الكتاب
لا تصدق الكذبة: فلسفة الحب في زمن الكراهية
المؤلف
المترجم/المحقق
كنان القرحالي
دار النشر
دار كلمات للنشر والتوزيع
الطبعة
(2) 2018
عدد الصفحات
158
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
04/06/2019
التصنيف
الموضوع
حكمة متصوف هندي في النفس وفي الحياة
درجة التقييم

لا تصدق الكذبة: فلسفة الحب في زمن الكراهية

كتاب يعبّر عن حكمة بالغة تتجلى من خلال كلمات رشيقة تتطاير كالفراش حول صاحبها، وتقترب أكثر من النور الذاتي للروح الكامنة في أعماقه، في محاولة للتغيير الجذري شيئاً فشيئاً، ونبذ الحرص الساذج على التماهي مع ما هو سائد في الوعي الجمعي من آراء وأفكار وتوجهات تم سكبها في قوالب نموذجية مسلّم بها، هي ليست بالضرورة كذلك!.

وعن المؤلف، فهو الفيلسوف (جدو كريشنا مورتي 1895 : 1986)، الذي يعود نسبه إلى أبوين براهمانيين كانا يعيشان في جنوب الهند، فينشأ هناك، وتظهر عليه توجهات نحو الصمت والتأمل والتفكر وهو لا يزال صغيراً، فما أن يكبر قليلاً حتى ينضم إلى منظمة صوفية ينتهي به المطاف كزعيم وكمعلم روحي لها .. وللفيلسوف سلسلة من المحاضرات المعروضة على شبكة المعلومات العالمية، يتابعها الكثير من المريدين حول العالم.

يعرض فهرس الكتاب مائة وخمسة عشر موضوعاً ممتد فوق ست صفحات، يحظى معها الكتاب بثلاثة أنجم من رصيد أنجمي الخماسي، والذي استعرض ما جال فيه من خلال الأسطر التالية:

  • يتمحور الكتاب الفلسفي الذي جاء مبسّطاً حول الروح الكامنة في أعماق الإنسان سعياً للارتقاء بها، فيستعرض الحكيم سلسلة من المواعظ التي تحض على الإيمان بالذات أولاً والسعي لإحداث التغيير من الداخل، من خلال فهم العقل، ونبذ مشاعر الخوف والقلق والغضب والملل، ونبذ التشبّه بالآخرين، مع التأكيد على أهمية الشعور بالأمان وعلى أن الحرية هي شرط أساسي للحياة، وهو في هذا لا يغفل عن التنبيه بخطر التكنولوجيا كمسبب جيد للفراغ، فهو بالتالي يحض على ملء الفراغ بما هو خير منه. ويستمر في بث الكثير من الأنوار التي من شأنها استخلاص خير الإنسان في سبيل خير الحياة .. فما الإنسان سوى الأنا والمجتمع والدولة.
  • على الرغم من القيمة الروحية للفلسفة المعروضة، فإن الكتاب يحوي بعض الأفكار التي قد يشوبها شيء من الرؤية الشخصية أو الغموض أو الخلاف! فعلى سبيل المثال، يعتقد الفيلسوف في موضوع: (الحزن والفكر – صفحة 92) أن عملية التفكير لا تنهي الحزن، وهو يطالب في موضوع: (الوعي – صفحة 95) بتنحية العقل الواعي واللاواعي كمحاولة لإدراك الحقيقة، وهو أمر يصعب تطبيقه بطبيعة الحال. وفي موضوع: (التحرر من الذات – صفحة 100) يرى أنه من الممكن للإنسان إدراك حقيقته بالكلية من خلال إمعان النظر في محيطه دون القيام بأي رد فعل على الإطلاق. أما في موضوع: (الوقوف عند حقيقة الذات وعدم الهروب منها – صفحة 131) فيعرب عن استغرابه محاولة الإنسان الدائبة التخلص من شعور الأسى أو كسر ملله بنشاط ما، إذ ينصحه بدلاً من هذا أن يعيش حقيقة واقعه وحزنه وملله، وذلك لأن الانخراط في أنشطة ما بغية التعويض لا يعود سوى بالضرر على نفسه وعلى من حوله وعلى المجتمع ككل.
  • جاءت موضوعات الكتاب بشكل عام في تسلسل منطقي مقصود، بحيث تم التطرق إلى فكرة ما من خلال عدد من الموضوعات تباعاً واحدة تلو الأخرى، الأمر الذي لم يخلُ من شيء من التكرار في طرح الفكرة بشكل متفرّق، وذلك على الجانب الآخر من فائدتها. كذلك، جاءت ترجمة الكتاب سلسة وبمفردات بسيطة وواضحة تحمل معنىً مباشراً للفكرة، ما ينمّ عن إلمام جيد لفلسفة الحكيم لا مجرد ترجمة كتاب وحسب، كما هو الحال الآن في العديد من الكتب المترجمة ضمن المكتبة العربية.

ومن جميل ما ورد في الكتاب القصير، أقتبس ما تحدث به الحكيم في لغة صوفية عن الحزن كشعور ملازم للذات الإنسانية وقد جاء تحت عنوان (ضحية الحزن)، في نص روحاني (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، كما يلي:

“عاش الإنسان لمليوني عام وربما أكثر، لكنه لم يحل مسألة الحزن، وهو دائماً ضحيته! لديه حزن يرافقه كظله أو صديقه المقرب، حزن لفقدان أحدهم أو لعجزه عن تحقيق طموحاته، أو بسبب جشعه أو طاقته أو نتيجة ألم جسدي أو قلق نفسي أو إحساس بالذنب أو شعور باليأس. ولطالما حاول حل هذه المشكلة من خلال تجنبها أو الهروب منها أو قمعها، أو من خلال تعريف نفسه بشيء أكبر من ذاته، أو باللجوء إلى إدمان الكحول أو إلى النساء، أو بفعل كل ما يمكنه فعله لتجنب هذا القلق والألم واليأس، وهذه الوحدة العميقة والسأم الشديد من الحياة. وتحدث كل هذه المحاولات ضمن إطار الوعي الذي هو نتيجة الزمن”.

رغم ما سبق، فإن العلوم الروحية كالفلسفة والتصوف والتأمل والاستبصار تكون عادة محل أخذ ورد بين آراء مؤيدة وأخرى معارضة، يعود ذلك لأسباب عديدة تتعلق بطبيعة النفس البشرية، وظروف النشأة والتعليم والبيئة المحيطة وغيرها من عوامل لا حصر لها.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (22) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو ثاني كتاب اقرأه في شهر ابريل من بين سبعة كتب .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2018 ضمن (140) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض. وعلى أرفف مكتبتي، يصطف كتاباً آخر للفيلسوف إلى جانب هذا الكتاب، بعنوان (الحياة ليست سينما) .. لا يخلو كذلك من حكمة.

ومن فعاليات الشهر: كنت أحاول قراءة ما أمكنني من الكتب وذلك لحلول شهر رمضان المبارك في الشهر التالي له، وهو الشهر الذي انقطع فيه لما ينبغي له من طاعة بعيداً عن أية ملهيات، والتي اعتبر القراءة من ضمنها في هذا الظرف الروحاني تحديداً.

تسلسل الكتاب على المدونة: 142

 

تاريخ النشر: أبريل 23, 2022

عدد القراءات:773 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *