♥
وفي يونيو من عام 2024
أي بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على افتتاح مدونتي
أصبحت مدونتي تضم مراجعات كتابية
عن 500 كتاب
♥
مع خالص الشكر لأصدقاء الكتب على الدعم والمتابعة
♥
اقرأ
لا
لأنني
زاهدة
في
الحياة
لكن
لأن
حياة
واحدة
لا
تكفيني
♥
على قدر ما حمل الكتاب من أشكال الرعب وبواعث القلق ولواعج الحزن وصور أخرى تثير التقزز لا محالة، فهو كتاب علمي جاء في لغة مبسطة حول الجسد البشري، والذي كشف عن مدى النفع الذي من الممكن أو حتى من غير المتوقع لجثمان بشري أن يقدمه، ما قد لا يخطر على بال أي إنسان عادي!
لقد تبيّن أنه مع كل إجراء جراحي ابتكره الطب من زراعة القلب إلى تغيير الجنس، قد كانت الجثث تجاور الجراحين طوال الوقت “تصنع التاريخ بطريقتها الهادئة والمميزة” .. أو ربما على طريقة (الجندي المجهول)!. فعلى مدار القرنين الماضيين، ساهمت الجثث -جبراً أو اختياراً- في أكثر التجارب العملية شجاعة وغرابة! فلقد كانت هناك في فرنسا مع أول اختبار للمقصلة كبديل عن الإعدام شنقاً .. وكانت في مختبرات روسيا مع الذين قاموا بتحنيط الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين .. كما كانت حاضرة في تقارير الكونجرس الأمريكي تدعم الحجة حول إلزامية استخدام حزام الأمان .. كما صعد أجزاء منها إلى الفضاء الواسع عبر رحلة مكوك فضائي .. وقد صُلبت مرة أخرى في مختبر فرنسي من أجل التأكيد على أصالة كفن مقدس.
نعم، هكذا تؤكد مؤلفة الكتاب الأمريكية المتخصصة في تناول الأمور العلمية، الغريبة والشاذة .. فالجثث البشرية تفعل كل تلك الأشياء، وهي “في مقابل خوض تجاربها هذه، توافق الجثث على الخضوع لكمية كبيرة من الممارسات المقززة والقاتمة. تُقطع أوصالها، وتبقر أحشاؤها، ويُعاد ترتيبها. ولكن المهم هنا أنها لا تكابد المشاق. الجثث أبطالنا الخارقون، تتحدى النار دون أن تتراجع، وتصمد أمام السقوط من المباني الشاهقة، وتصادم السيارات بالجدران! يمكنك إطلاق النار على الجثث، أو تمرير زورق سريع على أرجلها، ولن يزعجها ذلك. يمكن نزع رؤوسها دون إضرار بها. يمكن أن تكون في ستة أماكن بوقت واحد. ولو أخذت وجهة نظر سوبرمان، فإنَّه من العار هدر هذه القوى، وعدم استغلالها في تحسين النوع البشري”.
