الكتاب
العقل ضد السلطة: رهان باسكال
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Raison contre pouvoir: Le pari de Pascal - By: Chomsky Noam / Bricmont Jean
المترجم/المحقق
عبدالرحيم حزل
دار النشر
التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2014
عدد الصفحات
168
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
04/26/2024
التصنيف
الموضوع
العقل كل ما نملك .. حسب مفكّر أمريكي
درجة التقييم

العقل ضد السلطة: رهان باسكال

حديث فكري متعمق يشوبه الكثير من التعقيد .. في السياسة والتاريخ والفلسفة والاجتماع وصراعات الإنسان وتحدياته في الحياة ككل! قد يعود التعقيد إلى المقام الفكري المميز الذي يحظى به المفكر إضافة إلى نظرته التحليلية التي تعني بفلسفة الأشياء، وحصيلته الثقافية الغنية التي قد تبدو مبهمة لدى محدودي الثقافة!

وبينما تطرّق الكتاب إلى عدة مواضيع، فقد احتل الأول منها عنوان الكتاب، وحيث بدأ المترجم مقدمته بفك شفرة (رهان باسكال) فيه! إنه ذلك الرهان الذي يضع الإنسان في موقفه من الإيمان أمام خيارين لا ثالث لهما: (مؤمن بالله) .. فلا يخسر شيئاً إن كانت الحقيقة خلاف ذلك. (منكر لله) .. فيخسر خسارة عظيمة إن كانت الحقيقة خلاف ذلك! وعليه، يكون من المرجح دوماً غلبة الإيمان على النكران، وذلك بالقطع تحت ظرف تحكيم العقل وحده. بيد أن عالم اللسانيات والمؤرخ والفيلسوف والناشط السياسي الأمريكي (نعوم تشومسكي) يعمد إلى تغيير هذا الرهان أثناء حواره، فهو رهان عرضة للتغير وفقاً لخيارات متاحة، إما بالتمسك بالأمل والعمل بجد نحو تحقيق ما هو أفضل، أو الاستسلام لليأس حيث الدفع نحو مزيد من السوء!.

وعن توطئة المحاور (جون بريكمون)، فيظهر فيها الكتاب ككل بمثابة عرض واف لمسيرة المفكر الأمريكي، لا سيما في جوهر اعتقاده بالعقل كقوة لا يملك الإنسان سواها، أو على حد تعبيره “إن العقل هو كل ما نملك”، وذلك خلافاً لكثير من مفكرين عصره الذين استغنوا عن هذه القوة باعتبارها قوة قمعية في حد ذاتها .. كما أن التقدم في نظر المفكر، والذي من علاماته (الديمقراطية والحرية الفردية وحقوق الأقليات وتحرير المستعمرات)، هو في حقيقته نتاج لحركة النقد العقلي، الموضوعي والتنويري والتحرري.

ومن الكتاب الذي أخذ واحدة من رصيد أنجمي الخماسي، وجاء في ترجمة متقنة من نصه الأصلي (Raison contre pouvoir: Le pari de Pascal – By: Chomsky Noam / Bricmont Jean) أقتبس (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) رد المفكر الأمريكي على سؤال محاوره فيما خصّ معارضة الحرب على العراق قبل اندلاعها، مقابل الحرب على فيتنام التي لاقت معارضة بعد اندلاعها .. غير أن الحرب التي كانت لا تزال دائرة في العراق، وامتدت حتى شملت أفغانستان وباكستان (أفباك) تثير استغراباً ما، إذ ما كان أصل تلك المعارضات والاحتجاجات والمظاهرات؟ ولم بهت صوت الرأي العام لا سيما أمام قيادة رئيس ينتمي إلى التقدميين الذين يميلون في العادة إلى معارضة الحروب؟

  • يجيب المفكر بخصوص (فيتنام) فيقول:

عندما تحدث كينيدي عن هجوم كاسح على جنوب فييتنام في سنة 1962 لم يكن في الإمكان استبيان الاحتجاج عليه. لقد كان احتجاجاً في غاية الضعف، ولاسيما أن تلك الأحداث كانت لمّا تُعرف بعد، وما كان يعرف بها غير المتخصصين. ثم صارت معارضة الحرب في تزايد بوتيرة بطيئة خلال السنوات التي بعد؛ وقت أن قام مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين بتخريب جنوب فييتنام. فقد كان الدمار مهولاً بحيث لم يتمالك كبير المتخصصين في فييتنام، المؤرخ العسكري برنار فول نفسه أن يطلق ذلك التحذير الذي قال فيه: «إن فييتنام من حيث هي كيان ثقافي وتاريخي قد باتت مهددة بالإبادة»، بينما في الجنوب كانت القرى تموت حقيقة لا مجازاً، بالضربات تنزلها بها أكبر آلة عسكرية لم يسبق لها أن أعملت في مثل هذا النطاق». حدث ذلك قبل أن تنطلق أولى المظاهرات الكبرى”.

