات والمشارط الطبية، مع مئات الآلاف من نسخ الإنجيل، بحجة تحرير أهل العراق من داء التخلف الإنساني العضال! واليوم، وبعد مضي تلك المائة عام، انطلقت الجحافل من نفس منصة الانطلاق على أرض الأمة الأمريكية اللقيطة متجهة من جديد إلى أرض الرافدين، ولكن بحمولة مدججة بالسلاح الفتّاك والعتاد الثقيل، إذ أنه غزو من أجل تحرير أهل العراق من الديكتاتورية .. في هذه المرة. فيقول كلمة تركها لله وللتاريخ: “من فرق تبشير أمريكية لا تملك سوى حماس نشر الديانة المسيحية والحضارة الغربية وسط بسطاء العراق عبر أدوات مثل كتب الإنجيل ومشارط الطب وطباشير التعليم، تغير «الغزاة» بعد عشرات السنين إلى غزاة آخرين من نفس البلاد .. اليوم جاءوا بجيوش جرارة (لتحرير) العراقيين من «الديكتاتورية» ونشر «الحرية». من فرق التبشير إلى غزاة الجيوش المتطورة مضت الآن أكثر من مائة عام بين غزو وغزو، بين تبشير بديانة إلى غزو عسكري يمتلك كل التكنولوجيا والقوة والمال”.
بين غزوة وأخرى .. تناثرت الحكايات والروايات والمآسي والمغامرات، ترجمها الكاتب بـ (ثرثرات) فوق دجلة .. ولا تزال الثرثرات مستمرة وبألسن مختلفة .. وإن الليلة بالفعل .. بالبارحة أشبه!.
تم نشر المراجعة على: صحيفة المشرق العراقية في 26 اكتوبر 2022 – صفحة (10)
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (4) في قائمة ضمت (52) كتاب قرأتهم عام 2018 تتضمن كتابين لم أتم قراءتهما، وهو رابع كتاب اقرأه في شهر يناير من بين ستة كتب، وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية منذ أعوام مضت، ضمن مجموعة غنية تحكي تاريخ العراق.
تسلسل الكتاب على المدونة: 43
تاريخ النشر: أبريل 1, 2021
عدد القراءات:955 قراءة
التعليقات