تعرض صفحة المحتويات اثنا عشرة موضوعاً والتي عرضت لحقائق علمية وثقافية وتاريخية عن الجثث البشرية مع قدر من الفكاهة، يحصد بها الكتاب رصيد أنجمي الخماسي كاملاً .. وهي كما يلي:
ففي دهاليز الحياة المريبة التي جعلت للجثث البشرية سيرة ذاتية واحدة، محطات! فهناك وسط مشرحة في إحدى كليات الطب، مقلاة فرن جمعت أربعين رأساً منها، تجمّع حولها جراحو تجميل وتقاسم كل اثنان منهم رأساً واحدة يتدربان على عملية شد الجفون .. في حين راجت في أوروبا القرن التاسع عشر تجارة خطف الجثث على يد عصابات جشعة من أجل توريدها لعلماء التشريح الذين لم يظهر الكثير منهم آنذاك أي ندم في تقطيع أوصالها فور استلامها .. وخلف مركز طبي لجامعة حديثة، حديقة شاسعة غنّاء يتقافز بين أغصانها السناجب، في حين يستلقي على تلالها الخضراء وتحت شمسها الساطعة جثث على ظهورها، تمكّث أياماً ليتمكن الطب الجنائي من معاينة تحللها الكيميائي والبيولوجي تدريجياً .. أما المهندسون الحيويون ومصنّعو السيارات معاً، فقد عرّضوا الجثث لحوادث سيارات مفتعلة، نجمت عن تهشّم وجوهها، وتكسّر سيقانها، وتهتكّ أعضائها الداخلية، وتمزّق أوعيتها الدموية، وإصابة قلوبها إصابات بالغة ….، ما فعّل من إلزامية أحزمة الأمان والأكياس الهوائية وأزرار لوحات القيادة، وغيرها من التشريعات المرورية .. لم يختلف الأمر مع الجثث وهي في السماء في تجارب تحاكي تحطّم الطائرات أو غرقها أو اصطدامها بمرتفعات أو انفجارها بفعل قنابل مزروعة على متنها .. فمع تفتت الجثث أو احتراقها أو تقطع أطرافها أو تحولها إلى أشلاء أو تشظيها بالكامل، قد أعطت دليلاً حياً على شدة الضرر الجسدي ودرجة العطل التقني، ومن ثم ابتكار أنظمة أكثر فعالية في السلامة ……، وهناك من المحطات (المروّعة) المزيد التي تجعل الأموات -بكل إخلاص- في خدمة الأحياء!
ومن الكتاب الفريد من نوعه والذي جاء عن ترجمة احترافية من نصّه الأصلي (Stiff: The Curious Lives of Human Cadavers – By: Mary Roach)، أدوّن ما علق في ذهني بعد القراءة، وباقتباس في نص حي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) إضافة إلى ما سبق:
ختاماً أقول: وكأن الجسد البشري وهو يجسّد عظيم صنع الخالق .. يأبى إلا أن يخدم البشرية حياً وميتاً.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (30) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهو في الترتيب (10) ضمن قراءات شهر مارس .. وقد حصلت عليه من متجر (بيت الكتب) الإلكتروني في ديسمبر العام الماضي، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.
وعلى رف (العلم) في مكتبتي، عدد متزايد من الإصدارات، فضلاً عن تلك القديمة التي انضمت إليها من مكتبة العائلة .. أذكر منها: (سين جيم) – تأليف: شريف العلمي / (مثلث برمودا) – تأليف: خليل فضل عبود / (الكوارث: الموت الآتي من الأرض والفضاء) – تأليف: أديب أبي ضاهر / (أغرب من الخيال: سر الأطباق الطائرة) – تأليف: راجي عنايت / (أمور لا تصدق) – تأليف: مايك باركر / (الثقوب السوداء والأكوان الناشئة) – تأليف: ستيفن هوكينج / (شرخ في التكوين) – تأليف: د. جنفر داودنا / (حتى نهاية الزمن) – تأليف: برايان جرين / (نظام الزمن) – تأليف: كارلو روفيللي / (قصة الأصل) – تأليف: ديفيد كريستيان / (مبدأ الريبة) – تأليف: ديفيد لندلى / (عن هذا الكون الفسيح: حقائق عن الكون، والظهور الأول، ونطاق العِلم) – تأليف: نيل دغراس تايسن / (نرد أينشتين وقطة شرودنجر) – تأليف: د. بول هالبرن / (طبيعة العالم الفيزيائي: النظرية النسبية ونظرية الكم وأسئلة الإنسان الكبرى) – تأليف: سير آرثر ستانلي إدنجتون / (عالم الرياضات العجيب) – تأليف: جين أكياما
من فعاليات الشهر: يقابله في العام الهجري 1445 شهر رمضان المبارك، والذي انقطع فيه عادة عن القراءة، غير أنني تمكّنت من استقطاع وقتاً يسيراً للقراءة في هذا العام، وكان مثمراً.
تسلسل الكتاب على المدونة: 480
تاريخ النشر: أبريل 1, 2024
عدد القراءات:373 قراءة
التعليقات