  • ويجيب بخصوص (العراق) فيقول:

“وأما الحرب على العراق فلم تبلغ قط هذا المبلغ، وزيادة على ذلك، فبفضل المعارضة الداخلية، وخاصة بفضل المقاومة الشجاعة غير العنيفة داخل العراق، صارت واشنطن مجبرة على التخلي شيئاً فشيئاً عن مشاريعها الرامية إلى جعل العراق إقطاعية تابعة لها. ولقد أجبر بوش قبل عام على القبول باتفاقية وضع القوات والتخلي عن أهدافه الرئيسية التي سبق له أن عبر عنها بوضوح بضعة أشهر قبل. ولن يكون من السهل أن يقع الإقرار بهذا النصر للمقاومة السلمية، ولكن مهما يكن من أمر فلا بد من الإشادة بهذه المقاومة باعتبارها «نصراً كبيراً». وهو أمر وعاه الملاحظون أكثرهم اطلاعاً أمثال المراسلين البريطانيين باتريك كوكبورن وجوناثان ستيل. وها إن الولايات المتحدة قد صارت اليوم ملتزمة، ولو على الورق، بتفكيك قواعدها العسكرية الهائلة في العراق وسحب قواتها منه ويسعى أوباما في الوقت الراهن في منع الحكومة العراقية من إنجاح الاستفتاء على سحب تلك القوات فبذلك تُلزمه من الناحية القانونية اتفاقية وضع القوات. ولو أردنا تفسير السبب في أبسط ما يكون فيمكن القول إن إدارة أوباما تخشى أن يرفض العراقيون اتفاقية وضع القوات ويدعوا إلى الانسحاب الفوري لتلك القوات”.

  • ويختم فيجيب بخصوص (أفغانستان وباكستان) ويقول:

 “وأما «أفباك» فقضية أخرى مختلفة. فقد زعمت الولايات المتحدة، لتبرير اجتياحها للعراق أنه ينتج أسلحة للدمار الشامل، ويتعاون مع القاعدة لاستهداف الولايات المتحدة بهجوم نووي. وصرحت كوندوليزا رایس، الحمامة داخل إدارة بوش، علناً أن الحدث الوشيك الذي كان صدام حسين يهيئه لنا هو استهدافنا بسحابة ذرية. ثم انهارت الذرائع في حالة العراق. لكن الرأي العام الأمريكي بقي على قناعته أن علينا أن نحمي أنفسنا من الإرهابيين في «أفباك». ولئن ظلت الأنتلجنسيا على عادتها ولم تفرط فيها، فلقد انحازت إلى العقيدة الرسمية كما فعل السواد الأعظم منها خلال حرب فييتنام على الرغم مما زعم أفرادها في ما بعد. وذلك كان السبب في ضعف الاحتجاجات المنظمة. ثم إن اجتياح «أفباك» لم يسفر عن مثيلة للنتائج الكارثية التي نجمت عن اجتياح العراق وفييتنام“.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (39) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو في الترتيب (9) ضمن قراءات شهر ابريل الذي قرأت فيه (13) كتاب. وعن اقتنائه، وقد حصلت عليه من متجر جملون الإلكتروني للكتب العربية في يوليو من عام 2020، ضمن (50) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.

وعلى رف (الفكر والحياة) في مكتبتي، عدد يتجاوز (70) من الإصدارات، منها قديم ومنها حديث .. أذكر منها: (محنة الإنسان بين العلم والفلسفة والدين) – تأليف: د. علي الجابري / (الروح والجسد) – تأليف: د. مصطفى محمود / (مهزلة العقل البشري)- تأليف: د. علي الوردي / (عصام الدين حواس) – تأليف: يا سكان الأرض اتحدوا / (يوميات) – تأليف: عباس العقاد / (أبي آدم: من الطين إلى الإنسان) – تأليف: د. عمرو شريف / (العبودية المختارة) – تأليف: إتيان دو لا بويسي / (أشهر 10 خرافات حول التطور) – تأليف: كاميرون سميث و تشارلز سوليفان / (اختلال العالم: حضاراتنا المتهافتة) – تأليف: أمين معلوف / (عصر العلم) – تأليف: أحمد زويل / (العنف والمقدس) – تأليف: رينيه جيرار / (الجهل المقدس: زمن دين بلا ثقافة) – تأليف: أوليفييه روا / (الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي) – تأليف: وائل حلاق / (بحث في اللاهوت السياسي) – تأليف: باروخ سبينوزا / (إرادة القوة) – تأليف: فريدريك نيتشه / (الثقافة والإمبريالية) – تأليف: ادوارد سعيد / (امرأة تحدق في الشمس) – تأليف: د. نوال السعداوي / (دروب لا تفضي إلى أي مكان) – تأليف: مارتين هايدغر / (الحب والعدوان: بين الغريزة والتسامي) – تأليف: بيير بيرني وغابرييل موزير / (الإنسان العاري) – تأليف: سعيد بنكراد / (دفاعاً عن الجنون) – تأليف: ممدوح عدوان / (رقصة الحياة: الزمن الثقافي والزمن المعيش) – تأليف: إدوارد هول / (تاريخ الفكر الصيني) – تأليف: آن شنغ / (ثلاثة عشر شيئاً غير مفهوم) – تأليف: مايكل بروكس / (ضلع الانسانية الاعوج: فصول في تاريخ الأفكار) – تأليف: إزيا برلن / (أخلاقيات عالمنا الواقعي) – تأليف: بيتر سينغر / (لماذا الحرب؟) – تأليف: سيغموند فرويد و ألبرت أينشتاين / (حقيقتنا المطلقة: الحياة والكون وقدر الإنسان) – تأليف: إدريان كوبر / (نهاية الإيمان: الدين والإرهاب ومستقبل العقل) – تأليف: سام هاريس / (الكل يكذب) – تأليف: سيث ستيفنز

من فعاليات الشهر: يقابله في العام الهجري 1445 ما تبقى من شهر رمضان المبارك وعيد الفطر في العاشر منه .. وفي هذا الشهر عادة انقطع عن القراءة، غير أنني تمكّنت في هذا العام من استقطاع وقتاً يسيراً للقراءة، وكان مثمراً.

تسلسل الكتاب على المدونة: 489

تاريخ النشر: مايو 2, 2024

عدد القراءات:236 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *